لمحات

لا يعرفه أحد

| د.علي الصايغ

في‭ ‬كتاب‭ ‬عن‭ ‬سيرة‭ ‬حياة‭ ‬الفنان‭ ‬الصيني‭ ‬جاكي‭ ‬شان‭ (‬1954م‭)‬،‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬الفنانين‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحديث،‭ ‬والذي‭ ‬يشتهر‭ - ‬وفقاً‭ ‬لتصريحاته‭ - ‬حتى‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬النائية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬“سيلفستر‭ ‬ستالون”،‭ ‬يدعو‭ ‬الشباب‭ ‬الصيني‭ ‬بالتحديد‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالدراسة؛‭ ‬هذا‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬يكره‭ ‬المدرسة،‭ ‬وقد‭ ‬آل‭ ‬به‭ ‬ذلك‭ ‬للدرجة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬بها‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬إهداءً‭ ‬لمعجبيه‭ ‬ومعجباته‭ ‬عندما‭ ‬بلغ‭ ‬هوليوود،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يكتفي‭ ‬بكتابة‭ ‬اسمه،‭ ‬ويقع‭ ‬في‭ ‬إحراج‭ ‬شديد‭ ‬عندما‭ ‬يطلب‭ ‬منه‭ ‬أحدهم‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬له‭ ‬إهداءً‭ ‬خاصاً‭!‬

عندما‭ ‬ذهب‭ ‬جاكي‭ ‬شان‭ ‬إلى‭ ‬هوليوود،‭ ‬صار‭ ‬يتوجب‭ ‬عليه‭ ‬استخدام‭ ‬بطاقة‭ ‬ائتمان؛‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬الأميركيون‭ ‬أو‭ ‬زوار‭ ‬أميركا‭ ‬عادةً،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يمتلك‭ ‬واحدة،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬عليه‭ ‬نظراً‭ ‬لتعليمه‭ ‬المتواضع‭ ‬أن‭ ‬يدبر‭ ‬أمراً‭ ‬كهذا‭ - ‬كما‭ ‬يقول‭ - ‬ولكنه‭ ‬يمتلك‭ ‬الآن‭ ‬بطاقة‭ ‬ائتمان‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬شراء‭ ‬طائرة‭ ‬نفاثة‭! ‬دأب‭ ‬جاكي‭ ‬شان‭ ‬على‭ ‬تمرن‭ ‬التايكواندو‭ ‬طوال‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬الساعة‭ ‬الخامسة‭ ‬صباحاً‭ ‬حتى‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة‭ ‬ليلاً،‭ ‬وتخللت‭ ‬ذلك‭ ‬الوجبات‭ ‬الرئيسية‭ ‬الثلاث‭ ‬فقط،‭ ‬وهكذا‭ ‬دواليك،‭ ‬هذه‭ ‬المثابرة‭ ‬برأيي‭ ‬هي‭ ‬مفتاح‭ ‬النجاح‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬بشخص‭ ‬لا‭ ‬يعرفه‭ ‬أحد،‭ ‬ولا‭ ‬يمتلك‭ ‬سوى‭ ‬الموهبة،‭ ‬ومن‭ ‬ممثل‭ ‬“كومبارس”‭ ‬أمام‭ ‬الراحل‭ ‬الأسطورة‭ ‬“بروس‭ ‬لي”،‭ ‬إلى‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الفنانين‭ ‬في‭ ‬هوليوود،‭ ‬وعندما‭ ‬نقول‭ ‬هوليوود‭ ‬فإننا‭ ‬نعني‭ ‬العالم‭.‬

الشاهد‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القصة‭ ‬أنها‭ ‬تمثل‭ ‬نجاح‭ ‬شخصية‭ ‬أصرت‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬ما‭ ‬تحب‭ ‬حتى‭ ‬أبدعت‭ ‬فيه،‭ ‬هربت‭ ‬من‭ ‬الروتين‭ ‬الاعتيادي‭ ‬إلى‭ ‬فضاءات‭ ‬ترضي‭ ‬غرورها،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬المستقبل‭ ‬يعد‭ ‬شيئاً‭ ‬غامضاً،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬إصراره‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬ما‭ ‬يحب‭ ‬أهله‭ ‬ليكون‭ ‬جاكي‭ ‬شان؛‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬يتخل‭ ‬عما‭ ‬يحب،‭ ‬واستمر‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬ولم‭ ‬يركن‭ ‬إلى‭ ‬التقليد،‭ ‬وأيقن‭ ‬منذ‭ ‬نعومة‭ ‬أظفاره‭ ‬أن‭ ‬الطريق‭ ‬ذاته‭ ‬إن‭ ‬صلح‭ ‬لفلان،‭ ‬فهو‭ ‬ليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬صالحاً‭ ‬لمئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬الآخرين‭.‬