مرحبًا بالرئيس جو بايدن

| عبدالنبي الشعلة

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬قادة‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬أو‭ ‬غالبيتهم‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬كانوا‭ ‬يفضلون‭ ‬ويتمنون‭ ‬فوز‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬لدورة‭ ‬رئاسية‭ ‬ثانية،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬أن‭ ‬السياسة‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بالتمنيات،‭ ‬و”ليس‭ ‬فيها‭ ‬صداقات‭ ‬دائمة‭ ‬ولا‭ ‬عداوات‭ ‬دائمة”،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬المصالح‭ ‬فقط،‭ ‬فإن‭ ‬مصالح‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬تقتضي‭ ‬المبادرة‭ ‬بالإسراع‭ ‬أو‭ ‬الاستعداد‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الواقع،‭ ‬والتفاعل‭ ‬والالتحام،‭ ‬بكل‭ ‬ثقة‭ ‬وعزم،‭ ‬بالرئيس‭ ‬الجديد‭ ‬وفريق‭ ‬عمله،‭ ‬والسعي‭ ‬لتحقيق‭ ‬توافق‭ ‬معهم‭ ‬لتحديد‭ ‬معالم‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬للعلاقات‭ ‬المستقبلية‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬مرتكزة‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬مشتركة‭ ‬أساسها‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬ومحاربة‭ ‬التطرف‭ ‬وتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬والسلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وهي‭ ‬أهداف‭ ‬لا‭ ‬خلاف‭ ‬حولها‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬وتتفق‭ ‬مع‭ ‬مصالحهما‭.‬

لقد‭ ‬بلغت‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬خصوصًا‭ ‬ثلاثي‭ ‬السعودية‭ ‬والبحرين‭ ‬والإمارات‭ ‬ذروتها‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬والمتانة‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب،‭ ‬وليس‭ ‬ثمة‭ ‬ما‭ ‬يعوق‭ ‬استمرارها‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬وهذا‭ ‬المستوى،‭ ‬وتطويرها‭ ‬والارتقاء‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬الأفضل‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬بايدن،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ولن‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬سلفه‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬مصالح‭ ‬أميركا‭ ‬الحيوية‭ ‬قبل‭ ‬وفوق‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭.‬

إن‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬والجمهوريين‭ ‬وجهان‭ ‬لعملة‭ ‬واحدة،‭ ‬وأن‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للديمقراطيين‭ ‬تجاه‭ ‬المنطقة‭ ‬سيكون‭ ‬محدودا‭ ‬في‭ ‬الظروف‭ ‬الراهنة،‭ ‬وإن‭ ‬العلاقات‭ ‬الخليجية‭ ‬الأميركية‭ ‬لن‭ ‬تعود‭ ‬مثلما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬رئاسة‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬كما‭ ‬يظن‭ ‬أو‭ ‬يتمنى‭ ‬البعض‭.‬

إننا‭ ‬على‭ ‬إدراك‭ ‬تام‭ ‬بأنه‭ ‬لكل‭ ‬رئيس‭ ‬أميركي‭ ‬رؤية‭ ‬يحاول‭ ‬تحقيقها‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالسياسة‭ ‬الخارجية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬ممكن‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬تلك‭ ‬الرؤية‭ ‬باقية‭ ‬في‭ ‬انسجام‭ ‬وتناغم‭ ‬مع‭ ‬مسارات‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬القومية‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬المصالح‭ ‬العليا‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

