ستة على ستة

رحم الله القائد الإنسان الأمير خليفة بن سلمان

| عطا السيد الشعراوي

بقلوب‭ ‬مؤمنة‭ ‬بقضاء‭ ‬الله‭ ‬وقدره‭ ‬وبكل‭ ‬الحزن‭ ‬والأسى‭ ‬تلقينا‭ ‬نبأ‭ ‬وفاة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الذي‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬صباح‭ ‬الأربعاء،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬خبرًا‭ ‬مزلزلاً‭ ‬لكيان‭ ‬ووجدان‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬عاش‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬المباركة‭ ‬الطيبة‭ ‬من‭ ‬مواطنين‭ ‬ومقيمين،‭ ‬بل‭ ‬وكل‭ ‬عربي‭ ‬ومسلم‭ ‬لمس‭ ‬أو‭ ‬عرف‭ ‬أو‭ ‬استمع‭ ‬أو‭ ‬وجد‭ ‬في‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬كل‭ ‬الصفات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الحميدة‭ ‬والخصال‭ ‬الكريمة‭ ‬والسجايا‭ ‬الحسنة‭ ‬التي‭ ‬جعلته‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬قريبا‭ ‬من‭ ‬القلوب‭ ‬كلها،‭ ‬فكما‭ ‬كان‭ ‬محبا‭ ‬للناس‭ ‬وحريصا‭ ‬على‭ ‬القرب‭ ‬منهم‭ ‬والاستماع‭ ‬إليهم‭ ‬والعمل‭ ‬لأجل‭ ‬راحتهم‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬صحته‭ ‬ووقته،‭ ‬فقد‭ ‬بادله‭ ‬الجميع‭ ‬هذا‭ ‬الحب،‭ ‬واحتل‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬مكانة‭ ‬غالية،‭ ‬وكان‭ ‬بمثابة‭ ‬الأب‭ ‬أو‭ ‬الأخ‭ ‬أو‭ ‬الصديق‭.‬

هذا‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الإنساني‭ ‬وهو‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬كافيًا‭ ‬لأن‭ ‬يعم‭ ‬الحزن‭ ‬أرجاء‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬إخلاص‭ ‬وعطاء‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شبر‭ ‬منها‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬بيت‭ ‬وكل‭ ‬أسرة،‭ ‬بل‭ ‬وكل‭ ‬فرد‭ ‬فيها،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬العملية‭ ‬للأمير‭ ‬الراحل‭ ‬حملت‭ ‬من‭ ‬الإنجازات‭ ‬والإسهامات‭ ‬ما‭ ‬يصعب‭ ‬تكراره‭ ‬ويستحيل‭ ‬إنجازه‭ ‬بنفس‭ ‬الكفاءة‭ ‬والجودة‭ ‬والتكامل‭ ‬والشمولية‭ ‬والوعي‭ ‬والمسؤولية‭ ‬التي‭ ‬تجسدت‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مراحل‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬فيها‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬رئيسًا‭ ‬للحكومة‭ ‬منذ‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬حيث‭ ‬وضع‭ ‬الأسس‭ ‬المتينة‭ ‬والأركان‭ ‬الرئيسة‭ ‬لدولة‭ ‬عصرية‭ ‬ونهضة‭ ‬وتنمية‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬سابقًا‭ ‬لعصره‭ ‬في‭ ‬رؤيته‭ ‬وفي‭ ‬التخطيط‭ ‬لأهدافه‭ ‬واستثمار‭ ‬كل‭ ‬أدواته‭ ‬البشرية‭ ‬والمادية،‭ ‬والتعامل‭ ‬والتفاعل‭ ‬مع‭ ‬البيئتين‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬بما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬المصالح‭ ‬البحرينية‭ ‬الوطنية،‭ ‬فكان‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬نموذجًا‭ ‬ساميًا‭ ‬للإنسان‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬مثالا‭ ‬فذًا‭ ‬للقائد‭.‬

ويشاء‭ ‬القدر‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬وفاة‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬تفتخر‭ ‬به‭ ‬البلاد‭ ‬التي‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬بنائها‭ ‬ونهضتها‭ ‬بالمئوية‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬عديدة،‭ ‬لتقدم‭ ‬شهادات‭ ‬موثقة‭ ‬للجهود‭ ‬الجبارة‭ ‬والعمل‭ ‬الدؤوب‭ ‬والمثابرة‭ ‬والعزم‭ ‬الشديد‭ ‬كصفات‭ ‬لازمت‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬طيلة‭ ‬حياته،‭ ‬فأتت‭ ‬النتائج‭ ‬مبهرة‭ ‬بتحقق‭ ‬ما‭ ‬أراده‭ ‬للبحرين‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬مرموق‭ ‬بين‭ ‬أمم‭ ‬العالم‭.‬

وفي‭ ‬الختام‭ ‬نتضرع‭ ‬إلى‭ ‬المولى‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬أن‭ ‬يتغمد‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬بواسع‭ ‬رحمته‭ ‬وأن‭ ‬يجعل‭ ‬مثواه‭ ‬الجنة‭ ‬لقاء‭ ‬ما‭ ‬قدمه‭ ‬لوطنه‭ ‬وشعبه‭ ‬والأمتين‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬والإنسانية‭ ‬كلها‭ ‬من‭ ‬خدمات‭ ‬عظيمة‭ ‬خلال‭ ‬مسيرته‭ ‬التي‭ ‬ستظل‭ ‬راسخة‭ ‬في‭ ‬القلوب‭ ‬وسيسطرها‭ ‬التاريخ‭ ‬بأحرف‭ ‬من‭ ‬نور‭ ‬في‭ ‬سجل‭ ‬من‭ ‬ذهب،‭ ‬داعين‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬أن‭ ‬يحفظ‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وقيادتها‭ ‬الحكيمة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شر‭ ‬وأن‭ ‬يلهمنا‭ ‬جميعا‭ ‬الصبر‭ ‬والسلوان‭.‬