مُلتقطات

“أبوزينب”... لم يسمع كلمة “بابا” أشهراً!؟

| د. جاسم المحاري

أنعمَ‭ ‬الباري‭ ‬تعالى‭ ‬على‭ ‬شامل‭ ‬مخلوقاته‭ ‬بنعم‭ ‬لا‭ ‬يُمكن‭ ‬عدّها،‭ ‬فيكفي‭ ‬هذا‭ ‬المخلوق‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬“حُنّو”‭ ‬الأبوة‭ ‬كواحدٍ‭ ‬من‭ ‬جُملة‭ ‬هذه‭ ‬المخلوقات،‭ ‬أنْ‭ ‬تكتسب‭ ‬مفردته‭ ‬–‭ ‬الأبّ‭ - ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬الشرائع‭ ‬السماوية؛‭ ‬عمق‭ ‬المعاني‭ ‬وسّو‭ ‬الدّلالات‭ ‬التي‭ ‬أنعم‭ ‬هذا‭ ‬الخالق‭ ‬العظيم‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬عباده‭ ‬دون‭ ‬استثناء،‭ ‬باعتباره‭ ‬“الروح”‭ ‬والمؤثر‭ ‬و”العَمَد”‭ ‬الرئيس،‭ ‬الذي‭ ‬يستلزمه‭ ‬الاهتمام‭ ‬بمحيطه‭ ‬العائلي،‭ ‬ولاسيما‭ ‬فلذات‭ ‬الأكباد‭ ‬من‭ ‬البنين‭ ‬والبنات،‭ ‬ورعاية‭ ‬مطالبهم‭ ‬وتلبية‭ ‬احتياجاتهم‭ ‬وتحقيق‭ ‬آمالهم‭ ‬وحماية‭ ‬مصالحهم‭ ‬التي‭ ‬تتلاشى‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬غاب‭ ‬دوره‭ ‬الذي‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬منهجية‭ ‬نشأتهم‭ ‬وبناء‭ ‬شخوصهم‭ ‬التي‭ ‬تُحقّق‭ ‬السعادة‭ ‬وتُحصّل‭ ‬الغايات‭ ‬وتنشد‭ ‬الآمال‭ ‬حتى‭ ‬يستشعروا‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬وثيق‭ ‬الحماية‭ ‬وكبير‭ ‬الرعاية‭ ‬وكامل‭ ‬التوازن‭ ‬ونماء‭ ‬التربية‭ ‬وحنان‭ ‬الأبوة‭ ‬الذي‭ ‬ينقطع‭ ‬نظيره‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬تطغى‭ ‬عليها‭ ‬الشّدة‭ ‬والحزم‭ ‬تارة،‭ ‬والرفق‭ ‬واللين‭ ‬تارة‭ ‬أخرى‭.‬

