رحم الله القائد والإنسان خليفة بن سلمان

| صلاح بوحسن

تتوه‭ ‬الكلمات‭ ‬ويتحجّر‭ ‬القلم،‭ ‬عجزًا‭ ‬عن‭ ‬التعبير‭ ‬عما‭ ‬في‭ ‬القلب‭ ‬من‭ ‬حزن‭ ‬على‭ ‬فراق‭ ‬ورحيل‭ ‬قائد‭ ‬كبير‭ ‬بحجم‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ ‬الذي‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬بعد‭ ‬مسيرة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬التفاني‭ ‬والإخلاص‭ ‬وزاخرة‭ ‬بالبذل‭ ‬والعطاء،‭ ‬حيث‭ ‬أفنى‭ ‬سموه‭ ‬سنوات‭ ‬عمره‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬البحرين‭ ‬وشعبها‭ ‬وقاد‭ ‬مسيرة‭ ‬تنموية‭ ‬مضيئة‭ ‬ومليئة‭ ‬بالمفاخر‭ ‬متحدّيًا‭ ‬كل‭ ‬الصعاب‭ ‬والمخاطر،‭ ‬بما‭ ‬أوتي‭ ‬سموه‭ ‬من‭ ‬حكمة‭ ‬وما‭ ‬اتّسم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬حسم‭ ‬وصرامة‭ ‬وما‭ ‬تمتّع‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬إصرار‭ ‬وعزيمة‭.‬

‭ ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬يهوّن‭ ‬علينا‭ ‬هذا‭ ‬الخطب‭ ‬الجلل‭ ‬أنّ‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬سيظل‭ ‬باقيًا‭ ‬بمآثره،‭ ‬ومواقفه‭ ‬الوطنية‭ ‬وأدواره‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية‭ ‬والعالمية،‭ ‬حيث‭ ‬امتدت‭ ‬إسهامات‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬للإنسانية‭ ‬كلها،‭ ‬ونال‭ ‬جوائز‭ ‬مرموقة‭ ‬من‭ ‬منظمات‭ ‬دولية‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬التنمية‭.‬

‭ ‬إن‭ ‬القاصي‭ ‬والداني‭ ‬يعلم‭ ‬نهج‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬الإنساني‭ ‬وسياسة‭ ‬الباب‭ ‬المفتوح‭ ‬مع‭ ‬المواطنين‭ ‬التي‭ ‬انتهجها‭ ‬سموه‭ ‬من‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬لتولي‭ ‬المسؤولية‭ ‬بل‭ ‬قبل‭ ‬توليه‭ ‬المسؤولية‭ ‬وظل‭ ‬متمسّكًا‭ ‬بها،‭ ‬حاثًّا‭ ‬جميع‭ ‬المسؤولين‭ ‬عليها،‭ ‬وما‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬تعبير‭ ‬عما‭ ‬يكنّه‭ ‬سموه‭ ‬للمواطن‭ ‬من‭ ‬تقدير‭ ‬وما‭ ‬يوليه‭ ‬إياه‭ ‬من‭ ‬اهتمام،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشعر‭ ‬به‭ ‬ويتأكد‭ ‬منه‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تعامل‭ ‬مع‭ ‬سموه‭ ‬أو‭ ‬حضر‭ ‬مجلسه‭ ‬الأسبوعي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬حاضنًا‭ ‬لكل‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع‭ ‬وجميع‭ ‬مشاربه‭ ‬وتوجهاته،‭ ‬فلقد‭ ‬كان‭ ‬سموه‭ ‬شغوفًا‭ ‬بالاطمئنان‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬والسؤال‭ ‬عنه‭ ‬وإتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬رأيه‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬عالمًا‭ ‬بأسر‭ ‬الأسر‭ ‬ورموزها‭ ‬وكبارها‭ ‬وصغارها‭.‬

‭ ‬إن‭ ‬نبل‭ ‬وعطاء‮ ‬‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬امتدّ‭ ‬للجميع،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعله‭ ‬محبوبًا‭ ‬من‭ ‬الجميع،‭ ‬بل‭ ‬ومصدر‭ ‬بهجتهم‭ ‬وسعادتهم،‭ ‬فخليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينساه‭ ‬أحد‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬محبًّا‭ ‬للخير‭ ‬للجميع،‭ ‬وأرسى‭ ‬سموه‭ ‬سياسة‭ ‬الزيارات‭ ‬الميدانية‭ ‬لموقع‭ ‬الحدث،‭ ‬فلا‭ ‬ينتظر‭ ‬تقريرًا‭ ‬مزخرفًا‭ ‬من‭ ‬مسؤول‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬وإنما‭ ‬يحرّكه‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطن‭ ‬والمشاريع‭ ‬المقدمة‭ ‬إليه‭ ‬أينما‭ ‬وجدت،‭ ‬فكان‭ ‬يسمع‭ ‬شكواه‭ ‬ويبادر‭ ‬بتلمس‭ ‬احتياجاته‭ ‬ويسعى‭ ‬بقوة‭ ‬لتلبيتها‭. ‬

