بايدن وملالي إيران وملفهم النووي (1)

| سالم الكتبي

يعتبر‭ ‬ملف‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬القضايا‭ ‬والموضوعات‭ ‬التي‭ ‬تحتل‭ ‬صدارة‭ ‬اهتمامات‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬إدارة‭ ‬أميركية‭ ‬جديدة،‭ ‬لكن‭ ‬أيضاً‭ ‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬تكهنات‭ ‬كثيرة‭ ‬بأن‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬قد‭ ‬يختتم‭ ‬فترته‭ ‬الرئاسية‭ ‬بإصدار‭ ‬أمر‭ ‬بتوجيه‭ ‬ضربة‭ ‬عسكرية‭ ‬أميركية‭ ‬للمنشآت‭ ‬النووية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وهي‭ ‬مسألة‭ ‬تقلق‭ ‬ملالي‭ ‬إيران‭ ‬وتثير‭ ‬مخاوفهم،‭ ‬لأن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬يحظى‭ ‬بدافعية‭ ‬عالية‭ ‬لدى‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬شخصياً‭ ‬كونه‭ ‬أخفق‭ ‬في‭ ‬إخضاع‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬آلية‭ ‬العقوبات‭ ‬الأكثر‭ ‬صرامة،‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬وقتاً‭ ‬طويلاً‭ ‬كي‭ ‬تحقق‭ ‬أهدافها،‭ ‬لاسيما‭ ‬مع‭ ‬أنظمة‭ ‬لا‭ ‬تأبه‭ ‬للمعاناة‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬تأثير‭ ‬العقوبات‭ ‬وتضع‭ ‬بقاءها‭ ‬واستمرارها‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬كمؤشر‭ ‬لما‭ ‬تصفه‭ ‬بالصمود‭ ‬ومقاومة‭ ‬العقوبات‭!‬

ملالي‭ ‬إيران‭ ‬ينتهجون‭ ‬منذ‭ ‬أشهر‭ ‬استراتيجية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬الانحناء‭ ‬للغضب‭ ‬الترامبي،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬رئيس‭ ‬جديد‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض‭ ‬ويقوم‭ ‬بتغيير‭ ‬استراتيجية‭ ‬التعامل،‭ ‬وقد‭ ‬ازداد‭ ‬حماسهم‭ ‬لهذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬منذ‭ ‬أعلن‭ ‬الرئيس‭ ‬المنتخب‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬أثناء‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية،‭ ‬عزمه‭ ‬العودة‭ ‬للاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬حال‭ ‬وصوله‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض‭.‬

الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬ملالي‭ ‬إيران‭ ‬استيعابها‭ ‬جيداً‭ ‬أن‭ ‬مسألة‭ ‬عودة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الموقع‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬ومجموعة‭ ‬“5+1”‭ ‬ليست‭ ‬بالسهولة‭ ‬التي‭ ‬يتصورها‭ ‬البعض،‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬فارقاً‭ ‬بين‭ ‬الوعود‭ ‬الانتخابية‭ ‬وتنفيذها،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬لم‭ ‬ينفذ‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬وعده‭ ‬بالانسحاب‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬سوى‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عامين‭ ‬من‭ ‬وصوله‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يُتصور‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬الرئيس‭ ‬المنتخب‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬لمباشرة‭ ‬مهمات‭ ‬منصبه‭ ‬قراراً‭ ‬بالعودة‭ ‬للاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬كما‭ ‬يعتقد‭ ‬فريق‭ ‬من‭ ‬ملالي‭ ‬إيران‭ ‬الحالمين‭ ‬برفع‭ ‬العقوبات‭ ‬القاسية‭ ‬التي‭ ‬فرضها‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬طيلة‭ ‬فترته‭ ‬الرئاسية‭.‬

قلت‭ ‬سابقاً،‭ ‬وأكرر‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬الأميركي‭ ‬من‭ ‬الملف‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ساحة‭ ‬للممحاكات‭ ‬السياسية‭ ‬بين‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬والجمهوريين‭ ‬لأن‭ ‬المسألة‭ ‬لا‭ ‬تتصل‭ ‬فقط‭ ‬بعلاقات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬بل‭ ‬تتصل‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬بعلاقات‭ ‬واشنطن‭ ‬مع‭ ‬حلفائها‭ ‬الاستراتيجيين‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وهذه‭ ‬مسألة‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تجاهلها‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬باراك‭ ‬أوباما،‭ ‬في‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬الفادحة‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬فيها‭ ‬تلك‭ ‬الإدارة‭. ‬“إيلاف”‭.‬