ريشة في الهواء

مجرد خبر صغير!

| أحمد جمعة

خبر‭ ‬صحافي‭ ‬عابر،‭ ‬غير‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬ساعته،‭ ‬بزاوية‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬ثانوية‭ ‬مجهولة‭ ‬قد‭ ‬يحدث‭ ‬فرقًا‭ ‬بالعالم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مانشيت‭ ‬رئيسي‭ ‬بصحيفة‭ ‬عالمية‭ ‬مشهورة،‭ ‬وتعليق‭ ‬من‭ ‬صحافي‭ ‬مغمور‭ ‬لا‭ ‬اعتبار‭ ‬له‭ ‬بأعمدة‭ ‬الصحافة‭ ‬العالمية،‭ ‬قد‭ ‬يحدث‭ ‬فرقًا‭ ‬في‭ ‬المعمورة،‭ ‬وكذلك‭ ‬رواية‭ ‬أو‭ ‬فيلم‭ ‬بسيط‭ ‬أو‭ ‬سياسي‭ ‬مهمش‭ ‬أو‭ ‬لاجئ‭ ‬من‭ ‬وجه‭ ‬الحرب‭ ‬بركنٍ‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬يشكل‭ ‬رقمًا‭ ‬وسط‭ ‬ملايين‭ ‬الأرقام‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬فرقًا‭.. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬أوحت‭ ‬لي‭ ‬به‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأميركية‭ ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬نتائجها‭ ‬وتداعياتها‭ ‬التي‭ ‬بالطبع‭ ‬ستكون‭ ‬مؤثرة‭ ‬بدرجة‭ ‬ربما‭ ‬تغير‭ ‬شكل‭ ‬الخرائط‭ ‬بالعالم،‭ ‬لكن‭ ‬يظل‭ ‬الإنسان‭ ‬مهما‭ ‬صغر‭ ‬أو‭ ‬ضعف‭ ‬أو‭ ‬هُمش‭ ‬أو‭ ‬عَزل‭ ‬نفسه‭ ‬أو‭ ‬وُضع‭ ‬فوق‭ ‬الرف‭... ‬يمكنه‭ ‬بلحظةٍ‭ ‬تاريخية‭ ‬وفي‭ ‬غفلة‭ ‬من‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬يُحدث‭ ‬فرقًا،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يفهمه‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يحوز‭ ‬رؤية‭ ‬وتأملا،‭ ‬كيف‭ ‬غير‭ ‬كثيرون‭ ‬العالم‭ ‬وكانوا‭ ‬قبلها‭ ‬غير‭ ‬معروفين‭ ‬وغير‭ ‬مهمين‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬مجتمعاتهم،‭ ‬ألم‭ ‬يكن‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬الذي‭ ‬أحدث‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الصخب‭ ‬بالعالم‭ ‬مجرد‭ ‬مقدم‭ ‬برامج‭ ‬ترفيهية؟‭ ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬امتلاكه‭ ‬الملايين‭.‬

هذا‭ ‬العالم‭ ‬رغم‭ ‬سعته‭ ‬لكنه‭ ‬صغير‭ ‬ويمكن‭ ‬للمرء‭ ‬أن‭ ‬يتخيّل‭ ‬خبرا‭ ‬صغيرا‭ ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬بنظر‭ ‬البعض‭ ‬لا‭ ‬أهمية‭ ‬له‭ ‬ولكن‭ ‬بظرفٍ‭ ‬معين‭ ‬وعند‭ ‬منعطف‭ ‬ما‭ ‬يمكنه‭ ‬تغيير‭ ‬أمور‭ ‬كثيرة،‭ ‬إذا‭ ‬أدرك‭ ‬الصحافي‭ ‬أو‭ ‬الكاتب‭ ‬خلفية‭ ‬ما‭ ‬يصيغه،‭ ‬فالحدث‭ ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬اليوم‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬له‭ ‬بالغد‭ ‬يصبح‭ ‬حديث‭ ‬العالم،‭ ‬والرواية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تلقى‭ ‬صدى‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬بإمكانها‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬محور‭ ‬القراءة،‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬لك‭ ‬الآن‭ ‬هامشيًا‭ ‬ربما‭ ‬تخلق‭ ‬منه‭ ‬الأحداث‭ ‬التالية‭ ‬محور‭ ‬الأخبار‭... ‬خذ‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬الدلالة‭ ‬رواية‭ ‬موبي‭ ‬ديك‭ ‬للكاتب‭ ‬الأميركي‭ ‬هيرمان‭ ‬ملفيل‭ ‬التي‭ ‬كتبها‭ ‬بمنتصف‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬ولم‭ ‬تلق‭ ‬صدى‭ ‬ومات‭ ‬الكاتب‭ ‬بحسرته‭ ‬وبعد‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬السنين‭ ‬أصبحت‭ ‬موبي‭ ‬ديك‭ ‬الرواية‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬قمة‭ ‬الأدب‭ ‬الأميركي،‭ ‬لأن‭ ‬الذين‭ ‬كُتِبت‭ ‬لهم‭ ‬حينذاك‭ ‬لم‭ ‬يُدركوا‭ ‬خلفية‭ ‬ومغزى‭ ‬الرواية‭!‬

الأحداث‭ ‬بالعالم‭ ‬ليس‭ ‬شرطًا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مرتبطة‭ ‬بوقتها،‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬والأخبار‭ ‬والوقائع‭ ‬التي‭ ‬تبدو‭ ‬اليوم‭ ‬بلا‭ ‬قيمة‭ ‬ولا‭ ‬صدى‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬بالغد‭ ‬محور‭ ‬الكون‭ ‬وتحدث‭ ‬تغييرًا‭ ‬غير‭ ‬متوقع،‭ ‬لا‭ ‬تتوقفوا‭ ‬عند‭ ‬فوز‭ ‬ترامب‭ ‬أو‭ ‬بايدن‭ ‬ولا‭ ‬تربطوا‭ ‬المستقبل‭ ‬بهذين‭ ‬الرجلين‭ ‬رغم‭ ‬أهمية‭ ‬من‭ ‬يحكم‭ ‬أقوى‭ ‬دولة‭ ‬بالعالم،‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬مواطن‭ ‬أميركي‭ ‬من‭ ‬الشارع‭ ‬يتلقى‭ ‬رصاصة‭ ‬بالخطأ‭ ‬من‭ ‬رجل‭ ‬أمن‭ ‬أن‭ ‬يعكس‭ ‬سياسة‭ ‬البلد‭ ‬كلها‭ ‬ويحدث‭ ‬فرقًا،‭ ‬تذكروا‭ ‬أن‭ ‬خبرًا‭ ‬صغيرًا‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬فرقًا‭ ‬بالأحداث‭.‬

 

تنويرة‭:

‬للحياة‭ ‬منهجها‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬المسارات‭.‬