رؤيا مغايرة

“والدي خليفة بن سلمان لن أنسى وقفاتك معي ما حييت”

| فاتن حمزة

أيام‭ ‬مضت‭ ‬على‭ ‬رحيل‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬الوالد‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ ‬وشعب‭ ‬البحرين‭ ‬لم‭ ‬يستوعب‭ ‬رحيله‭ ‬لحد‭ ‬الآن،‭ ‬كيف‭ ‬نقتنع‭ ‬برحيله‭ ‬ونحن‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬وعينا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الدنيا‭ ‬نجده‭ ‬الأمان‭ ‬والاستقرار‭ ‬والقوة‭ ‬والسند‭ ‬لهذا‭ ‬الوطن،‭ ‬كان‭ ‬والدا‭ ‬لشعب‭ ‬بأكمله‭ ‬مواطنا‭ ‬كان‭ ‬أو‭ ‬مقيما،‭ ‬يتابع‭ ‬أحوالهم‭ ‬ويسمع‭ ‬همومهم‭ ‬ومشكلاتهم‭.‬

يصعب‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يستوعب‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬رجلاً‭ ‬بحجم‭ ‬الوطن‭ ‬يمد‭ ‬ظله‭ ‬لكل‭ ‬الناس‭ ‬ويحتويهم‭ ‬ويشجعهم‭ ‬ويقف‭ ‬إلى‭ ‬جانبهم‭ ‬في‭ ‬الملمات‭... ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬الوالد‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬فمازلت‭ ‬أذكر‭ ‬كيف‭ ‬احتواني‭ ‬بعطفه‭ ‬واهتمامه،‭ ‬عندما‭ ‬ضاقت‭ ‬صدور‭ ‬البعض‭ ‬بكلمات‭ ‬سطرتها‭ ‬وانتقدت‭ ‬فيها‭ ‬تجاوزات‭ ‬إحدى‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى،‭ ‬فعمدت‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬شكوى‭ ‬ضدي،‭ ‬وكانت‭ ‬تجربة‭ ‬لم‭ ‬أستوعبها‭ ‬ولم‭ ‬أمر‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬وأنا‭ ‬الصغيرة‭ ‬المغمورة‭ ‬التي‭ ‬مازالت‭ ‬تخطو‭ ‬خطواتها‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الكتابة‭ ‬والصحافة‭.‬

ولم‭ ‬يدر‭ ‬بخلدي‭ ‬وأنا‭ ‬أعاني‭ ‬من‭ ‬سطوة‭ ‬القلق‭ ‬وخفاء‭ ‬مآلات‭ ‬القضية‭ ‬أن‭ ‬أرى‭ ‬والدي‭ ‬الراحل‭ ‬يقف‭ ‬بجانبي‭ ‬يطمئنني‭ ‬قولاً‭ ‬ويحميني‭ ‬فعلاً،‭ ‬كنت‭ ‬أسمع‭ ‬عن‭ ‬مكارم‭ ‬أخلاقه‭ ‬وإنسانيته‭ ‬ومواقفه،‭ ‬إنما‭ ‬ما‭ ‬مررت‭ ‬به‭ ‬جعلني‭ ‬أعرف‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ‬هذه‭ ‬الصفات‭ ‬العظيمة‭ ‬وألمس‭ ‬الحنية‭ ‬الأبوية‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬زادتني‭ ‬عشقاً‭ ‬لهذه‭ ‬القامة‭ ‬الطيبة‭.‬

من‭ ‬المؤسف‭ ‬أن‭ ‬مساحة‭ ‬المقال‭ ‬لا‭ ‬تستوعب‭ ‬كل‭ ‬الذكريات‭ ‬مع‭ ‬سموه،‭ ‬فدوره‭ ‬معي‭ ‬في‭ ‬حمايتي‭ ‬كان‭ ‬كبيراً‭ ‬وكلماته‭ ‬لي‭ ‬وشكره‭ ‬الدائم‭ ‬لوطنيتي‭ ‬وإعجابه‭ ‬بمقالاتي‭ ‬كانت‭ ‬كثيرة‭ ‬وكانت‭ ‬الدافع‭ ‬الأكبر‭ ‬لي‭ ‬للاستمرار‭ ‬بكل‭ ‬وطنية‭ ‬وحب،‭ ‬كتبت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المقالات‭ ‬إنما‭ ‬لم‭ ‬يخطر‭ ‬ببالي‭ ‬أني‭ ‬سأكتب‭ ‬عن‭ ‬رحيل‭ ‬هذا‭ ‬الإنسان‭ ‬العظيم‭ ‬الذي‭ ‬أسرني‭ ‬وأسر‭ ‬العالم‭ ‬بحنكته‭ ‬ودهائه‭ ‬وعفويته‭ ‬ورقي‭ ‬أخلاقه،‭ ‬كان‭ ‬فخراً‭ ‬للبحرين‭ ‬وسيبقى،‭ ‬فالعظماء‭ ‬لا‭ ‬تنقطع‭ ‬آثارهم‭ ‬بل‭ ‬تبقى‭ ‬خالدة‭ ‬تتناقلها‭ ‬الأجيال‭. ‬رحم‭ ‬الله‭ ‬أمير‭ ‬الإنسانية‭ ‬الحاني‭ ‬العطوف‭ ‬باني‭ ‬نهضة‭ ‬البحرين‭ ‬الوالد‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬ونتضرع‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬العلي‭ ‬القدير‭ ‬أن‭ ‬يسكنه‭ ‬فسيح‭ ‬الجنان‭.‬