سيدي الراحل “خليفة بن سلمان”.. ترى، بأي المفردات نرثيك؟

| عادل عيسى المرزوق

كأن‭ ‬نورًا‭ ‬يملأ‭ ‬أرجاء‭ ‬الروح‭ ‬غاب‭ ‬عنا،‭ ‬فأظلمت‭ ‬القلوب‭ ‬بسحابة‭ ‬الحزن‭.. ‬مغيب‭ ‬ذلك‭ ‬النور‭ ‬المهيب‭ ‬الماثل‭ ‬في‭ ‬الوجدان‭ ‬هو‭ ‬رحيل‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬سيدي‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬وجعل‭ ‬الجنة‭ ‬مثواه‭.. ‬كم‭ ‬هي‭ ‬مفجعة‭ ‬لحظة‭ ‬انتظار‭ ‬النور‭ ‬فلا‭ ‬يبزغ‭! ‬مؤمنون‭ ‬بقضاء‭ ‬الله‭ ‬وقدره‭ ‬وحكمته‭ ‬ومشيئته‭ ‬جلّ‭ ‬في‭ ‬علاه‭.. ‬راضون‭ ‬بما‭ ‬كتبه‭ ‬الله‭ ‬لعباده‭ ‬في‭ ‬الشدة‭ ‬والرخاء‭.. ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬راد‭ ‬لأمره‭ ‬وقضائه،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العيون‭ ‬حين‭ ‬تدمع،‭ ‬والقلوب‭ ‬حين‭ ‬تتوجع،‭ ‬والأرواح‭ ‬حين‭ ‬يغادرها‭ ‬نور‭ ‬الفقيد‭ ‬الكبير،‭ ‬تحاصرها‭ ‬تلك‭ ‬المشاعر‭ ‬التي‭ ‬تتوالى‭ ‬حزنًا‭ ‬حينًا،‭ ‬ودعاءً‭ ‬أحيانًا‭ ‬أخرى‭ ‬بأن‭ ‬يتغمد‭ ‬الله‭ ‬فقيدنا‭ ‬الكبير‭ ‬وحبيب‭ ‬قلوبنا‭ ‬ومجد‭ ‬وطننا‭ ‬“خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان”‭ ‬في‭ ‬رفيع‭ ‬درجات‭ ‬الجنان‭.‬

‭ ‬بين‭ ‬ذرف‭ ‬الدموع‭ ‬وكلمات‭ ‬التعازي‭ ‬ومعاني‭ ‬المواساة،‭ ‬يحتار‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬أحب‭ ‬“خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان”‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬المفردات‭ ‬التي‭ ‬تنساب‭ ‬في‭ ‬مضامين‭ ‬الرثاء‭.. ‬كانت‭ ‬القلوب‭ ‬تنتظر‭ ‬لحظة‭ ‬من‭ ‬لحظات‭ ‬الإشراق‭ ‬لذلك‭ ‬النور‭ ‬السامي‭ ‬وهي‭ ‬تترقب‭ ‬رحلة‭ ‬العلاج‭.. ‬تفرح‭ ‬حين‭ ‬تأتي‭ ‬أنباء‭ ‬تطمئن‭ ‬لها‭ ‬النفس‭.. ‬تتوجّس‭ ‬حين‭ ‬يكون‭ ‬الحبيب‭ ‬على‭ ‬فراشه‭ ‬الأبيض‭ ‬متعبًا‭ ‬مرهقًا‭.. ‬ثم‭ ‬تعود‭ ‬لتطمئن‭ ‬بأصدق‭ ‬الدعوات‭ ‬وأخلصها‭ ‬لأن‭ ‬ينعم‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬بالشفاء‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬أحببنا‭.. ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬والشكر‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ومن‭ ‬بعد،‭ ‬فهو‭ ‬ربنا‭ ‬أرحم‭ ‬الراحمين،‭ ‬والأجل‭ ‬في‭ ‬ميعاده‭ ‬المقدر،‭ ‬آت‭ ‬لا‭ ‬محالة‭.. ‬نحتار‭ ‬كيف‭ ‬نرثيك‭ ‬سيدي‭ ‬“أبا‭ ‬علي”‭.. ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬من‭ ‬لحظات‭ ‬حياتك‭ ‬مع‭ ‬شعبك‭ ‬الوفي،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬همسة‭ ‬من‭ ‬همسات‭ ‬الروح‭ ‬في‭ ‬العرفان‭ ‬بجمائلك‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحصى‭ ‬ولا‭ ‬تنسى‭.. ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬يعلو‭ ‬فيه‭ ‬صرح‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬بعطائك‭ ‬المجيد‭.. ‬في‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬اللحظات،‭ ‬يسمو‭ ‬حبك‭ ‬في‭ ‬قلوبنا،‭ ‬وتعيش‭ ‬فيها‭ ‬أبدًا‭ ‬ولا‭ ‬تغادر‭ ‬القلوب‭.‬