‭ ‬وميدان‭ ‬العمل‭ ‬الخيري‭ ‬الذي‭ ‬أشرف‭ ‬بالعمل‭ ‬فيه‭ ‬والانتساب‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬موقعي‭ ‬كرئيس‭ ‬لجمعية‭ ‬المحرق‭ ‬الخيري،‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬نصيب‭ ‬وافر‭ ‬من‭ ‬اهتمام‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬ربه‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬فقد‭ ‬حرص‭ ‬سموه‭ ‬على‭ ‬استثمار‭ ‬الحس‭ ‬الخيّر‭ ‬والجانب‭ ‬الإنساني‭ ‬للمجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬الذي‭ ‬جبل‭ ‬على‭ ‬حب‭ ‬الخير‭ ‬والمساهمة‭ ‬فيه،‭ ‬فعمل‭ ‬سموه‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الإطار‭ ‬القانوني‭ ‬المتين‭ ‬والبيئة‭ ‬التي‭ ‬تحقق‭ ‬الازدهار‭ ‬للعمل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتطوعي‭ ‬ونشر‭ ‬الوعي‭ ‬الثقافي‭ ‬لمفهوم‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي،‭ ‬ووضع‭ ‬كافة‭ ‬السبل‭ ‬والآليات‭ ‬اللازمة‭ ‬لمجتمع‭ ‬مدني‭ ‬قوي‭ ‬وفاعل‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬التنمية‭ ‬ويوجّه‭ ‬عمله‭ ‬ومشروعاته‭ ‬وبرامجه‭ ‬لخدمة‭ ‬المواطنين‭ ‬بمختلف‭ ‬شرائحهم‭ ‬وبما‭ ‬يسد‭ ‬كافة‭ ‬احتياجاتهم،‭ ‬فزادت‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬ومؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬وتنوّعت‭ ‬المشاريع‭ ‬وتعاظمت‭ ‬مكاسب‭ ‬الأسر‭ ‬والمجتمع‭.‬

‭ ‬وإذا‭ ‬بحثنا‭ ‬عن‭ ‬نظرة‭ ‬وفلسفة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬فنجدها‭ ‬فيما‭ ‬كان‭ ‬يؤكد‭ ‬عليه‭ ‬سموه‭ ‬مرارًا‭ ‬بأن‭ ‬الشعوب‭ ‬الخيرة‭ ‬كالشعوب‭ ‬العربية‭ ‬دائمًا‭ ‬تنهض‭ ‬حينما‭ ‬تستدعي‭ ‬الحاجة‭ ‬للأعمال‭ ‬التطوعية‭ ‬وهذا‭ ‬ينبع‭ ‬من‭ ‬قيمها‭ ‬الإسلامية‭ ‬وعاداتها‭ ‬وتقاليدها‭ ‬فالثقافة‭ ‬التطوعية‭ ‬لدى‭ ‬المواطن‭ ‬العربي‭ ‬عمومًا‭ ‬والبحريني‭ ‬خصوصًا‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬تكوينه،‭ ‬وأنه‭ ‬أحد‭ ‬عناصر‭ ‬البناء‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬تأصيلها‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬يأتي‭ ‬حرص‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬الإدراك‭ ‬بمضامين‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬وما‭ ‬يُمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدثه‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابية‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭.‬

‭ ‬رحم‭ ‬الله‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬راعيًا‭ ‬للعمل‭ ‬الخيري،‭ ‬وداعمًا‭ ‬لجميع‭ ‬المبادرات‭ ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬الدفع‭ ‬بالعمل‭ ‬التطوعي‭ ‬الذي‭ ‬يستهدف‭ ‬تنمية‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬وتعزيز‭ ‬روح‭ ‬التعاون‭ ‬والإخاء‭ ‬والتماسك‭ ‬فيها،‭ ‬فتحققت‭ ‬للعمل‭ ‬التطوعي‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬وبات‭ ‬عنصرًا‭ ‬فعّالاً‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المجتمع‭ ‬ونهضته‭.‬

 

رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬المحرق‭ ‬الخيرية