أميركا فعلاً “أم الدنيا”

| صالح القلاب

لم‭ ‬ينشغل‭ ‬العالم‭ ‬بأي‭ ‬حدث‭ ‬كوني‭ ‬كما‭ ‬انشغل‭ ‬بالانتخابات‭ ‬الأميركية‭ ‬الأخيرة‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أنّ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬هي‭ ‬“أم‭ ‬الدنيا”‭ ‬وهي‭ ‬أهم‭ ‬قوة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وسواءً‭ ‬رضي‭ ‬الأصدقاء‭ ‬الروس‭ ‬أم‭ ‬غضبوا‭ ‬وإذا‭ ‬أعجب‭ ‬هذا‭ ‬رفاق‭ ‬ماوتسي‭ ‬تونغ‭ ‬أم‭ ‬أغضبهم‭ ‬وهو‭ ‬بالطبع‭ ‬قد‭ ‬أغضبهم‭ ‬لأنهم‭ ‬يعتبرون‭ ‬بكين‭ ‬مركز‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية،‭ ‬ولأنهم‭ ‬جعلوا‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬يرتجف‭ ‬رعباً‭ ‬عندما‭ ‬تأتي‭ ‬أية‭ ‬وسيلة‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬على‭ ‬ذكر‭ ‬“كوفيد‭ ‬19”،‭ ‬كورونا‭... ‬هذا‭ ‬الشيطان‭ ‬الرجيم‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬لون‭ ‬له‭ ‬ولا‭ ‬رائحة‭ ‬وبالطبع‭ ‬ولا‭ ‬“يحسّ”‭ ‬به‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬دخل‭ ‬في‭ ‬أنفه‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬طريقه‭ ‬إلى‭ ‬رئته‭.‬

وبالطبع‭ ‬فربما‭ ‬أنّ‭ ‬“الرفاق”‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يقدموا‭ ‬لأهل‭ ‬هذا‭ ‬الكون‭ ‬العامر‭ ‬المترامي‭ ‬الأطراف‭ ‬سوى‭ ‬ما‭ ‬أبدعه‭ ‬ماوتسي‭ ‬تونغ‭ ‬من‭ ‬نظريات‭ ‬لم‭ ‬يستنجد‭ ‬بها‭ ‬إلا‭ ‬القيادات‭ ‬الصينية‭ ‬المتعاقبة‭ ‬ومعهم‭ ‬زعيم‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬كيم‭ ‬جونغ‭ ‬أون‭ ‬وبعض‭ ‬“منظرّي”‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬الذين‭ ‬بقوا‭ ‬يجترون‭ ‬هذه‭ ‬“الإبداعات‭ ‬المأساوية”‭ ‬بدون‭ ‬أي‭ ‬إنجاز‭ ‬والذين‭ ‬أخذ‭ ‬بعضهم‭ ‬كتب‭ ‬هذا‭ ‬“الرفيق”،‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يترك‭ ‬للشعب‭ ‬غيرها،‭ ‬معه‭ ‬إلى‭ ‬القبر‭ ‬ليستأنس‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬ظلمة‭ ‬دامسة‭ ‬وغفوة‭ ‬طويلة‭ ‬نهائية‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭.‬

مساء‭ ‬يوم‭ ‬الثلاثاء‭ ‬الماضي،‭ ‬كان‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الروس‭ ‬والصينيون‭ ‬والأوروبيون‭ ‬والعرب‭ ‬وأهل‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬ومعهم‭ ‬حتى‭ ‬بعض‭ ‬قبائل‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية،‭ ‬يتحلقون‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬لديهم‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬إعلام‭ ‬مرئية‭ ‬ومسموعة‭ ‬ليتابعوا‭ ‬الرئيس‭ ‬دونالد‭ ‬ترمب‭ ‬بحركاته‭ ‬الاستعراضية‭ ‬وليلاحقوا‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬أينما‭ ‬حل‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬قبلة‭ ‬سكان‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬كلهم‭ ‬والذين‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬دبّ‭ ‬الشجار‭ ‬بين‭ ‬بعضهم‭ ‬من‭ ‬مؤيد‭ ‬لـ‭ ‬“الجمهوريين”‭ ‬ومؤيد‭ ‬لـ‭ ‬“الديمقراطيين”‭!‬

لقد‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬وباستمرار‭ ‬انتخابات‭ ‬ديمقراطية‭ ‬رئاسية‭ ‬وبرلمانية‭ ‬وحزبية‭ ‬ونقابية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬كلها‭: ‬بريطانيا‭ ‬العظمى‭ ‬وفرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬وإيطاليا‭ ‬وأسبانيا‭ ‬واليونان‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬قبرص‭ ‬ومالطا،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬“الانتخابات”‭ ‬التي‭ ‬بقيت‭ ‬تتكرر‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬لم‭ ‬تشغل‭ ‬إلا‭ ‬أهلها‭ ‬ولم‭ ‬يتابعها‭ ‬إلا‭ ‬بعض‭ ‬المعنيين‭ ‬الذين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬“الفضول‭ ‬المؤقت”‭ ‬لا‭ ‬يواصلون‭ ‬متابعة‭ ‬شاشات‭ ‬تلفزيوناتهم‭ ‬ولكن‭ ‬لبعض‭ ‬الوقت‭ ‬وحيث‭ ‬لا‭ ‬يلبثون‭ ‬أن‭ ‬ينتقلوا‭ ‬إلى‭ ‬مشاهدة‭ ‬بعض‭ ‬الأفلام‭ ‬“الكرتونية”‭ ‬المضحكة‭.‬

وهكذا،‭ ‬فإنّ‭ ‬سكان‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬أمضوا‭ ‬ساعات‭ ‬يوم‭ ‬الثلاثاء‭ ‬الماضي‭ ‬بنهاره‭ ‬وليله‭ ‬في‭ ‬متابعة‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬بقيت‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬انتخابات‭ ‬رئاسية‭ ‬تثبت‭ ‬أنها‭ ‬“أم‭ ‬الدنيا”‭ ‬بالفعل‭ ‬وأن‭ ‬سكان‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬مثلهم‭ ‬مثل‭ ‬الأميركيين‭ ‬قد‭ ‬انقسموا‭ ‬إلى‭ ‬قسمين‭: ‬قسم‭ ‬مع‭ ‬ترمب‭ ‬وقسم‭ ‬مع‭ ‬بايدن،‭ ‬وحسب‭ ‬بعض‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬وعلى‭ ‬ذمتها‭ ‬فإن‭ ‬حتى‭ ‬بعض‭ ‬سكان‭ ‬الزوايا‭ ‬المعتمة‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية‭ ‬كانوا‭ ‬يتابعون‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬أميركا‭ ‬البعيدة‭.. ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬مقصداً‭ ‬لكل‭ ‬سكان‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭. ‬“إيلاف”‭.‬