ومضة قلم

وداعاً أبا علي

| محمد المحفوظ

يوم‭ ‬حزن‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البحرين،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وخسارة‭ ‬فادحة‭ ‬جسيمة‭ ‬برحيل‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬الإنسان‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬لكنها‭ ‬إرادة‭ ‬الله،‭ ‬نعم‭ ‬فقدنا‭ ‬برحيل‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬أبا‭ ‬حانيا،‭ ‬ولا‭ ‬تسعنا‭ ‬الكلمات‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬حجم‭ ‬الألم‭ ‬ومرارة‭ ‬الحزن‭ ‬الذي‭ ‬غمر‭ ‬كل‭ ‬ذرة‭ ‬من‭ ‬تراب‭ ‬الوطن‭ ‬بهذا‭ ‬المصاب‭ ‬الجلل،‭ ‬فقدنا‭ ‬أبا‭ ‬وقائدا‭ ‬محنكا‭ ‬قل‭ ‬نظيره،‭ ‬وعزاؤنا‭ ‬أن‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير‭ ‬ترك‭ ‬إرثا‭ ‬وعطاءً‭ ‬سيبقى‭ ‬خالدا‭ ‬في‭ ‬جبين‭ ‬الوطن‭ ‬والتاريخ،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬سيبقى‭ ‬مخلدا‭ ‬في‭ ‬وجدان‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬لما‭ ‬حفلت‭ ‬به‭ ‬سيرته‭ ‬من‭ ‬مواقف‭ ‬مشرفة‭ ‬تستعصي‭ ‬على‭ ‬النسيان‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬رحيل‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬فادحا‭ ‬نظرا‭ ‬للدور‭ ‬الذي‭ ‬نهض‭ ‬به‭ ‬طوال‭ ‬مسيرته‭ ‬الحافلة‭ ‬بالأعمال‭ ‬الاستثنائية‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬وطنه‭ ‬وأمته،‭ ‬نعم‭ ‬إن‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬هو‭ ‬بحق‭ ‬رجل‭ ‬الحكمة‭ ‬والسلام‭ ‬المحب‭ ‬للوطن،‭ ‬إنّ‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬النادرين‭ ‬والقلائل‭ ‬الذين‭ ‬وهبوا‭ ‬كل‭ ‬ذرة‭ ‬من‭ ‬كيانهم‭ ‬لخدمة‭ ‬وطنهم‭ ‬وأمتهم‭.. ‬من‭ ‬هنا‭ ‬فإنّ‭ ‬حجم‭ ‬الخسارة‭ ‬مضاعف‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬العصيب‭ ‬فإنه‭ ‬يشكل‭ ‬خسارة‭ ‬لا‭ ‬تعوض‭ ‬لا‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬فحسب،‭ ‬لكن‭ ‬للأمتين‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬كونه‭ ‬الزعيم‭ ‬الداعم‭ ‬للسلام،‭ ‬وكم‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬رصانة‭ ‬سموه‭ ‬ونهجه‭ ‬الحكيم‭ ‬وسياسته‭ ‬المتزنة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأحداث‭.‬

يشهد‭ ‬القاصي‭ ‬والداني‭ ‬للراحل‭ ‬الكبير‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬الاستثنائيين،‭ ‬حيث‭ ‬استطاع‭ ‬بما‭ ‬يمتلك‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬ثاقبة‭ ‬ودبلوماسية‭ ‬أن‭ ‬يعالج‭ ‬أشد‭ ‬القضايا‭ ‬تعقيدا‭ ‬طوال‭ ‬حياته،‭ ‬وبفضل‭ ‬بعد‭ ‬نظره‭ ‬فإنّ‭ ‬مملكتنا‭ ‬شهدت‭ ‬نهضة‭ ‬عمرانية‭ ‬وتنموية‭ ‬وأصبحت‭ ‬مركزا‭ ‬اقتصاديا‭ ‬مرموقا‭. ‬إنّ‭ ‬غياب‭ ‬الأمير‭ ‬الإنسان‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬سيترك‭ ‬فراغا‭ ‬كبيرا‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬وستفتقده‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭.‬

ليس‭ ‬رثاء‭ ‬لهذا‭ ‬القائد‭ ‬الكبير،‭ ‬فالكبار‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬لا‭ ‬يغيبون‭ ‬لكنهم‭ ‬يرحلون‭ ‬بأجسادهم،‭ ‬أما‭ ‬آثارهم‭ ‬ومنجزاتهم‭ ‬الإنسانية‭ ‬والحضارية‭ ‬فستبقى‭ ‬شاهدة‭ ‬على‭ ‬عظمتهم‭. ‬كم‭ ‬نحن‭ ‬حزانى‭ ‬لرحيلك‭ ‬أيها‭ ‬الأمير‭ ‬الإنسان‭ ‬لأنك‭ ‬لم‭ ‬تخذل‭ ‬أحدا‭ ‬يوما‭ ‬ما،‭ ‬وكثيرون‭ ‬مروا‭ ‬بظروف‭ ‬صعبة‭ ‬لكنّك‭ ‬بما‭ ‬كنت‭ ‬تملك‭ ‬من‭ ‬قلب‭ ‬كبير‭ ‬وقفت‭ ‬إلى‭ ‬جانبهم‭ ‬حتى‭ ‬عبروا‭ ‬الظروف‭ ‬بأمان‭.‬

 

نم‭ ‬قرير‭ ‬العين‭ ‬أيها‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير،‭ ‬والوطن‭ ‬الذي‭ ‬كرست‭ ‬له‭ ‬كل‭ ‬طاقتك‭ ‬وجهدك‭ ‬لن‭ ‬ينسى‭ ‬مواقفك‭ ‬عرفانا‭ ‬بجميل‭ ‬ما‭ ‬أسديت‭ ‬وتقديرا‭ ‬لأدوارك‭ ‬في‭ ‬خدمته‭ ‬بل‭ ‬خدمة‭ ‬الإنسانية‭ ‬بأسرها،‭ ‬ولن‭ ‬نقول‭ ‬في‭ ‬وداعك‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬يلهج‭ ‬به‭ ‬المؤمنون‭ ‬الصابرون‭ ‬“إنا‭ ‬لله‭ ‬وإنا‭ ‬إليه‭ ‬راجعون”‭.‬