أهلاً بايدن

| بدور عدنان

حاول‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬خلق‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الهلع‭ ‬والخوف‭ ‬والتوتر‭ ‬تجاه‭ ‬الرئيس‭ ‬المنتخب‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬حيث‭ ‬تحاول‭ ‬طهران‭ ‬إقناع‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بأن‭ ‬بايدن‭ ‬سيحطم‭ ‬جميع‭ ‬تحالفات‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وأنه‭ ‬سيتخلى‭ ‬عن‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭.. ‬وبالتأكيد‭ ‬سيعود‭ ‬للاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الذي‭ ‬انسحب‭ ‬منه‭ ‬ترامب‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أوقع‭ ‬على‭ ‬طهران‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭.‬

لا‭ ‬أعلم‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬طهران‭ ‬فعلاً‭ ‬تعول‭ ‬على‭ ‬أحلام‭ ‬اليقظة‭ ‬تلك،‭ ‬والتي‭ ‬للأسف‭ ‬صدقها‭ ‬بعض‭ ‬جهلاء‭ ‬السياسة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استذكروا‭ ‬فترة‭ ‬الخراب‭ ‬العربي،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬يشغل‭ ‬حينها‭ ‬بايدن‭ ‬منصب‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس،‭ ‬متجاهلين‭ ‬فشل‭ ‬المخططات‭ ‬الأميركية‭ ‬حينها‭ ‬التي‭ ‬عجزت‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التغيرات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تصبو‭ ‬إليها‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬المدخل‭ ‬لتغيير‭ ‬ميزان‭ ‬القوى‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭.‬

أعتقد‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬تعلمت‭ ‬الدرس‭ ‬جيداً‭ ‬فهي‭ ‬اليوم‭ ‬تدرك‭ ‬مدى‭ ‬قوة‭ ‬وصلابة‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬الدور‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬لمؤامرات‭ ‬2011،‭ ‬ذلك‭ ‬الدرس‭ ‬الذي‭ ‬سيتعامل‭ ‬على‭ ‬أساسه‭ ‬بايدن‭ ‬اليوم‭ ‬مع‭ ‬قضايا‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬فهو‭ ‬سيضع‭ ‬قوة‭ ‬المملكة‭ ‬وتأثيرها‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬حساباته‭ ‬تجاه‭ ‬المنطقة‭.‬

أما‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬عودة‭ ‬واشنطن‭ ‬للاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الذي‭ ‬تربطه‭ ‬طهران‭ ‬ببايدن‭ ‬متجاهلةً‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬كان‭ ‬أيضاً‭ ‬يسعى‭ ‬للتوصل‭ ‬لاتفاق‭ ‬جديد‭ ‬بشروط‭ ‬جديدة‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬سيفعله‭ ‬بايدن،‭ ‬فهو‭ ‬بالتأكيد‭ ‬لن‭ ‬يعود‭ ‬للاتفاق‭ ‬القديم‭ ‬بل‭ ‬سيحاول‭ ‬لجم‭ ‬طهران‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شروط‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أنها‭ ‬تتضمن‭ ‬انسحابا‭ ‬لطهران‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬ولبنان،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لتقييد‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬وتدمير‭ ‬منظومتها‭ ‬البالستية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ستقبله‭ ‬إيران‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ذاقت‭ ‬الأمرين‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬ترامب‭.‬

جو‭ ‬بايدن‭ ‬سياسي‭ ‬محنك‭ ‬ترأس‭ ‬لجنة‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‭ ‬بمجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬الأميركي‭ ‬في‭ ‬ست‭ ‬مرات‭ ‬انتخب‭ ‬فيها‭ ‬كسيناتور،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬خبرته‭ ‬السياسية‭ ‬تمتد‭ ‬لعقود‭ ‬عمل‭ ‬خلالها‭ ‬لثمانية‭ ‬أعوام‭ ‬كنائب‭ ‬للرئيس،‭ ‬مسيرة‭ ‬سياسية‭ ‬تجعل‭ ‬منه‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬تقييم‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬تحالفات‭ ‬واشنطن‭ ‬فيها‭ ‬وعدم‭ ‬تكرار‭ ‬أخطاء‭ ‬سابقة،‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يقابله‭ ‬بالتأكيد‭ ‬احترام‭ ‬وترحيب‭ ‬وانفتاح‭ ‬لتعاون‭ ‬مشترك‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة،‭ ‬فأهلاً‭ ‬بك‭ ‬بايدن‭.‬