زبدة القول

مساحة للإنسانية

| د. بثينة خليفة قاسم

تلقينا‭ ‬خبرا‭ ‬طيبا‭ ‬هذا‭ ‬الأسبوع‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬ظل‭ ‬العالم‭ ‬خلاله‭ ‬يتلقى‭ ‬أخبارا‭ ‬غير‭ ‬طيبة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬بسبب‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬اللعين‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬كل‭ ‬الأخبار‭ ‬سلبية‭ ‬ودمر‭ ‬اقتصادات‭ ‬وخرب‭ ‬تجارات‭ ‬وأفقد‭ ‬الملايين‭ ‬مصادر‭ ‬رزقهم‭ ‬وأربك‭ ‬الكبير‭ ‬قبل‭ ‬الصغير،‭ ‬الخبر‭ ‬الطيب‭ ‬الذي‭ ‬نقصده،‭ ‬جاء‭ ‬بمسودة‭ ‬البيان‭ ‬الختامي‭ ‬لمجموعة‭ ‬العشرين‭ ‬الكبار‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬قمتها‭ ‬الأخيرة‭ ‬افتراضيا‭ ‬بالمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬برئاسة‭ ‬خادم‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬آل‭ ‬سعود،‭ ‬حيث‭ ‬علمنا‭ ‬عند‭ ‬كتابة‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬أن‭ ‬البيان‭ ‬الختامي‭ ‬لقمة‭ ‬مجموعة‭ ‬العشرين‭ ‬سيتضمن‭ ‬تعهدا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬زعماء‭ ‬دول‭ ‬أكبر‭ ‬20‭ ‬اقتصادا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بتمويل‭ ‬توزيع‭ ‬عادل‭ ‬للقاحات‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬كوفيد‭ - ‬19‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الأدوية‭ ‬والفحوصات‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تحرم‭ ‬منها‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة،‭ ‬كما‭ ‬سيتعهدون‭ ‬بتخفيف‭ ‬أعباء‭ ‬الديون‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬الزعماء‭ ‬إنهم‭ ‬لن‭ ‬يدخروا‭ ‬جهدا‭ ‬حتى‭ ‬يضمنوا‭ ‬وصول‭ ‬اللقاحات‭ ‬لجميع‭ ‬الناس‭ ‬بشكل‭ ‬عادل‭ ‬وسعر‭ ‬يمكن‭ ‬تحمله،‭ ‬ودعا‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬دول‭ ‬المجموعة‭ ‬لتقديم‭ ‬4‭.‬5‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬بنهاية‭ ‬العام‭ ‬لتمويل‭ ‬أدوات‭ ‬محاربة‭ ‬كوفيد‭ - ‬19‭ ‬للدول‭ ‬الأشد‭ ‬فقرا‭.‬

ومن‭ ‬الأشياء‭ ‬الجيدة‭ ‬التي‭ ‬تمخض‭ ‬عنها‭ ‬اجتماع‭ ‬قمة‭ ‬العشرين‭ ‬أن‭ ‬المجموعة‭ ‬أيضا‭ ‬ستسعى‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬سبيل‭ ‬لفرض‭ ‬ضرائب‭ ‬على‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬العملاقة‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬جوجل‭ ‬وأمازون‭ ‬وفيسبوك‭ ‬وأبل‭ ‬وميكروسوفت،‭ ‬فهذه‭ ‬الشركات‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬ربحت‭ ‬أموالا‭ ‬طائلة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬الكل‭ ‬خاسرا‭ ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬هذه‭ ‬الشركات،‭ ‬واستفادت‭ ‬شركات‭ ‬الإنترنت‭ ‬العملاقة‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬الذي‭ ‬فرضه‭ ‬الوباء‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭.‬

فلعل‭ ‬كبار‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬يقومون‭ ‬بترك‭ ‬مساحة‭ ‬للإنسانية‭ ‬والرحمة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬المصالح‭ ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بقيم‭ ‬العدل‭ ‬والمساواة‭ ‬والرحمة،‭ ‬فهذا‭ ‬الفيروس‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تراه‭ ‬العين‭ ‬حير‭ ‬كل‭ ‬الأقوياء‭ ‬وأربك‭ ‬جميع‭ ‬الحسابات‭ ‬ولم‭ ‬يستطع‭ ‬المال‭ ‬والسلاح‭ ‬الوقوف‭ ‬في‭ ‬وجهه‭ ‬حتى‭ ‬أراد‭ ‬الله‭ ‬وتم‭ ‬إنتاج‭ ‬اللقاح‭ ‬الذي‭ ‬سينقذ‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الكابوس،‭ ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬يفكر‭ ‬القادة‭ ‬والزعماء‭ ‬بشكل‭ ‬إنساني‭ ‬تجاه‭ ‬هذه‭ ‬المحنة‭ ‬التي‭ ‬أصابت‭ ‬الجميع‭ ‬وينظرون‭ ‬إلى‭ ‬الجياع‭ ‬والمحرومين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬أليس‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬مخلوقا‭ ‬من‭ ‬مخلوقات‭ ‬الله‭ ‬أو‭ ‬جنديا‭ ‬من‭ ‬جنود‭ ‬الله‭.‬