ياسمينيات

الموظف “العيار”

| ياسمين خلف

أجزم‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الصنف‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬متواجد‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬المؤسسات‭ ‬والوزارات،‭ ‬فهو‭ ‬الأذكى‭ ‬والأخبث‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الموظفين،‭ ‬والأكثر‭ ‬حظاً‭ ‬كذلك‭ ‬منهم،‭ ‬ويعرف‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬تؤكل‭ ‬الكتف‭ ‬كما‭ ‬نقول،‭ ‬فينال‭ ‬الراحة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬والراتب‭ ‬نهاية‭ ‬كل‭ ‬شهر‭ ‬دون‭ ‬عناء‭... ‬باختصار،‭ ‬يتكاسل‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬مهماته‭ ‬الوظيفية،‭ ‬أو‭ ‬يخفق‭ ‬في‭ ‬أدائها‭ ‬مرة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى‭ ‬لعدم‭ ‬كفاءته‭ ‬أو‭ ‬بتعمد‭ ‬مقصود‭ ‬أحياناً،‭ ‬أو‭ ‬يتمرد‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬العمل‭ ‬فجأة‭! ‬فلا‭ ‬يجد‭ ‬المسؤولون‭ ‬عليه‭ ‬حينها‭ ‬غير‭ ‬إيعاز‭ ‬مهماته‭ ‬إلى‭ ‬ذاك‭ ‬الموظف‭ ‬المجتهد‭ ‬“هاب‭ ‬الريح”‭ ‬كما‭ ‬نقول‭ ‬بالعامية،‭ ‬والذي‭ ‬يؤدي‭ ‬عمله‭ ‬بإخلاص‭ ‬جم‭ ‬وإتقان‭ ‬تام،‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬يتعطل‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬تتأخر‭ ‬معاملات‭ ‬الناس،‭ ‬فيضع‭ ‬الموظف‭ ‬“العيار”‭ ‬رجلاً‭ ‬على‭ ‬رجل،‭ ‬ويحتسي‭ ‬الشاي‭ ‬وهو‭ ‬يتنقل‭ ‬من‭ ‬برنامج‭ ‬تواصل‭ ‬لآخر‭ ‬من‭ ‬بدء‭ ‬الدوام‭ ‬وحتى‭ ‬نهايته،‭ ‬فلا‭ ‬يطالب‭ ‬بإنجاز‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬ولا‭ ‬يحاسب‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬منها،‭ ‬وكيف‭ ‬يحاسب‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬لم‭ ‬يؤده‭ ‬أصلاً‭! ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬تلقى‭ ‬على‭ ‬كاهل‭ ‬ذاك‭ ‬الموظف‭ ‬المخلص‭ ‬مهمات‭ ‬إضافية‭ ‬على‭ ‬مهماته‭ ‬الأساسية‭ ‬فلا‭ ‬يجد‭ ‬حتى‭ ‬وقتاً‭ ‬لتناول‭ ‬وجبة‭ ‬غدائه‭.‬

عدم‭ ‬الإنصاف‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬المهمات‭ ‬على‭ ‬الموظفين‭ ‬ليس‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬بل‭ ‬يتجاوز‭ ‬الأمر‭ ‬محاسبة‭ ‬الموظف‭ ‬المجتهد‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شاردة‭ ‬وواردة،‭ ‬بل‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يجازا‭ ‬على‭ ‬عمله‭ ‬الإضافي،‭ ‬ويُنسى‭ ‬عند‭ ‬توزيع‭ ‬الترقيات‭ ‬والمكافآت‭ ‬السنوية‭.. ‬أليس‭ ‬موظفا‭ ‬وعليه‭ ‬أداء‭ ‬ما‭ ‬يطلب‭ ‬منه؟‭ ‬طلب‭ ‬منه‭ ‬عمل‭ ‬وقام‭ ‬بأدائه‭ ‬ويستلم‭ ‬راتبه‭ ‬بالكامل،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬أن‭ ‬يطالب‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭! ‬وهي‭ ‬لعمري‭ ‬مكافأة‭ ‬للمتقاعس‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬وكل‭ ‬موظف‭ ‬“عيار‭ ‬وجمبازي”،‭ ‬وظلم‭ ‬للموظفين‭ ‬الأكفاء،‭ ‬وكأنها‭ ‬صفعة‭ ‬مجتمعية‭ ‬يتلقاها‭ ‬الذين‭ ‬تربوا‭ ‬على‭ ‬قيم‭ ‬الإخلاص‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬وكسب‭ ‬لقمة‭ ‬العيش‭ ‬بالحلال،‭ ‬عندما‭ ‬يجدون‭ ‬قيم‭ ‬المجتمع‭ ‬تتناقض‭ ‬مع‭ ‬قيم‭ ‬الآباء‭ ‬الذين‭ ‬ربوهم‭ ‬على‭ ‬محاسبة‭ ‬النفس‭ ‬قبل‭ ‬محاسبة‭ ‬الله‭ ‬لهم‭ ‬على‭ ‬أعمالهم‭.‬

ربما‭ ‬كان‭ ‬الممثل‭ ‬المصري‭ ‬القدير‭ ‬محمد‭ ‬صبحي‭ ‬قد‭ ‬أوصل‭ ‬الفكرة‭ ‬بطريقة‭ ‬كوميدية‭ ‬ساخرة‭ ‬عندما‭ ‬قال‭: ‬“القاعدة‭ ‬الأساسية‭ ‬عندنا‭: ‬تشتغل‭ ‬كتير‭ ‬تغلط‭ ‬كتير‭ ‬تترفد‭.. ‬تشتغل‭ ‬نص‭ ‬نص‭ ‬تغلط‭ ‬نص‭ ‬نص‭ ‬تتجازى‭.. ‬ما‭ ‬تشتغلش‭ ‬خالص‭ ‬ما‭ ‬تغلطش‭ ‬خالص‭ ‬تترقى”‭!.‬

 

ياسمينة‭: ‬

أنصفوا‭ ‬موظفيكم‭.‬