المداد يعجز عن رثائك يا أبا علي

| مؤنس المردي

غادرنا‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬مؤسس‭ ‬البحرين‭ ‬الحديثة‭ ‬وباني‭ ‬نهضتها،‭ ‬الأب‭ ‬الروحي‭ ‬للصحافيين‭ ‬والصحافة‭ ‬البحرينية‭ ‬الحديثة،‭ ‬غادرنا‭ ‬بجسده‭ ‬وروحه،‭ ‬لكن‭ ‬ستبقى‭ ‬إنجازاته‭ ‬ومآثره‭ ‬وأعماله‭ ‬ومواقفه‭ ‬باقية‭ ‬بيننا‭ ‬أبد‭ ‬الدهر،‭ ‬وستدون‭ ‬بين‭ ‬الأجيال‭ ‬ويتناقلونها‭ ‬بكل‭ ‬فخر‭ ‬واعتزاز‭ ‬جيلا‭ ‬بعد‭ ‬جيل،‭ ‬إذ‭ ‬كيف‭ ‬تنسى‭ ‬وقد‭ ‬شملت‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬الإنسان‭ ‬وتؤثر‭ ‬في‭ ‬حياته،‭ ‬وتعدت‭ ‬بحدودها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬أجمع،‭ ‬وكيف‭ ‬تنسى‭ ‬وقد‭ ‬لامست‭ ‬كل‭ ‬بحريني‭ ‬وعربي‭ ‬بل‭ ‬وكل‭ ‬إنسان‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض‭.‬

البحرين‭ ‬تبكيك‭ ‬يا‭ ‬أبا‭ ‬علي،‭ ‬فأنت‭ ‬جزء‭ ‬أصيل‭ ‬في‭ ‬وجدان‭ ‬كل‭ ‬بحريني،‭ ‬حب‭ ‬الشعب‭ ‬كان‭ ‬مغروسا‭ ‬في‭ ‬قلبك،‭ ‬وكرست‭ ‬كل‭ ‬حياتك‭ ‬لخدمته‭ ‬وتيسير‭ ‬أموره‭ ‬وتذليل‭ ‬الصعاب‭ ‬أمامه،‭ ‬وبذلت‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وسعك‭ ‬لأجل‭ ‬نهضة‭ ‬البلاد‭ ‬وتعزيز‭ ‬مكانتها‭ ‬لتكون‭ ‬لها‭ ‬بفضل‭ ‬صبرك‭ ‬وعملك‭ ‬ومثابرتك‭ ‬وحكمتك‭ ‬المكانة‭ ‬الشامخة‭ ‬والمنزلة‭ ‬العالية‭ ‬بما‭ ‬حققته‭ ‬من‭ ‬مستويات‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أوجه‭ ‬القوة‭ ‬التنموية‭ ‬والاقتصادية‭.‬

الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬دائما‭ ‬وأبدا‭ ‬يحمل‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬قلبه،‭ ‬ويحمل‭ ‬عشق‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬قلبه،‭ ‬يهتم‭ ‬بأمور‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬التفاصيل،‭ ‬يعرفهم‭ ‬فردًا‭ ‬فردًا،‭ ‬ويعرف‭ ‬عوائلهم‭ ‬عائلة‭ ‬عائلة،‭ ‬يسأل‭ ‬عن‭ ‬الجميع،‭ ‬ويشاركهم‭ ‬أفراحهم‭ ‬وأحزانهم‭ ‬ويمد‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬لهم‭ ‬جميعا،‭ ‬ويسعى‭ ‬بكل‭ ‬قوته‭ ‬ليكونوا‭ ‬في‭ ‬هناءة‭ ‬وسعادة‭ ‬ما‭ ‬استطاع‭ ‬لذلك‭ ‬سبيلا‭.‬

الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬أدرك‭ ‬قوة‭ ‬البحرين‭ ‬وتميز‭ ‬أبنائها،‭ ‬فتفاعل‭ ‬بكل‭ ‬شجاعة‭ ‬وجسارة‭ ‬مع‭ ‬العالم؛‭ ‬لأنه‭ ‬آمن‭ ‬أن‭ ‬لدى‭ ‬البحرين‭ ‬ما‭ ‬تقدمه‭ ‬لهذا‭ ‬العالم،‭ ‬كما‭ ‬آمن‭ ‬أن‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬والتفاعل‭ ‬الخلاق‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬مكاسب‭ ‬الجميع‭ ‬ويحقق‭ ‬مصالح‭ ‬الجميع،‭ ‬فجعل‭ ‬سجل‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬مشرفًا‭ ‬ومليئًا‭ ‬بالعطاء‭ ‬والإنجاز،‭ ‬فقد‭ ‬حاز‭ ‬سموه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجوائز‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬التنمية،‭ ‬ومنها‭ ‬جائزة‭ ‬الأهداف‭ ‬الإنمائية‭ ‬للألفية،‭ ‬جائزة‭ ‬الشرف‭ ‬للإنجاز‭ ‬المتميز‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التنمية‭ ‬الحضرية‭ ‬والإسكان،‭ ‬وجائزة‭ ‬ابن‭ ‬سينا‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬اليونسكو‭ ‬وغيرها‭ ‬الكثير،‭ ‬كما‭ ‬خصص‭ ‬سموه‭ ‬جائزة‭ ‬باسمه‭ ‬الكريم‭ ‬لدعم‭ ‬الجهود‭ ‬الأممية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تشجيع‭ ‬المشاريع‭ ‬المتميزة‭ ‬التي‭ ‬ترتبط‭ ‬بشكل‭ ‬وثيق‭ ‬بتحسين‭ ‬الأحوال‭ ‬المعيشية‭ ‬للإنسان‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬بقاع‭ ‬العالم‭.‬

ومما‭ ‬يعكس‭ ‬التأثير‭ ‬والصدى‭ ‬العالمي‭ ‬الواسع‭ ‬لإسهامات‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ (‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭)‬،‭ ‬تكريم‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬سموه‭ ‬كقائد‭ ‬عالمي،‭ ‬في‭ ‬سابقة‭ ‬كانت‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬المنظمة،‭ ‬وحدث‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى‭ ‬عقد‭ ‬بمقر‭ ‬المنظمة‭ ‬في‭ ‬قصر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بجنيف‭ ‬بحضور‭ ‬رؤساء‭ ‬دول‭ ‬وحكومات‭ ‬ووزراء‭ ‬الصحة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬المنظمة،‭ ‬في‭ ‬اعتراف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬بدور‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬في‭ ‬تفعيل‭ ‬جهود‭ ‬المنظمة‭ ‬الرامية‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬وإنجاز‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إليها‭ ‬والوظائف‭ ‬التي‭ ‬تؤديها‭.‬

ومن‭ ‬المبادرات‭ ‬التي‭ ‬ستخلد‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭ ‬جمعاء‭ ‬مبادرة‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭) ‬التي‭ ‬أقرتها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬باعتماد‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬أبريل‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬يوما‭ ‬دوليا‭ ‬للضمير،‭ ‬وهي‭ ‬المبادرة‭ ‬التي‭ ‬تجسد‭ ‬رؤية‭ ‬سموه‭ ‬وحرصه‭ ‬على‭ ‬السلام‭ ‬والتنمية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بأسره‭.‬

إن‭ ‬المداد‭ ‬ليعجز‭ ‬عن‭ ‬سطر‭ ‬الكلمات‭ ‬في‭ ‬رثائك‭ ‬يا‭ ‬أبا‭ ‬علي،‭ ‬وإن‭ ‬حبر‭ ‬القلم‭ ‬ليتجمد‭ ‬حزنًا‭ ‬على‭ ‬رحيلك،‭ ‬وإنها‭ ‬لمجرد‭ ‬كلمات‭ ‬وسطور‭ ‬قليلة‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬شخصية‭ ‬عظيمة،‭ ‬فرحمك‭ ‬الله‭ ‬يا‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬رحمة‭ ‬واسعة،‭ ‬وأسكنك‭ ‬فسيح‭ ‬جناته؛‭ ‬لقاء‭ ‬ما‭ ‬قدمت‭ ‬لوطنك‭ ‬وللأمة‭ ‬العربية‭ ‬وللعالم‭ ‬أجمع‭.‬