أشار‭ ‬عالم‭ ‬النفس‭ ‬النمساوي‭ ‬“فرويد”‭ ‬إلى‭ ‬أنّه‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬الطفولة‭ ‬مهم‭ ‬بقدر‭ ‬الحاجة‭ ‬للشعور‭ ‬بحماية‭ ‬الأبّ‭ ‬الذي‭ ‬وصفه‭ ‬بوَتَد‭ ‬العائلة‭ ‬جسدياً‭ ‬ووجدانياً‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الأسرة،‭ ‬خصوصا‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬يحظون‭ ‬بالدّور‭ ‬الفعّال‭ ‬منذ‭ ‬الصغر،‭ ‬لتأثيراته‭ ‬الإيجابية‭ ‬اجتماعياً‭ ‬ودراسياً‭ ‬وسلوكياً‭ ‬دون‭ ‬أنْ‭ ‬يقتصر‭ ‬دوره‭ ‬على‭ ‬“ماكينة‭ ‬سحب‭ ‬النقود”‭! ‬أو‭ ‬أنّْ‭ ‬يُغيّب‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ (‬قسريّاً‭) ‬كحال‭ ‬المواطن‭ ‬“أبوزينب”‭ ‬الذي‭ ‬ينشد‭ ‬المعنيين‭ ‬مساعدته‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬طفلته‭ ‬ذات‭ ‬الربيعين‭ ‬منذ‭ ‬أشهر‭ ‬عدة،‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬شاءت‭ ‬الأقدار‭ ‬افتراق‭ ‬الوالدين‭ ‬عن‭ ‬بعضهما؛‭ ‬لتبقى‭ ‬“زينب”‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬والدها‭ ‬الذي‭ ‬استُصدر‭ ‬له‭ ‬حكم‭ ‬قضائي‭ ‬إجباري‭ ‬النفاذ‭ ‬لرؤية‭ ‬فلذة‭ ‬كبده‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬رُزق‭ ‬بها‭ ‬بعد‭ ‬انتظار‭ ‬دام‭ (‬10‭) ‬سنوات،‭ ‬إلا‭ ‬أنّ‭ ‬في‭ ‬قلبه‭ ‬حسرة‭ ‬وألما‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬استنفد‭ ‬–‭ ‬على‭ ‬حدّ‭ ‬قوله‭ - ‬كلّ‭ ‬الوسائل‭ ‬وطَرَقَ‭ ‬جميع‭ ‬الأبواب‭ ‬دون‭ ‬جدوى‭.‬

نافلة‭: ‬

بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬علّة‭ ‬الافتراق‭ ‬بين‭ ‬الزوجين‭ ‬بالطلاق‭ ‬أو‭ ‬الخلع‭ ‬أو‭ ‬الانفصال‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬شابه،‭ ‬كحالة‭ ‬المواطن‭ ‬أبوزينب،‭ ‬إلا‭ ‬أنّ‭ ‬الأمر‭ ‬المُحزن‭ ‬قد‭ ‬بدا‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬الرؤية‭ ‬والاستضافة‭ ‬الذي‭ ‬تستغله‭ ‬–‭ ‬بعض‭ - ‬النساء‭ ‬في‭ ‬وقتنا‭ ‬الحاضر‭ ‬كـ‭ ‬“غنيمة‭ ‬باردة”‭ ‬وسلاح‭ ‬فتّاك‭ ‬لإذلال‭ ‬الرجل‭ ‬وتهميش‭ ‬دوره‭ ‬بعد‭ ‬حرمانه‭ ‬حقّه‭ ‬“عُنوة”‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬فلذات‭ ‬كبده‭ ‬أو‭ ‬تمكينه‭ ‬من‭ ‬زيارتهم،‭ ‬بما‭ ‬يُعدّ‭ ‬“قطعاً”‭ ‬لصلة‭ ‬الأرحام‭ ‬لم‭ ‬تُجوّزه‭ ‬شريعة‭ ‬السماء‭ ‬–‭ ‬انظر‭ ‬سورة‭ ‬البقرة،‭ ‬آية‭ ‬233‭ - ‬عند‭ ‬حصول‭ ‬الفرقة‭ ‬بين‭ ‬الزوجين،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬تناسٍ‭ ‬واضح‭ ‬لثمرة‭ ‬الزواج‭ ‬التي‭ ‬تُبقيهم،‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬حيرة‭ ‬من‭ ‬أمرهم،‭ ‬تحت‭ ‬رحمة‭ ‬اليتم‭ ‬الحتمي‭ ‬وغُربة‭ ‬العُقد‭ ‬النفسية‭ ‬بقاعات‭ ‬المحاكم،‭ ‬في‭ ‬مشاهد‭ ‬مأساوية‭ ‬حقيقية‭ ‬تنفطر‭ ‬لها‭ ‬القلوب،‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬يُمزّقها‭ ‬حزن‭ ‬الآلام‭ ‬على‭ ‬الفراق،‭ ‬ولوعة‭ ‬الأوجاع‭ ‬عند‭ ‬انقطاع‭ ‬كلمة‭ ‬“بابا”‭!.‬