إن‭ ‬استراتيجية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أخذت‭ ‬تتشكل‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬مصالحها‭ ‬الحيوية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬بدأت‭ ‬تتراجع،‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬عهد‭ ‬باراك‭ ‬أوباما،‭ ‬واستمرت‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬ترامب،‭ ‬وسيواصل‭ ‬بايدن‭ ‬الالتزام‭ ‬بهذه‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬فأميركا‭ ‬تعتزم‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬بسلاسة‭ ‬إن‭ ‬أمكن،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬انتقل‭ ‬ثقل‭ ‬مصالحها‭ ‬الحيوية‭ ‬الى‭ ‬منطقة‭ ‬شرق‭ ‬وجنوب‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭ ‬وفي‭ ‬مواجهة‭ ‬الصين؛‭ ‬مما‭ ‬يقتضي‭ ‬تكثيف‭ ‬تواجدها‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة،‭ ‬وإيجاد‭ ‬ترتيبات‭ ‬أمنية‭ ‬بديلة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬تندمج‭ ‬فيها‭ ‬إسرائيل‭ ‬ويكون‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬محوري‭ ‬ضمن‭ ‬منظومة‭ ‬دفاعية‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬حدوث‭ ‬أي‭ ‬فراغ‭ ‬أمني‭ ‬يهدد‭ ‬حلفاءها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

لقد‭ ‬كانت‭ ‬المصالح‭ ‬الأميركية‭ ‬العليا‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬منطقتنا‭ ‬ترتكز‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬محاور‭ ‬رئيسة،‭ ‬وهي‭: ‬اعتبار‭ ‬المنطقة‭ ‬أحد‭ ‬خطوط‭ ‬التصدي‭ ‬الأمامية‭ ‬لمواجهة‭ ‬المد‭ ‬الشيوعي‭ ‬السوفيتي،‭ ‬وحماية‭ ‬المنطقة‭ ‬كمصدر‭ ‬أساسي‭ ‬للنفط،‭ ‬والتواجد‭ ‬فيها‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬وسلامتها‭.‬

ومنذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬انعدمت‭ ‬تمامًا‭ ‬أهمية‭ ‬المنطقة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬كأحد‭ ‬خطوط‭ ‬التصدي‭ ‬الأمامية‭ ‬لموجهة‭ ‬المد‭ ‬الشيوعي‭ ‬السوفيتي‭ ‬بعد‭ ‬انهيار‭ ‬الشيوعية‭ ‬والاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬كما‭ ‬تدنت‭ ‬أهميتها‭ ‬كمصدر‭ ‬أساسي‭ ‬للنفط‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ونمو‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬البديلة،‭ ‬واكتشاف‭ ‬مكامن‭ ‬ضخمة‭ ‬للنفط‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬خارج‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬لضمان‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬إسرائيل‭ ‬وسلامتها،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬تحقق‭ ‬بالفعل‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نجحت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وعلى‭ ‬مدى‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬المنعة‭ ‬الأمنية‭ ‬والتفوق‭ ‬العسكري‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬تخلت‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬عن‭ ‬خيار‭ ‬الحرب‭ ‬ضدها،‭ ‬وفي‭ ‬الواقع‭ ‬فإن،‭ ‬إسرائيل‭ ‬تحولت‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬قلقة‭ ‬على‭ ‬سلامتها،‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬مستعدة‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬ضمان‭ ‬سلامة‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭.‬

وقد‭ ‬كان‭ ‬بايدن‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬المصفقين‭ ‬والمهللين‭ ‬لنجاح‭ ‬جهود‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬تطبيع‭ ‬علاقات‭ ‬إسرائيل‭ ‬بدولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬ومملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وجمهورية‭ ‬السودان‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬فإن‭ ‬بايدن‭ ‬سيعمل‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬إليه،‭ ‬وعلى‭ ‬تعزيز‭ ‬عملية‭ ‬اندماج‭ ‬إسرائيل‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬تتمتع‭ ‬بعلاقات‭ ‬مفتوحة‭ ‬مع‭ ‬5‭ ‬دول‭ ‬عربية،‭ ‬وعلاقات‭ ‬مستورة‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬وسيدفع‭ ‬بايدن‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬للانخراط‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المسار،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬ينجح‭ ‬في‭ ‬إقناع‭ ‬ثلاث‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬ولايته؛‭ ‬انطلاقًا‭ ‬من‭ ‬علاقته‭ ‬المتينة‭ ‬بإسرائيل،‭ ‬واقتناعًا‭ ‬منه‭ ‬بأن‭ ‬ذلك‭ ‬سيشجع‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬تنازلات‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬وسيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬جهود‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة؛‭ ‬وعلى‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬تعارض‭ ‬أو‭ ‬تباين‭ ‬بين‭ ‬موقف‭ ‬بايدن‭ ‬وقادة‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭.‬

إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬تطابقا‭ ‬في‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬واتفاقا‭ ‬تاما‭ ‬أيضًا‭ ‬بين‭ ‬الخليجيين‭ ‬والديمقراطيين‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بالتفاوض‭ ‬وبالطرق‭ ‬السلمية،‭ ‬وعلى‭ ‬أساس‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬ورفض‭ ‬ضم‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والاعتراض‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬المستوطنات،‭ ‬وتجاهل‭ ‬أو‭ ‬تخطي‭ ‬مشروع‭  ‬“صفقة‭ ‬القرن”‭ ‬الذي‭ ‬طرحه‭ ‬ترامب‭ ‬قبيل‭ ‬انقضاء‭ ‬مدة‭ ‬رئاسته‭.‬

ويحاول‭ ‬الكثيرون‭ ‬أن‭ ‬يروجوا‭ ‬أو‭ ‬يحذروا‭ ‬أو‭ ‬يخوفوا‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬من‭ ‬حتمية‭ ‬قيام‭ ‬بايدن‭ ‬بإعادة‭ ‬تفعيل‭ ‬أو‭ ‬إحياء‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬بصيغته‭ ‬الأوبامية‭ ‬الذي‭ ‬عقدته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬والذي‭ ‬انسحب‭ ‬منه‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب،‭ ‬هذا‭ ‬التحذير‭ ‬لا‭ ‬مبرر‭ ‬له،‭ ‬وهذا‭ ‬التخويف‭ ‬لا‭ ‬طائل‭ ‬منه‭ ‬ولا‭ ‬أساس‭ ‬له،‭ ‬فالعودة‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬مستحيلة،‭ ‬وبايدن‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة،‭ ‬إدراكًا‭ ‬منه‭ ‬بالواقع‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬تعيشة‭ ‬المنطقة‭ ‬الذي‭ ‬يختلف‭ ‬عما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬أيام‭ ‬أوباما،‭ ‬فقد‭ ‬تغير‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬جذريا‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وتغيرت‭ ‬نظرة‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬لطبيعة‭ ‬الأخطار‭ ‬والتهديدات‭ ‬التي‭ ‬تواجهها،‭ ‬وتبدلت‭ ‬خارطة‭ ‬العلاقات‭ ‬البينية‭ ‬فيها،‭ ‬ونشأ‭ ‬وضع‭ ‬سياسي‭ ‬واستراتيجي‭ ‬مختلف‭ ‬بعد‭ ‬تكوين‭ ‬تحالف،‭ ‬معروف‭ ‬وغير‭ ‬معلن‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬بين‭ ‬أكبر‭ ‬وأقوى‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬سياسيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬وعسكريا،‭ ‬وهي‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬ومصر‭ ‬وإسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬البحرين‭ ‬بأهميتها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬القصوى،‭ ‬وهذه‭ ‬الدول‭ ‬أصبحت‭ ‬بالفعل‭ ‬ترتبط‭ ‬بتوافق‭ ‬وانسجام‭ ‬ووضوح‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬وتعاون‭ ‬فيما‭ ‬بينها،‭ ‬بايدن‭ ‬لن‭ ‬يستطيع‭ ‬الوقوف‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬هذا‭ ‬التحالف‭ ‬الذي‭ ‬يرفض‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬بنسخته‭ ‬الأوبامية‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬بايدن‭ ‬صديق‭ ‬حميم‭ ‬قديم‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وقد‭ ‬حاز‭ ‬على‭ ‬77‭ % ‬من‭ ‬أصوات‭ ‬الناخبين‭ ‬اليهود‭ ‬الأميركان‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬ولا‭ ‬يرغب‭ ‬أو‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يتزحزح‭ ‬قيد‭ ‬أنملة‭ ‬عن‭ ‬سياسة‭ ‬أميركا‭ ‬الثابتة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬وضمان‭ ‬أمنها‭ ‬وسلامتها،‭ ‬وإسرائيل‭ ‬بدورها‭ ‬أصبحت‭ ‬تعتبر‭ ‬إيران‭ ‬أكبر‭ ‬تهديد‭ ‬لها‭ ‬وأكبر‭ ‬خطر‭ ‬عليها،‭ ‬وصار‭ ‬موقفها‭ ‬مدعوما‭ ‬من‭ ‬غالبية‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬ودول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وبايدن‭ ‬لن‭ ‬يستطيع‭ ‬التغاضي‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬خطر‭ ‬يهدد‭ ‬إسرائيل‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يسمح‭ ‬لإيران‭ ‬بأن‭ ‬تستمر‭ ‬كمصدر‭ ‬تهديد‭ ‬لها‭ ‬وللدول‭ ‬العربية‭ ‬الخليجية‭ ‬الأخرى؛‭ ‬ولذلك‭ ‬فإنه‭ ‬لن‭ ‬يستطيع‭ ‬إعادة‭ ‬أميركا‭ ‬والمنطقة‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬وإلى‭ ‬حظيرة‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬بصيغته‭ ‬الأوبامية‭.‬

