زبدة القول

الصحراء المغربية

| د. بثينة خليفة قاسم

كل‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬لها‭ ‬وجع‭ ‬تاريخي‭ ‬معين‭ ‬بدأ‭ ‬قبل‭ ‬فترة‭ ‬واستمر‭ ‬وكأنه‭ ‬مرض‭ ‬عضال‭ ‬لا‭ ‬يغادر‭ ‬جسد‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬تلك،‭ ‬فيظل‭ ‬منغصا‭ ‬لها‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭ ‬خصوصا‭ ‬عندما‭ ‬يستخدمه‭ ‬أعداء‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬الضغط‭ ‬عليها‭ ‬وإشغالها‭ ‬طوال‭ ‬الوقت،‭ ‬فهناك‭ ‬دول‭ ‬وجعها‭ ‬الطائفية،‭ ‬وهناك‭ ‬دول‭ ‬وجعها‭ ‬المياه‭... ‬أما‭ ‬المغرب‭ ‬فالمسألة‭ ‬الصحراوية‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬موجودة‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬المغرب‭ ‬الشقيق‭ ‬يتصدى‭ ‬لهذه‭ ‬المشكلة‭ ‬بكل‭ ‬حكمة‭ ‬وحسم‭ ‬ولا‭ ‬يفرط‭ ‬في‭ ‬شبر‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭.‬

الصحراء‭ ‬هي‭ ‬أرض‭ ‬مغربية‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬شك‭ ‬وقد‭ ‬قامت‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬الشقيقة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٧٥‬‭ ‬وحتى‭ ‬الآن‭ ‬بالتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬بكل‭ ‬حكمة‭ ‬وبدون‭ ‬أي‭ ‬تفريط‭ ‬أو‭ ‬خروج‭ ‬عن‭ ‬قواعد‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬كغيرها‭ ‬من‭ ‬مشكلات‭ ‬أخرى‭ ‬ابتليت‭ ‬بها‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬كان‭ ‬سببها‭ ‬الاستعمار‭ ‬الذي‭ ‬استمر‭ ‬في‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬والذي‭ ‬يصنع‭ ‬قبل‭ ‬رحيله‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬زرع‭ ‬الشقاق‭ ‬والسعي‭ ‬لوضع‭ ‬مرض‭ ‬معين‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬يوشك‭ ‬أن‭ ‬يغادرها‭ ‬مع‭ ‬اختلاف‭ ‬الوسيلة‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬تبنيها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬حسب‭ ‬ظروفها‭ ‬وحسب‭ ‬مكونات‭ ‬شعبها‭. ‬عندما‭ ‬قرر‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإنجليزي‭ ‬الرحيل‭ ‬عن‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬زرع‭ ‬آلاف‭ ‬الأسافين‭ ‬بين‭ ‬المصريين‭ ‬والسودانيين‭ ‬ثم‭ ‬بين‭ ‬السودانيين‭ ‬والسودانيين‭ ‬وبقي‭ ‬مفعول‭ ‬هذه‭ ‬الأسافين‭ ‬لوقت‭ ‬طويل‭ ‬وكانت‭ ‬لها‭ ‬آثار‭ ‬مدمرة‭. ‬مشكلة‭ ‬الصحراء‭ ‬ظهرت‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٧٥‬‭ ‬قبل‭ ‬رحيل‭ ‬الاستعمار‭ ‬الإسباني‭ ‬عن‭ ‬الأرض‭ ‬المغربية،‭ ‬ولنضع‭ ‬خطا‭ ‬تحت‭ ‬كلمة‭ ‬“قبل”،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬التوقيت‭ ‬طالب‭ ‬المغرب‭ ‬بكل‭ ‬أراضيه‭ ‬الجنوبية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحت‭ ‬سيطرة‭ ‬الاستعمار،‭ ‬وبدأت‭ ‬المشكلة،‭ ‬وعلى‭ ‬رغم‭ ‬من‭ ‬صعوبة‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬وما‭ ‬تكبده‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬في‭ ‬سبيلها‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يفرط‭ ‬يوما‭ ‬في‭ ‬ذرة‭ ‬من‭ ‬ترابها،‭ ‬منذ‭ ‬المسيرة‭ ‬الخضراء‭ ‬التي‭ ‬قادها‭ ‬بنفسه‭ ‬الراحل‭ ‬العظيم‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬الحسن‭ ‬وحتى‭ ‬اليوم‭.‬

المسيرة‭ ‬الخضراء‭ ‬التي‭ ‬خرج‭ ‬فيها‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬الشقيق‭ ‬بقيادة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محتشدا‭ ‬لا‭ ‬يتسلح‭ ‬سوى‭ ‬بكتاب‭ ‬الله‭ ‬وبالعلم‭ ‬المغربي‭ ‬والروح‭ ‬التي‭ ‬تولدت‭ ‬بسبب‭ ‬القيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬الحكيمة‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭. ‬ووقف‭ ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬المستعمر‭ ‬مطالبا‭ ‬بأرضه‭ ‬رافضا‭ ‬فرض‭ ‬أي‭ ‬واقع‭ ‬لا‭ ‬يقبله‭ ‬التاريخ‭ ‬والجغرافيا‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭. ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬رد‭ ‬الجيش‭ ‬المغربي‭ ‬على‭ ‬استفزازات‭ ‬ميليشيات‭ ‬البوليساريو‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قامت‭ ‬الأخيرة‭ ‬بإطلاق‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬الجدار‭ ‬الأمني‭ ‬وأحدثت‭ ‬قلقا‭ ‬واضطرابات‭ ‬معينة‭ ‬عند‭ ‬معبر‭ ‬الكركات،‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬ردا‭ ‬مغربيا‭ ‬ضروريا‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬المليشيات‭ ‬حتى‭ ‬تبقى‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬آمنة‭.‬