ومضة قلم

النسيج تراث ومصدر جذب سياحي

| محمد المحفوظ

إقامة‭ ‬مصنع‭ ‬للنسيج‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬بني‭ ‬جمرة‭ ‬كان‭ ‬حلما‭ ‬يسكن‭ ‬ذاكرة‭ ‬الأهالي‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬حتى‭ ‬رأى‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬النور‭ ‬وتم‭ ‬الافتتاح‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الشيخة‭ ‬مي‭ ‬بنت‭ ‬محمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار‭ ‬التي‭ ‬عبّرت‭ ‬عن‭ ‬سعادتها‭ ‬بأن‭ ‬الحلم‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة،‭ ‬الطموح‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬لكن‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬نسيج‭ ‬بني‭ ‬جمرة‭ ‬إلى‭ ‬العالمية،‭ ‬وبفضل‭ ‬جهود‭ ‬هيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار‭ ‬فإنّ‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المواقع‭ ‬أصبحت‭ ‬ضمن‭ ‬سجل‭ ‬التراث‭ ‬العالمي،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أنها‭ ‬أصبحت‭ ‬بالفعل‭ ‬مصدر‭ ‬جذب‭ ‬سياحي‭.‬

الإشارات‭ ‬التي‭ ‬يحملها‭ ‬إنشاء‭ ‬المصنع‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬إعادة‭ ‬أمجاد‭ ‬المهنة‭ ‬وتقدير‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬النساجون‭ ‬الذين‭ ‬تحدو‭ ‬كل‭ ‬العقبات‭ ‬وقدموا‭ ‬كل‭ ‬التضحيات‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬مهنة‭ ‬الأجداد،‭ ‬وكان‭ ‬نهجا‭ ‬حميدا‭ ‬ذاك‭ ‬الذي‭ ‬دأبت‭ ‬عليه‭ ‬هيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار‭ ‬بإشراك‭ ‬مؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬بتضافر‭ ‬جهودها‭ ‬لإحياء‭ ‬المهن‭ ‬والحرف‭ ‬التي‭ ‬توشك‭ ‬على‭ ‬الاندثار،‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬أنّ‭ ‬الجميع‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬عاتقه‭ ‬مسؤولية‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الصناعات‭ ‬اليدوية‭ ‬وتراث‭ ‬الأجداد‭. ‬

كم‭ ‬هو‭ ‬محزن‭ ‬أنّ‭ ‬القرية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحتضن‭ ‬قرابة‭ ‬مئة‭ ‬مصنع‭ ‬للنسيج‭ ‬قبيل‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬لا‭ ‬تضم‭ ‬اليوم‭ ‬إلا‭ ‬مصنعا‭ ‬واحدا،‭ ‬وبني‭ ‬جمرة‭ ‬آخر‭ ‬قرية‭ ‬صمدت‭ ‬فيها‭ ‬حرفة‭ ‬النسيج‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬تمارس‭ ‬في‭ ‬قرى‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬أبوصيبع‭ ‬وداركليب‭ ‬والدراز،‭ ‬والمدهش‭ ‬أنّه‭ ‬حتى‭ ‬ابان‭ ‬عقدي‭ ‬الستينات‭ ‬والسبعينات‭ ‬وحتى‭ ‬الثمانينات‭ ‬كان‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الخليج‭ ‬يختارون‭ ‬الملابس‭ ‬الرجالية‭ ‬من‭ ‬بشوت‭ ‬وغتر‭ ‬والنسوية‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬عباءات‭ ‬وأوشحة‭ ‬وأردية‭ ‬من‭ ‬صناعتها‭. ‬

بإنجاز‭ ‬مصنع‭ ‬النسيج‭ ‬فإنّ‭ ‬هيئة‭ ‬البحرين‭ ‬تختتم‭ ‬عامها‭ ‬الثقافي‭ ‬المستمر‭ ‬رغم‭ ‬التحديات‭ ‬الكبيرة‭ ‬والعقبات‭ ‬التي‭ ‬سببتها‭ ‬أزمة‭ ‬تفشي‭ ‬وباء‭ ‬كورونا،‭ ‬وكما‭ ‬صرحت‭ ‬رئيسة‭ ‬الهيئة‭ ‬فإنّ‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الحرف‭ ‬اليدوية‭ ‬والصناعات‭ ‬التقليدية‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬أولويات‭ ‬الهيئة‭ ‬والرهان‭ ‬على‭ ‬المبدعين‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬البحرين‭ ‬بتمسكهم‭ ‬بممارسة‭ ‬الصناعات‭ ‬العريقة‭ ‬كصناعة‭ ‬النسيج،‭ ‬كم‭ ‬نتمنى‭ ‬لو‭ ‬أنّ‭ ‬الهيئة‭ ‬أقدمت‭ ‬على‭ ‬ترميم‭ ‬البيوت‭ ‬الأثرية‭ ‬في‭ ‬القرى‭ ‬التي‭ ‬توشك‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬تحت‭ ‬معاول‭ ‬الهدم‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬لحظة‭ ‬نظرا‭ ‬لقيمتها‭ ‬التاريخية‭ ‬الكبيرة‭.‬