ومضة قلم

حلم بحرنة الوظائف!

| محمد المحفوظ

لقيت‭ ‬الآلية‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬أعلنتها‭ ‬هيئة‭ ‬تنظيم‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬يوليو‭ ‬الماضي‭ ‬المتمثلة‭ ‬بنشر‭ ‬إعلانات‭ ‬شواغر‭ ‬التوظيف‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬الخاصة‭ ‬ترحيبا‭ ‬واسعا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المواطنين،‭ ‬وكانت‭ ‬تهدف‭ ‬أساسا‭ ‬لأن‭ ‬تتاح‭ ‬الفرصة‭ ‬للمواطنين‭ ‬الراغبين‭ ‬بالحصول‭ ‬على‭ ‬الوظائف‭ ‬أولا،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬يرصد‭ ‬الشواغر‭ ‬الوظيفية‭ ‬المعلنة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الشركات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الخاصة‭ ‬فإنّ‭ ‬الملاحظة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخطئها‭ ‬العين‭ ‬أنها‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬وظائف‭ ‬محددة‭ ‬كفنيي‭ ‬صيانة‭ ‬وطباخين‭ ‬وصانعي‭ ‬مثلجات‭ ‬وكيك‭ ‬ومقدمي‭ ‬أطعمة‭ ‬ومشروبات‭ ‬بالكافيهات،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عمال‭ ‬بالمطاعم‭ ‬وموظفي‭ ‬استقبال‭ ‬بالفنادق‭.‬

بالطبع‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الوظائف‭ ‬مرحب‭ ‬بها‭ ‬ومطلوبة‭ ‬لفئة‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬هم‭ ‬بأمس‭ ‬الحاجة‭ ‬إليها،‭ ‬لكن‭ ‬الملاحظة‭ ‬أنها‭ ‬تخلو‭ ‬تماما‭ ‬من‭ ‬تخصصات‭ ‬المحاسبة‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬وهذا‭ ‬التخصص‭ ‬تحديدا‭ ‬للأكثرية‭ ‬الساحقة‭ ‬من‭ ‬الخريجين‭ ‬البحرينيين،‭ ‬وبين‭ ‬هؤلاء‭ ‬من‭ ‬يتمتعون‭ ‬بالخبرة‭ ‬التي‭ ‬تتطلبها‭ ‬وظيفة‭ ‬المحاسب‭.‬

المفارقة‭ ‬هنا‭ ‬أنّ‭ ‬وظائف‭ ‬المحاسبة‭ ‬في‭ ‬الشركات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الخاصة‭ ‬تشغلها‭ ‬لبالغ‭ ‬الأسف‭ ‬أعداد‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬الأجانب‭ ‬ولا‭ ‬تتطلب‭ ‬هذه‭ ‬المعضلة‭ ‬عناء‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬الوقوف‭ ‬على‭ ‬حجمها،‭ ‬فيكفي‭ ‬إلقاء‭ ‬نظرة‭ ‬على‭ ‬موظفي‭ ‬شركات‭ ‬الصرافة‭ ‬والتدقيق‭ ‬المالي‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬مقار‭ ‬الشركات‭ ‬الرئيسية‭ ‬أو‭ ‬الفروع‭ ‬في‭ ‬المجمعات‭ ‬التجارية‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬المملكة،‭ ‬والتساؤل‭ ‬الذي‭ ‬يرد‭ ‬في‭ ‬الذهن‭ ‬أليس‭ ‬المواطن‭ ‬أجدر‭ ‬بهذه‭ ‬الوظائف؟‭ ‬وإلى‭ ‬متى‭ ‬يحتلها‭ ‬الأجنبي؟

يبدو‭ ‬جليا‭ ‬أنّ‭ ‬مؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬تمارس‭ ‬سياسة‭ ‬التهرب‭ ‬من‭ ‬توظيف‭ ‬المواطن‭ ‬البحرينيّ،‭ ‬بل‭ ‬تمارس‭ ‬التفافا‭ ‬صريحا‭ ‬على‭ ‬المبادرة‭ ‬المعلنة‭ ‬من‭ ‬هيئة‭ ‬تنظيم‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬ولسنا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬التذكير‭ ‬بأنّ‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬الموقر‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬أعلن‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬أنّ‭ ‬الأولوية‭ ‬للتوظيف‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬للمواطن‭ ‬البحريني‭.‬

قبيل‭ ‬سنوات‭ ‬اتفقت‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬مكاتب‭ ‬التوظيف‭ ‬والشركات‭ ‬الاستشارية‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬خدمات‭ ‬التوظيف‭ ‬على‭ ‬إدخال‭ ‬شواغرهم‭ ‬في‭ ‬بنك‭ ‬الشواغر‭ ‬بالوزارة،‭ ‬وبدورها‭ ‬تقوم‭ ‬الوزارة‭ ‬بترشيح‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬المناسبين‭ ‬لها،‭ ‬وتقوم‭ ‬الوزارة‭ ‬بتفعيل‭ ‬فرق‭ ‬التسويق‭ ‬ضمن‭ ‬برنامج‭ ‬أسبوعي‭ ‬لزيارة‭ ‬تلك‭ ‬المنشآت‭ ‬للإسهام‭ ‬بتوظيف‭ ‬العاطلين،‭ ‬وسؤالنا‭ ‬هل‭ ‬مازالت‭ ‬تلك‭ ‬الفرق‭ ‬تمارس‭ ‬مهماتها‭ ‬أم‭ ‬توقفت؟‭ ‬إنّ‭ ‬وظائف‭ ‬مثل‭ ‬“صانع‭ ‬مثلجات”‭ ‬وغيرها‭ ‬ليست‭ ‬الوظائف‭ ‬التي‭ ‬ينتظرها‭ ‬حملة‭ ‬المؤهلات‭ ‬الجامعية‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬تشمل‭ ‬الشواغر‭ ‬جميع‭ ‬التخصصات‭.‬