وبالتأكيد،‭ ‬فإن‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬لا‭ ‬تأتي‭ ‬على‭ ‬قمة‭ ‬أولويات‭ ‬الرئاسة‭ ‬الأميركية‭ ‬الجديدة،‭ ‬تتقدمها‭ ‬دون‭ ‬شك‭ ‬قضايا‭ ‬وتحديات‭ ‬الداخل‭ ‬والجوار،‭ ‬وترميم‭ ‬الجسور‭ ‬مع‭ ‬الحليف‭ ‬الأوروبي‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية،‭ ‬ووضع‭ ‬حد‭ ‬لحربها‭ ‬التجارية‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬قوة‭ ‬اقتصادية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وفي‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال،‭ ‬فإن‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬78‭ ‬عامًا‭ ‬سيتجه‭ ‬إلى‭ ‬تخفيض‭ ‬حالة‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬بلاده‭ ‬وإيران،‭ ‬وسيلتزم‭ ‬بما‭ ‬ورد‭ ‬بكل‭ ‬وضوح‭ ‬في‭ ‬البرنامج‭ ‬الانتخابي‭ ‬للحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬وما‭ ‬أكده‭ ‬في‭ ‬المقال‭ ‬الذي‭ ‬نشره‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬المجلة‭ ‬الأميركية‭ ‬المرموقة‭ ‬“فورن‭ ‬بولِسي”‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬العودة‭ ‬المحتملة‭ ‬إلى‭ ‬صيغة‭ ‬جديدة‭ ‬للاتفاق‭ ‬ستكون‭ ‬مرهونة‭ ‬بعودة‭ ‬طهران‭ ‬لكامل‭ ‬التزاماتها‭ ‬التي‭ ‬تخلت‭ ‬عنها‭ ‬بعد‭ ‬انسحاب‭ ‬ترامب‭ ‬منه،‭ ‬وستأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬تحفظات‭ ‬ومخاوف‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬وإسرائيل‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬برامج‭ ‬تطوير‭ ‬طاقة‭ ‬إيران‭ ‬النووية‭ ‬وتنامي‭ ‬قوتها‭ ‬الصاروخية‭ ‬البالستية‭ ‬وسلوكها‭ ‬التوسعي‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬هذه‭ ‬الصيغة‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬خلاف‭ ‬بين‭ ‬بايدن‭ ‬وقادة‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬الذين‭ ‬يتمنون‭ ‬أن‭ ‬تقبلها‭ ‬إيران‭.‬