مناقب الراحل الكبير “أبا علي”... سجل خالد وشواهده سامية

| عادل عيسى المرزوق

ربما‭ ‬احتجنا‭ ‬إلى‭ ‬توثيق‭ ‬وتدوين‭ ‬مناقب‭ ‬فقيد‭ ‬الوطن‭ ‬الكبير‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬في‭ ‬كتب‭ ‬وملفات‭ ‬بل‭ ‬مجلدات،‭ ‬فهذا‭ ‬السجل‭ ‬الخالد‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تحصى‭ ‬جوانبه،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬شواهده‭ ‬ودلائله‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬خالدة‭ ‬وسامية‭.‬

منذ‭ ‬رحيله‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬وهي‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬مليئة‭ ‬بألم‭ ‬الفراق‭ ‬وأسى‭ ‬الوداع،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬امتلأت‭ ‬به‭ ‬صفحات‭ ‬الصحف‭ ‬والمواقع‭ ‬الإلكترونية‭ ‬من‭ ‬مناقب‭ ‬لا‭ ‬تعدو‭ ‬كونه‭ ‬قطرة‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬الخير‭ ‬والكرم‭ ‬والجود‭ ‬في‭ ‬عناوينها‭ ‬الإنسانية‭ ‬الكريمة،‭ ‬وهي‭ ‬مستودع‭ ‬الضمائر‭ ‬الحية،‭ ‬ولا‭ ‬غرو‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬فالراحل‭ ‬الكبير‭ ‬هو‭ ‬“أمير‭ ‬الضمير”،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬رحل‭ ‬لكنه‭ ‬ترك‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬بأسره‭ ‬يومًا‭ ‬للضمير‭ ‬يحمل‭ ‬اسم‭ ‬سموه‭ ‬ليكون‭ ‬صفحة‭ ‬من‭ ‬الصفحات‭ ‬الخالدة‭ ‬في‭ ‬سجله‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬أبريل‭ ‬سيحيي‭ ‬العالم‭ ‬“يوم‭ ‬الضمير‭ ‬العالمي”‭ ‬الذي‭ ‬أسسه‭ ‬فكرته‭ ‬وبادر‭ ‬إلى‭ ‬تقديمه‭ ‬ضمن‭ ‬سلسلة‭ ‬متميزة‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل،‭ ‬ولهذا‭ ‬فإن‭ ‬خلود‭ ‬القادة‭ ‬الأفذاذ‭ ‬هي‭ ‬خلود‭ ‬سطرته‭ ‬صفحات‭ ‬مجدهم‭ ‬التي‭ ‬صاغوها‭ ‬طيلة‭ ‬أعمارهم‭ ‬بأعمال‭ ‬عظيمة‭ ‬لخدمة‭ ‬البشرية‭ ‬جمعاء،‭ ‬وهل‭ ‬يمكن‭ ‬للعالم‭ ‬أجمع‭ ‬أن‭ ‬ينسى‭ ‬دور‭ ‬رجل‭ ‬عظيم‭ ‬كان‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬أيام‭ ‬حياته‭ ‬مؤمنًا‭ ‬وساعيًا‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬تطلعات‭ ‬وطموحات‭ ‬شعوب‭ ‬العالم،‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬كوني‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬وأمان‭ ‬وسلام؟

تحدث‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأخوة‭ ‬في‭ ‬مقالاتهم‭ ‬وفي‭ ‬مقابلاتهم‭ ‬الصحفية‭ ‬والتلفزيونية‭ ‬عن‭ ‬مآثر‭ ‬ومناقب‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬عليه،‭ ‬ولأنني‭ ‬مثل‭ ‬بعضهم،‭ ‬كنت‭ ‬قريبًا‭ ‬من‭ ‬سموه‭ ‬لسنوات،‭ ‬وتشرفت‭ ‬أيضًا‭ ‬بإصدار‭ ‬كتاب‭: ‬“رمز‭ ‬الوفاء‭ ‬وسيرة‭ ‬العطاء‭.. ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬مجد‭ ‬الوطن”،‭ ‬وبعون‭ ‬الله،‭ ‬أستعد‭ ‬لإصدار‭ ‬كتاب‭ ‬عالمي‭ ‬في‭ ‬القريب‭ ‬العاجل‭ ‬بعون‭ ‬الله،‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬أعجز‭ ‬عن‭ ‬ذكر‭ ‬ووصف‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬رأيت‭ ‬وشاركت‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬إصرار‭ ‬سموه‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يطمئن‭ ‬تجاه‭ ‬معاناة‭ ‬مواطن‭ ‬هنا،‭ ‬أو‭ ‬مشكلة‭ ‬أسرة‭ ‬هناك،‭ ‬أو‭ ‬طلبات‭ ‬للأهالي‭ ‬والجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬من‭ ‬مساعدات،‭ ‬أو‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬ضرورية‭ ‬من‭ ‬المشروعات‭ ‬والمرافق‭ ‬لهذه‭ ‬المنطقة‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬المدينة‭ ‬أو‭ ‬القرية،‭ ‬وترى‭ ‬على‭ ‬وجهه‭ ‬سرائر‭ ‬السرور‭ ‬والغبطة‭ ‬حينما‭ ‬يعلم‭ ‬بأن‭ ‬الأمر‭ ‬تم‭ ‬على‭ ‬خير‭ ‬ما‭ ‬يرام‭.‬

