ما وراء الحقيقة

عندما يرحل الأمير الوالد

| د. طارق آل شيخان الشمري

للرحيل‭ ‬مرارة‭ ‬وحزن‭ ‬وألم‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحمله‭ ‬وتصوره،‭ ‬خصوصا‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬الراحل‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬المكانة‭ ‬والمحبة‭ ‬والمعزة‭ ‬العظيمة‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬محبيه،‭ ‬وقد‭ ‬رحل‭ ‬عن‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬وأهل‭ ‬الخليج‭ ‬الوالد‭ ‬والرمز‭ ‬الخليجي‭ ‬العربي‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬بعد‭ ‬مسيرة‭ ‬بحرينية‭ ‬وخليجية‭ ‬وعربية‭ ‬عظيمة،‭ ‬ستظل‭ ‬محفورة‭ ‬بذاكرة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬عرف‭ ‬وأحب‭ ‬هذا‭ ‬القائد،‭ ‬وستبقى‭ ‬بقلوب‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬والخليج‭.‬

نعلم‭ ‬مدى‭ ‬حزن‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬فقيدهم‭ ‬العظيم،‭ ‬ونعلم‭ ‬مدى‭ ‬الأسى‭ ‬الذي‭ ‬يشعرون‭ ‬به‭ ‬لرحيل‭ ‬هذا‭ ‬الوالد‭ ‬العظيم،‭ ‬ونعلم‭ ‬أيضا‭ ‬مدى‭ ‬تأثير‭ ‬الراحل‭ ‬على‭ ‬قلوب‭ ‬ونفوس‭ ‬أهل‭ ‬البحرين،‭ ‬لكنّ‭ ‬عزاءنا‭ ‬أن‭ ‬مدرسة‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والإنسانية‭ ‬ستبقى‭ ‬راسخة‭ ‬وخالدة‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬وستكون‭ ‬نبراسا‭ ‬وخارطة‭ ‬طريق‭ ‬للأجيال‭ ‬التي‭ ‬ستنهض‭ ‬بالبحرين‭ ‬للتطور‭ ‬والتقدم‭ ‬والازدهار،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬نراهن‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬النهل‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬هذه‭ ‬المدرسة‭ ‬التي‭ ‬يفتخر‭ ‬بها‭ ‬أهل‭ ‬البحرين،‭ ‬لأنها‭ ‬مدرسة‭ ‬شاملة‭ ‬وجامعة‭ ‬لكل‭ ‬المجالات‭ ‬والميادين‭ ‬والحقول‭ ‬وأسس‭ ‬وثوابت‭ ‬الحكم‭ ‬والحياة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬البحرين‭ ‬الكريمة‭.‬

إن‭ ‬رحيل‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬خسارة‭ ‬كبيرة‭ ‬لأهل‭ ‬البحرين،‭ ‬وخسارة‭ ‬أيضا‭ ‬للخليجيين،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬للسياسة‭ ‬الخليجية،‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬مؤسسي‭ ‬مدرسة‭ ‬الوحدة‭ ‬الخليجية،‭ ‬وعاصر‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬بدايات‭ ‬اللبنة‭ ‬الأولى‭ ‬لمسيرة‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬وساهم‭ ‬مساهمة‭ ‬عظيمة‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬أسس‭ ‬ومرتكزات‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬الموحدة‭ ‬مع‭ ‬إخوانه‭ ‬زعماء‭ ‬وقادة‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬رحم‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬رحل‭ ‬وأطال‭ ‬الله‭ ‬عمر‭ ‬من‭ ‬بقي‭.‬

إن‭ ‬فقدان‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬أمر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬محزن،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬واجب‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬أن‭ ‬يشعروا‭ ‬بأن‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬مازال‭ ‬حيا‭ ‬بينهم،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المضي‭ ‬على‭ ‬نهجه‭ ‬وأسلوبه‭ ‬وتطبيق‭ ‬كلماته‭ ‬ونصائحه‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يقولها‭ ‬بالمحافل‭ ‬والمناسبات‭ ‬والتجمعات‭ ‬بين‭ ‬أبنائه‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬البحرين،‭ ‬فالعلاقة‭ ‬الأبوية‭ ‬بين‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬وبين‭ ‬أبنائه‭ ‬من‭ ‬شعب‭ ‬البحرين‭ ‬علاقة‭ ‬متميزة‭ ‬وعظيمة،‭ ‬ونشهد‭ ‬نحن‭ ‬الخليجيون‭ ‬بذلك‭ ‬الأمر‭ ‬لأننا‭ ‬لامسناه‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭ ‬وسنوات،‭ ‬والآن‭ ‬لا‭ ‬نملك‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نقول‭: ‬عظم‭ ‬الله‭ ‬أجركم‭ ‬يا‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭.. ‬وأحسن‭ ‬الله‭ ‬عزاءكم‭ ‬بفقيدكم‭ ‬وفقيد‭ ‬أهل‭ ‬الخليج‭.‬