سوالف

كن ديمقراطيا مع ابنك... لا متزمتا وقاسيا

| أسامة الماجد

لا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬التربية‭ ‬الحديثة‭ ‬للأبناء‭ ‬تتبنى‭ ‬مفهوم‭ ‬المعاملة‭ ‬بديمقراطية‭ ‬وإتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬للأبناء‭ ‬لتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬واختيار‭ ‬الأصدقاء‭ ‬ورفقاء‭ ‬التنزه‭ ‬مع‭ ‬المراقبة،‭ ‬فلم‭ ‬تعد‭ ‬تنفع‭ ‬اليوم‭ ‬سياسة‭ ‬الضرب‭ ‬والتوبيخ‭ ‬والزعيق‭ ‬والصراخ‭ ‬والتهديد‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬فإن‭ ‬كان‭ ‬ولي‭ ‬الأمر‭ ‬يريد‭ ‬التربية‭ ‬الكاملة‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يعطي‭ ‬تلك‭ ‬التربية‭ ‬التي‭ ‬تتناول‭ ‬جوانب‭ ‬شخصية‭ ‬الابن‭ ‬كلها،‭ ‬فتصقلها‭ ‬عقليا‭ ‬وأخلاقيا‭ ‬وبديعيا‭ ‬واجتماعيا،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬تنادي‭ ‬به‭ ‬أكثر‭ ‬نظريات‭ ‬التربية‭ ‬الحديثة،‭ ‬لكن‭ ‬مازالت‭ ‬هناك‭ ‬عقليات‭ ‬تعامل‭ ‬الأبناء‭ ‬بقسوة‭ ‬وحدة‭ ‬وتتدخل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬صغيرة‭ ‬وكبيرة‭ ‬من‭ ‬شؤون‭ ‬حياتهم،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بعضهم‭ ‬يوقع‭ ‬أقصى‭ ‬العقوبات‭ ‬عليهم‭ ‬لأسباب‭ ‬تافهة‭ ‬مثل‭ ‬خروجهم‭ ‬للبرامج‭ ‬والأنشطة‭ ‬الفنية‭ ‬والثقافية‭.‬

إن‭ ‬تربية‭ ‬الأبناء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬تتطلب‭ ‬فطنة‭ ‬وتفهما‭ ‬وإدراكا‭ ‬تربويا‭ ‬سليما‭ ‬لطبيعة‭ ‬الحياة‭ ‬ورتمها‭ ‬وتعقيداتها‭ ‬حتى‭ ‬يمكن‭ ‬توجيه‭ ‬الأبناء‭ ‬نحو‭ ‬جادة‭ ‬الصواب‭ ‬وبر‭ ‬السلامة،‭ ‬لأن‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬حلبة‭ ‬العنف‭ ‬والطرق‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬لن‭ ‬يفيد‭ ‬في‭ ‬شيء،‭ ‬بل‭ ‬سيزيد‭ ‬من‭ ‬عزل‭ ‬الأبناء‭ ‬عن‭ ‬المجتمع‭ ‬وبالتالي‭ ‬سيكون‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬كسرهم‭ ‬وزيادة‭ ‬معاناتهم‭ ‬وسقوطهم،‭ ‬فمن‭ ‬غير‭ ‬المعقول‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يكترث‭ ‬ولي‭ ‬الأمر‭ ‬بمشاعر‭ ‬الابن‭ ‬المراهق‭ ‬وعواطفه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬ويعامله‭ ‬بتزمت‭ ‬وصرامة‭ ‬وينكر‭ ‬عليه‭ ‬لسبب‭ ‬أو‭ ‬لآخر‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬على‭ ‬مشارف‭ ‬الرجولة،‭ ‬والأمر‭ ‬كذلك‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬الابنة‭ ‬حينما‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬مشارف‭ ‬الأنوثة‭.‬

العنف‭ ‬مع‭ ‬الأبناء‭ ‬وحرقهم‭ ‬بشمس‭ ‬العقاب‭ ‬دون‭ ‬وعي‭ ‬يفقدهم‭ ‬توازنهم،‭ ‬ويخطئ‭ ‬ولي‭ ‬الأمر‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬المباراة‭ ‬والمباهاة‭ ‬والمحاكاة‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬في‭ ‬التربية‭ ‬من‭ ‬شيء،‭ ‬مثل‭: ‬“أنا‭ ‬قلت‭ ‬لابني‭ ‬كذا‭ ‬وفعل‭ ‬كذا‭... ‬في‭ ‬حين‭ ‬يكون‭ ‬الابن‭ ‬مغصوبا‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬التصرف”‭.. ‬يقول‭ ‬مكسيم‭ ‬جوكي‭ ‬عن‭ ‬الأبناء‭.. ‬الأبناء‭ ‬مقدسون‭ ‬لأنهم‭ ‬طلائع‭ ‬هذا‭ ‬المستقبل،‭ ‬أبناؤنا‭ ‬يمشون‭ ‬فوق‭ ‬الأرض،‭ ‬فوق‭ ‬الأرض‭ ‬بأسرها‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬حدب‭ ‬وصوب،‭ ‬أطهر‭ ‬الناس‭ ‬قلبا،‭ ‬وأروع‭ ‬الناس‭ ‬فكرا،‭ ‬يسيرون‭ ‬قدما‭ ‬ضد‭ ‬الشر‭ ‬دون‭ ‬ارتعاش،‭ ‬يدوسون‭ ‬الكذب‭ ‬تحت‭ ‬أقدامهم‭ ‬القوية،‭ ‬يوجهون‭ ‬قواهم‭ ‬كلها‭ ‬نحو‭ ‬غرض‭ ‬واحد،‭ ‬أبناؤنا‭ ‬يسلكون‭ ‬طريق‭ ‬الحقيقة‭ ‬والعقل،‭ ‬يغطون‭ ‬الأرض‭ ‬بسماء‭ ‬جديدة‭.‬