ومضة قلم

إصلاح الأوقاف الجعفرية

| محمد المحفوظ

لم‭ ‬يكن‭ ‬مفاجئا‭ ‬لأحد‭ ‬ما‭ ‬تضمنه‭ ‬تقرير‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭ ‬من‭ ‬تجاوزات‭ ‬ومخالفات‭ ‬صريحة‭ ‬للائحة‭ ‬الداخلية‭ ‬لمجلسي‭ ‬الأوقاف‭ ‬الجعفرية‭ ‬والسنية،‭ ‬مخالفات‭ ‬طالت‭ ‬كل‭ ‬أقسام‭ ‬الإدارة‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬المناقصات‭ ‬مرورا‭ ‬بالصيانة‭ ‬وحتى‭ ‬المشتريات‭. ‬المتابع‭ ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬بإدارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬الجعفرية‭ ‬يقف‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬باتت‭ ‬متجذرة‭ ‬فيها‭ ‬وهي‭ ‬تكرر‭ ‬المخالفات‭ ‬عاما‭ ‬بعد‭ ‬آخر‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬تفاديها،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يبعث‭ ‬على‭ ‬الاستغراب‭.‬

أشار‭ ‬تقرير‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬إدارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬الجعفرية‭ ‬تخالف‭ ‬قانون‭ ‬المناقصات‭ ‬وأنّ‭ ‬مشاريعها‭ ‬بلا‭ ‬دراسة،‭ ‬إضافة‭ ‬لعدم‭ ‬قيام‭ ‬الإدارة‭ ‬بالتخطيط‭ ‬المسبق‭ ‬للمشاريع‭ ‬ووضع‭ ‬تصور‭ ‬شامل‭ ‬للصيانة‭ ‬المطلوبة،‭ ‬أما‭ ‬الأدهى‭ ‬فإنّ‭ ‬الإدارة‭ ‬تتعاقد‭ ‬مع‭ ‬مقاولين‭ ‬وموردين‭ ‬لتنفيذ‭ ‬المشاريع‭ ‬بمبالغ‭ ‬تتجاوز‭ ‬الألف‭ ‬دينار‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬طرحها‭ ‬في‭ ‬مناقصات،‭ ‬وهذا‭ ‬يشكل‭ ‬مخالفة‭ ‬صريحة‭ ‬للائحة‭ ‬الداخلية‭ ‬لمجلس‭ ‬الأوقاف‭.‬

وقد‭ ‬تعودنا‭ ‬من‭ ‬الأوقاف‭ ‬الجعفرية‭ ‬فور‭ ‬صدور‭ ‬تقرير‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭ ‬ردا‭ ‬لا‭ ‬ينفي‭ ‬الحقائق‭ ‬لكنه‭ ‬يطلق‭ ‬الوعود‭ ‬بأن‭ ‬لا‭ ‬تتكرر‭ ‬تلك‭ ‬المخالفات،‭ ‬ومثال‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬رد‭ ‬الإدارة‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬“بدأت‭ ‬باتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬اللازمة‭ ‬لتفادي‭ ‬الملاحظات‭ ‬الواردة‭ ‬وتجنب‭ ‬تكرارها‭ ‬مرة‭ ‬أخرى”،‭ ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتخطيط‭ ‬المسبق‭ ‬للمشاريع‭ ‬وتأهيل‭ ‬الموردين‭ ‬فإنّ‭ ‬“الإدارة‭ ‬بصدد‭ ‬إجراء‭ ‬دراسة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الفنية‭ ‬والتكلفة‭ ‬التقديرية‭ ‬للمشاريع”،‭ ‬أما‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يتطرق‭ ‬إليه‭ ‬الرد‭ ‬فهو‭ ‬التنصل‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬والمتسببين‭ ‬فيها‭. ‬

ولا‭ ‬تقف‭ ‬المخالفات‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد،‭ ‬لكن‭ ‬الإدارة‭ ‬“تمرر‭ ‬المدفوعات‭ ‬دون‭ ‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬تقرير‭ ‬مشرف‭ ‬المشروع”‭ ‬وبالطبع‭ ‬ليس‭ ‬لدى‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬الأوقاف‭ ‬أي‭ ‬رد‭ ‬منطقي‭ ‬سوى‭ ‬أنها‭ ‬“ستقوم‭ ‬بتعزيز‭ ‬الرقابة‭ ‬على‭ ‬المقاولين‭ ‬بصورة‭ ‬فاعلة‭ ‬ومستمرة‭ ‬وعمل‭ ‬خطة‭ ‬طوارئ‭ ‬خاصة‭ ‬بأعمال‭ ‬الطوارئ”‭! ‬ويبقى‭ ‬القول‭ ‬إنّ‭ ‬الإدارة‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تطلق‭ ‬الوعود‭ ‬بإقامة‭ ‬المشاريع‭ ‬وهذه‭ ‬نقطة‭ ‬سبقت‭ ‬الإشارة‭ ‬لها‭ ‬مرارا،‭ ‬لكن‭ ‬المعضلة‭ ‬أنّ‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الوعود‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬التنفيذ‭ ‬رغم‭ ‬توافر‭ ‬الإمكانات‭ ‬المادية،‭ ‬أي‭ ‬أنّ‭ ‬تلك‭ ‬المشاريع‭ ‬مجرد‭ ‬حبر‭ ‬على‭ ‬ورق‭.‬

أعتقد‭ ‬أنّ‭ ‬المطلوب‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬أولا‭ ‬وبلا‭ ‬إبطاء‭ ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬السرعة‭ ‬محاسبة‭ ‬المقصرين‭ ‬والمخالفين‭ ‬للائحة‭ ‬الداخلية‭ ‬لمجلس‭ ‬الأوقاف‭.‬