سوالف

نم ليلة قبل التكلم

| أسامة الماجد

هناك‭ ‬حكمة‭ ‬مصرية‭ ‬قديمة‭ ‬تقول‭ ‬“نم‭ ‬ليلة‭ ‬قبل‭ ‬التكلم،‭ ‬لأن‭ ‬العاصفة‭ ‬تهب‭ ‬مثل‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬الهشيم،‭ ‬والرجل‭ ‬الأحمق‭ ‬في‭ ‬ساعة‭ ‬غضبه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تنسحب‭ ‬من‭ ‬أمامه‭ ‬وتتركه‭ ‬لحماقته،‭ ‬الأحمق‭ ‬مثله‭ ‬مثل‭ ‬الشجرة‭ ‬التي‭ ‬تنبت‭ ‬في‭ ‬الغابة‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬تفقد‭ ‬خضرتها،‭ ‬ويكون‭ ‬مصيرها‭ ‬في‭ ‬مرفأ‭ ‬الأخشاب،‭ ‬أما‭ ‬الرجل‭ ‬الحكيم‭ ‬فمثله‭ ‬مثل‭ ‬الشجرة‭ ‬الباسقة‭ ‬في‭ ‬حديقة،‭ ‬تنمو‭ ‬يانعة‭ ‬وتضاعف‭ ‬ثمرتها،‭ ‬ثمرتها‭ ‬حلوة‭ ‬وظلها‭ ‬ظليل‭ ‬وتظل‭ ‬مكانها‭ ‬في‭ ‬الحديقة”‭.‬

ما‭ ‬أروع‭ ‬أن‭ ‬نتقبل‭ ‬الأضرار‭ ‬الحقيقية‭ ‬والمضايقات‭ ‬بابتسامة،‭ ‬وكيف‭ ‬نحول‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬الجانب‭ ‬المشرق‭ ‬للحياة،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬لو‭ ‬اعتدنا‭ ‬سرعة‭ ‬الغضب‭ ‬والرد‭ ‬القاسي‭ ‬الجاف‭ ‬والتشكيك‭ ‬وإضاعة‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬الجدال‭ ‬مع‭ ‬الحمقى،‭ ‬نكون‭ ‬كمن‭ ‬يحكم‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬بالمشي‭ ‬على‭ ‬الجمر‭ ‬أو‭ ‬المسامير،‭ ‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬نماذج‭ ‬بشرية‭ ‬غباؤها‭ ‬مبسوط‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬مثل‭ ‬الكتاب‭ ‬أو‭ ‬المائدة،‭ ‬تعيش‭ ‬ونهج‭ ‬حياتها‭ ‬للجدال‭ ‬والثرثرة‭ ‬وضميرها‭ ‬منحرف‭ ‬تسعين‭ ‬درجة‭ ‬وتكاد‭ ‬تعجز‭ ‬عن‭ ‬مجاراة‭ ‬الإنسان‭ ‬السوي‭. ‬الإنسان‭ ‬الأحمق‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬صنوف‭ ‬الأمراض‭ ‬النفسية‭ ‬ودائما‭ ‬تراه‭ ‬يتدخل‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬غيره،‭ ‬أناني‭ ‬ويسعد‭ ‬بالجدال‭ ‬والتسلط‭ ‬ويجر‭ ‬حقده‭ ‬وراءه‭ ‬مثل‭ ‬الذيل،‭ ‬لهذا‭ ‬يفضل‭ ‬تجنبه‭ ‬وعدم‭ ‬الخوض‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬حديث‭ ‬لأنه‭ ‬شخص‭ ‬غير‭ ‬متزن‭ ‬وغير‭ ‬عادي‭ ‬ومثقل‭ ‬بالاضطرابات‭ ‬والأمراض‭ ‬النفسية‭ ‬من‭ ‬الدرجة‭ ‬الأولى‭.‬

لنعمل‭ ‬على‭ ‬تجنب‭ ‬هؤلاء‭ ‬الحمقى‭ ‬إذا‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نمضي‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬المطمئنة‭ ‬الآمنة،‭ ‬لأن‭ ‬التحدث‭ ‬معهم‭ ‬يقود‭ ‬إلى‭ ‬سرعة‭ ‬الغضب،‭ ‬والإثارة‭ ‬والتهيج‭ ‬من‭ ‬أسوأ‭ ‬الصفات‭ ‬غير‭ ‬المرغوب‭ ‬فيها‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬عقبة‭ ‬في‭ ‬طريقنا،‭ ‬يقول‭ ‬الفيلسوف‭ ‬الهندي‭ ‬سادغور‭ ‬“سيأتي‭ ‬يوم‭ ‬على‭ ‬الحمقى‭ ‬يختارون‭ ‬ساعات‭ ‬الفجر‭ ‬ليجوبوا‭ ‬الطرقات‭ ‬والأزقة‭ ‬والشوارع‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬شخص‭ ‬يتحدثون‭ ‬إليه‭ ‬بعد‭ ‬ابتعاد‭ ‬الجميع‭ ‬عنهم‭.. ‬إنهم‭ ‬يعيشون‭ ‬العزلة‭ ‬والغربة‭ ‬ومكانهم‭ ‬قبر‭ ‬مهمل‭ ‬مهجور”‭. ‬ووصفهم‭ ‬إحسان‭ ‬عبدالقدوس‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬روايته‭ ‬بأنهم‭ ‬مصدر‭ ‬الشقاء‭ ‬والعذاب‭ ‬والمعاناة‭ ‬والفوضى‭ ‬في‭ ‬واقعنا‭ ‬الإنساني‭.‬