رؤيا مغايرة

“بوعلي... حاضر رغم رحيله”

| فاتن حمزة

ببالغ‭ ‬الحزن‭ ‬والأسى‭ ‬تلقى‭ ‬شعب‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬نعي‭ ‬الديوان‭ ‬الملكي‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬الذي‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬جوار‭ ‬ربه‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭... ‬من‭ ‬هول‭ ‬الصدمة‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬تصديق‭ ‬الخبر‭ ‬قبل‭ ‬قراءته‭ ‬مرات‭ ‬عديدة‭ ‬ليستوعب‭ ‬فيها‭ ‬العقل‭ ‬والقلب‭ ‬رحيله‭... ‬ما‭ ‬أطول‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬بمآسيه،‭ ‬فكيف‭ ‬لقلبي‭ ‬الصغير‭ ‬أن‭ ‬يتحمل‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الألم،‭ ‬بالأمس‭ ‬رحل‭ ‬عنا‭ ‬أمير‭ ‬الكويت،‭ ‬وقبله‭ ‬رحل‭ ‬عني‭ ‬والدي‭ ‬واليوم‭ ‬فاجعة‭ ‬كبرى‭ ‬برحيل‭ ‬صانع‭ ‬البحرين‭ ‬الحديثة‭ ‬الذي‭ ‬ترك‭ ‬بصماته‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬زاوية‭ ‬منها‭.‬

منذ‭ ‬أن‭ ‬وعيت‭ ‬وأنا‭ ‬أراه‭ ‬شامخاً‭ ‬يقود‭ ‬سفينة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬أمواج‭ ‬متلاطمة‭ ‬من‭ ‬المؤامرات‭ ‬والدسائس‭ ‬لنهنأ‭ ‬بنوم‭ ‬هادئ‭ ‬بينما‭ ‬عينه‭ ‬ساهرة،‭ ‬يخيل‭ ‬لي‭ ‬أحياناً‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أناساً‭ ‬لا‭ ‬يموتون‭ ‬رغم‭ ‬رحيلهم‭ ‬فأنت‭ ‬تراهم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬لكن‭ ‬سنة‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬خلقه‭ ‬أنه‭ ‬كتب‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬الفناء‭.‬

نعم‭ ‬يا‭ ‬والدنا‭ ‬فقد‭ ‬رحلت‭ ‬بجسدك،‭ ‬لكن‭ ‬روحك‭ ‬ستبقى‭ ‬لتبث‭ ‬فينا‭ ‬الأمل،‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬صنعته‭ ‬لن‭ ‬يذهب‭ ‬بذهابك‭... ‬ألمنا‭ ‬كبير‭ ‬وعزاؤنا‭ ‬أنك‭ ‬باق‭ ‬معنا‭ ‬رغم‭ ‬رحيلك،‭ ‬فالعظماء‭ ‬لا‭ ‬ترحل‭ ‬إلا‭ ‬أجسادهم‭.. ‬فعلاً‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬نرثي‭ ‬رجلاً‭ ‬بحجمه،‭ ‬شعور‭ ‬الحزن‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ينثر‭ ‬في‭ ‬عبارات‭ ‬وأسطر‭ ‬لا‭ ‬توفيه‭ ‬حقه‭ ‬لذا‭ ‬يبقى‭ ‬“الصمت‭ ‬أكثر‭ ‬بلاغة”،‭ ‬هكذا‭ ‬هي‭ ‬الحياة‭ ‬تخطف‭ ‬منا‭ ‬بسرعة‭ ‬البرق‭ ‬من‭ ‬نحب،‭ ‬كم‭ ‬سنشتاق‭ ‬له‭ ‬ولإنسانيته‭ ‬ومواقفه‭ ‬وخبراته‭ ‬وحكمته‭ ‬وحديثه‭ ‬الشيق‭ ‬الذي‭ ‬لمسنا‭ ‬فيه‭ ‬سراً‭ ‬غريباً‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يخترق‭ ‬القلوب‭ ‬دون‭ ‬استئذان‭.‬

اللهم‭ ‬ارحم‭ ‬روحاً‭ ‬صعدت‭ ‬إليك‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬بيننا‭ ‬وبينها‭ ‬إلا‭ ‬الدعاء،‭ ‬رحمك‭ ‬الله‭ ‬يا‭ ‬حبيبنا‭ ‬ووالدنا‭ ‬وقائدنا‭ ‬وأميرنا‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬اللهم‭ ‬أسكنه‭ ‬فسيح‭ ‬جناتك،‭ ‬وتعازينا‭ ‬الحارة‭ ‬لنا‭ ‬وللبحرين‭ ‬وكل‭ ‬محبيه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بقاع‭ ‬العالم‭.‬