‭ ‬صاغت‭ ‬أفئدتنا‭ ‬حروفها‭ ‬الحزينة‭ ‬بالتعازي‭ ‬إلى‭ ‬أنجالك‭ ‬وأحفادك‭ ‬وإلى‭ ‬عموم‭ ‬عائلة‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬الكرام‭.. ‬مذ‭ ‬بلغنا‭ ‬خبر‭ ‬رحيلك،‭ ‬والبحرين‭ ‬من‭ ‬أقصاها‭ ‬إلى‭ ‬أدناها‭ ‬بل‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬عرفتك‭ ‬“قائدًا‭ ‬عظيمًا‭ ‬فذًّا”،‭ ‬أحاطها‭ ‬الحزن‭ ‬والأسى،‭ ‬لأنك‭ ‬الرمز‭ ‬الذي‭ ‬عرفه‭ ‬الجميع‭ ‬بتفانيه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بناء‭ ‬ونهضة‭ ‬بلاده،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬كل‭ ‬الأوطان‭ ‬وكل‭ ‬الشعوب‭ ‬وللإنسانية‭ ‬قاطبة،‭ ‬وهذا‭ ‬سجلك‭ ‬العامر‭ ‬هو‭ ‬أكبر‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬إيمانك‭ ‬الكبير‭ ‬بدور‭ ‬القائد‭ ‬الذي‭ ‬يجتاز‭ ‬عطائه‭ ‬حدود‭ ‬المكان‭ ‬والجغرافيا‭.. ‬ليدون‭ ‬اسمه‭ ‬في‭ ‬ديوان‭ ‬القادة‭ ‬العظام‭.‬

‭ ‬سيدي‭ ‬“أبا‭ ‬علي”‭.. ‬رحلت‭.. ‬وأي‭ ‬رحيل‭ ‬أفجع‭ ‬أسرتك‭ ‬وأحبتك‭ ‬في‭ ‬بيتك‭ ‬“البحرين”‭.. ‬هذا‭ ‬البيت‭ ‬الذي‭ ‬منحته‭ ‬من‭ ‬الحب‭ ‬والإخلاص‭ ‬والوفاء‭ ‬والعشق‭ ‬ما‭ ‬جعله‭ ‬بيتًا‭ ‬له‭ ‬المقام‭ ‬الرفيع‭ ‬بين‭ ‬الأمم،‭ ‬إنها‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬البناء‭ ‬الكبير،‭ ‬منذ‭ ‬عهد‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬إلى‭ ‬عهد‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬وأطال‭ ‬عمره،‭ ‬وسجل‭ ‬البحرين‭ ‬حافل‭ ‬وشاهد‭ ‬بأنك‭ ‬أيها‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير‭ ‬“أبا‭ ‬علي”،‭ ‬السند‭ ‬والعون‭ ‬ورجل‭ ‬الدولة‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يشغله‭ ‬عن‭ ‬الارتقاء‭ ‬بوطنه‭ ‬شاغل‭.. ‬ولم‭ ‬يتعبه‭ ‬مرور‭ ‬السنين‭ ‬وتوالي‭ ‬الحقب‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يواصل‭ ‬مسيرة‭ ‬النهضة‭ ‬الشاملة‭ ‬بحكمة‭ ‬المقتدر‭ ‬وشموخ‭ ‬القائد‭ ‬ووفاء‭ ‬الأب‭ ‬الحاني‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬أبنائه‭.. ‬حتى‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬العلاج‭ ‬التي‭ ‬أسدل‭ ‬ستارها‭ ‬برحيلك‭.. ‬وقلبك‭ ‬ينبض‭ ‬بالسؤال‭ ‬والاطمئنان‭ ‬على‭ ‬الوطن‭ ‬وأهله‭.. ‬سيدي‭ ‬“أبا‭ ‬علي”‭.. ‬نم‭ ‬قرير‭ ‬العين‭.. ‬فخير‭ ‬خلف‭ ‬تركت‭ ‬من‭ ‬أبنائك‭ ‬وأحفادك‭ ‬يواصلون‭ ‬مسيرة‭ ‬النهج‭ ‬النير‭ ‬المعطاء‭.. ‬وجميع‭ ‬أبنائك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬الغالي‭ ‬سائرون‭ ‬على‭ ‬درب‭ ‬تضيء‭ ‬فيه‭ ‬حروف‭ ‬اسم‭ ‬“خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان”‭.. ‬وستبقى‭ ‬القلوب‭ ‬ما‭ ‬حيت‭ ‬وهي‭ ‬تلهج‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬لأن‭ ‬ينعم‭ ‬عليك‭ ‬بنعيم‭ ‬الفردوس‭ ‬الأعلى‭.. ‬إنا‭ ‬لله‭ ‬وإنا‭ ‬إليه‭ ‬راجعون،‭ ‬ولا‭ ‬حول‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬إلا‭ ‬بالله‭ ‬العلي‭ ‬العظيم‭.. ‬عظم‭ ‬الله‭ ‬أجرك‭ ‬يا‭ ‬“البحرين”‭.‬