سوالف

الصحف والمجلات العربية مزقت خيوط الشعر

| أسامة الماجد

الشعر‭ ‬متشابه‭ ‬الميلاد‭ ‬للشعوب،‭ ‬ومتشابه‭ ‬المكانة‭ ‬بين‭ ‬الفنون‭ ‬تاريخيا،‭ ‬فهو‭ ‬أول‭ ‬نشاط‭ ‬فني‭ ‬وعمل‭ ‬جمالي‭ ‬لجأ‭ ‬إليه‭ ‬الإنسان‭ ‬للتعبير‭ ‬الناطق،‭ ‬فكان‭ ‬بذلك‭ ‬أساس‭ ‬الثقافات‭ ‬الفنية،‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يتطلب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬قلب‭ ‬حنون‭ ‬وعاطفة‭ ‬مستجيبة‭ ‬وإنسان‭ ‬موهوب،‭ ‬ومن‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬وتحديدا‭ ‬في‭ ‬الستينات‭ ‬والسبعينات،‭ ‬يشاهد‭ ‬اهتماما‭ ‬بالغا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬بالمواهب‭ ‬الشعرية‭ ‬المبتدئة‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الدول‭ ‬والمجتمعات‭ ‬العربية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬مجتمعنا‭ ‬البحريني،‭ ‬لكن‭ ‬اليوم‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬واضح‭ ‬لا‭ ‬تهتم‭ ‬الصحف‭ ‬بالشعر‭ ‬اهتماما‭ ‬كبيرا‭ ‬ولا‭ ‬تفتح‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬المبتدئ‭ ‬لنشر‭ ‬قصائده‭ ‬ولو‭ ‬في‭ ‬مساحات‭ ‬ضئيلة‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬الاستفادة‭ ‬منها‭ ‬بدل‭ ‬حشوها‭ ‬بسموم‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭.‬

الشاعر‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬ينفذ‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬شعره‭ ‬المبكر،‭ ‬غير‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬إنه‭ ‬يتوق‭ ‬إلى‭ ‬قراءة‭ ‬قصائده‭ ‬وهي‭ ‬مطبوعة‭ ‬في‭ ‬المجلة‭ ‬أو‭ ‬الجريدة،‭ ‬لأن‭ ‬المرء‭ ‬حين‭ ‬يرى‭ ‬عمله‭ ‬الأول‭ ‬منشورا‭ ‬في‭ ‬مجلة،‭ ‬يتعلم‭ ‬دروسا‭ ‬ثمينة،‭ ‬وأحيانا‭ ‬مفزعة،‭ ‬الشاعر‭ ‬المبتدئ‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬بأن‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬جمهوره‭ ‬صلة‭ ‬ما،‭ ‬أن‭ ‬شعره‭ ‬لم‭ ‬يصل‭ ‬بعد‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬تتاح‭ ‬له‭ ‬فيها‭ ‬فرصة‭ ‬عرض‭ ‬أصول‭ ‬القصائد‭ ‬على‭ ‬الناشرين،‭ ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬وصل‭ ‬شعره‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬فإن‭ ‬الناشر‭ ‬لا‭ ‬يتلهف‭ ‬لنشر‭ ‬أولى‭ ‬الثمرات‭ ‬المجهولة‭ ‬لشاعر‭ ‬مجهول،‭ ‬اللهم‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الثمرة‭ ‬من‭ ‬الروعة‭ ‬بحيث‭ ‬تستحق‭ ‬كل‭ ‬تقدير،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬يضطر‭ ‬الناشر‭ ‬إلى‭ ‬طبعها،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الشعراء‭ ‬المبتدئين‭ ‬لا‭ ‬يتمتعون‭ ‬بهذه‭ ‬الملكات‭ ‬الفائقة،‭ ‬لكن‭ ‬يجب‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يبدأوا‭ ‬ويستعدوا‭ ‬للظهور‭.‬

لا‭ ‬أعلم‭ ‬ولكنني‭ ‬أشعر‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الصحف‭ ‬والمجلات‭ ‬العربية‭ ‬وبميزانيتها‭ ‬مزقت‭ ‬خيوط‭ ‬حركة‭ ‬الشعر‭ ‬وابتعدت‭ ‬عن‭ ‬خلق‭ ‬الأجواء‭ ‬التي‭ ‬يتنفس‭ ‬فيها‭ ‬الشعراء‭ ‬الشباب‭ ‬عبر‭ ‬نشر‭ ‬نتاجهم،‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬هناك‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬تمجيد‭ ‬الشعر‭ ‬والشعراء‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الزمان،‭ ‬فقد‭ ‬أصبح‭ ‬مقياس‭ ‬الرقي‭ ‬اليوم‭ ‬تحجيم‭ ‬ديوان‭ ‬العرب‭ ‬ولسانهم‭.‬