لقد‭ ‬ترك‭ ‬لنا‭ ‬“أبا‭ ‬علي‭ ‬رحمه‭ ‬الله”‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نسميه‭ ‬مسار‭ ‬“البوصلة”‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬طريق‭ ‬البناء‭ ‬والنهضة،‭ ‬وهي‭ ‬مسؤولية‭ ‬كل‭ ‬أبناء‭ ‬البحرين،‭ ‬ونستذكر‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬من‭ ‬مقولاته‭ ‬السامية‭: ‬“إن‭ ‬مسيرة‭ ‬التنمية‭ ‬التي‭ ‬يقودها‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد،‭ ‬حفظه‭ ‬الله،‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬لها،‭ ‬وغايتها‭ ‬أن‭ ‬ينعم‭ ‬شعب‭ ‬البحرين‭ ‬بأعلى‭ ‬مستويات‭ ‬الرفاهية‭ ‬والرخاء،‭ ‬ولقد‭ ‬تم‭ ‬إنجاز‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المكتسبات،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬العمل‭ ‬متواصلا‭ ‬بكل‭ ‬عزم‭ ‬وإرادة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حاضر‭ ‬ومستقبل‭ ‬أكثر‭ ‬نماء‭ ‬وازدهارًا،‭ ‬إن‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬تُركز‭ ‬عليه‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬خططها‭ ‬واستراتيجياتها‭ ‬هو‭ ‬العمل‭ ‬بوتيرة‭ ‬أسرع‭ ‬لتنفيذ‭ ‬المشروعات‭ ‬بمختلف‭ ‬المناطق‭ ‬وبمستويات‭ ‬من‭ ‬الجودة‭ ‬تضمن‭ ‬توفير‭ ‬أرقى‭ ‬الخدمات‭ ‬للمواطنين،‭ ‬وإن‭ ‬ما‭ ‬نقوم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوطن‭ ‬وشعبه‭ ‬واجب‭ ‬علينا،‭ ‬وسقف‭ ‬طموحنا‭ ‬لا‭ ‬يقف‭ ‬عند‭ ‬حدود،‭ ‬وغايتنا‭ ‬أن‭ ‬نصل‭ ‬بالوطن‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬درجات‭ ‬التقدم‭ ‬والنماء،‭ ‬وإننا‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬سوف‭ ‬يتحقق،‭ ‬لأن‭ ‬لدينا‭ ‬ـ‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬ـ‭ ‬شعبًا‭ ‬يمتلك‭ ‬وعيًا‭ ‬وإحساسًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬بالمسئولية‭ ‬تجاه‭ ‬الوطن”‭.‬

رحل‭ ‬قائدنا‭ ‬ووالدنا‭ ‬وأخونا‭ ‬وعزوتنا‭ ‬وتاج‭ ‬رؤوسنا،‭ ‬لكنه‭ ‬راسخ‭ ‬في‭ ‬قلوبنا‭ ‬وأرواحنا،‭ ‬وأعلى‭ ‬درجات‭ ‬الوفاء‭ ‬لمن‭ ‬منحنا‭ ‬كل‭ ‬الحب‭ ‬والوفاء،‭ ‬أن‭ ‬نسير‭ ‬على‭ ‬وصاياه‭ ‬وتوجيهاته‭ ‬ونهجه‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬الذي‭ ‬عاش‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬وأحبه،‭ ‬وهو‭ ‬الطموح‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬له‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬درجات‭ ‬التقدم‭ ‬والنماء،‭ ‬فسلام‭ ‬على‭ ‬روحك‭ ‬الطاهرة‭ ‬وعلى‭ ‬سيرتك‭ ‬النبيلة‭ ‬العطرة‭.. ‬اللهم‭ ‬يا‭ ‬رب‭ ‬العالمين،‭ ‬أنت‭ ‬تعلم‭ ‬وتسمع‭ ‬دعوات‭ ‬المحبين‭ ‬لـ”خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان”‭ ‬فاجعل‭ ‬في‭ ‬قبره‭ ‬الضياء‭ ‬والنور‭ ‬والسرور‭ ‬ليتبوأ‭ ‬الدرجة‭ ‬الرفيعة‭ ‬في‭ ‬النعيم‭.. ‬اللهم‭ ‬آمين‭.‬