هل تنسحب أميركا من العراق؟

| عبدعلي الغسرة

قرار‭ ‬الإدارة‭ ‬الأميركية‭ ‬تخفيض‭ ‬عدد‭ ‬قواتها‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬انسحابها‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬كان‭ ‬ردًا‭ ‬على‭ ‬الصواريخ‭ ‬التي‭ ‬تطلقها‭ ‬الميليشيات‭ ‬الموالية‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬الخضراء،‭ ‬وهي‭ ‬داخلة‭ ‬في‭ ‬لعبة‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأميركية‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لإحراج‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬وجره‭ ‬لمواجهة‭ ‬ربما‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الخسائر‭ ‬الأميركية‭.‬

لكن‭ ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬الانسحاب‭ ‬حقيقي؟‭ ‬أم‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬لعبة‭ ‬انتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬الأميركية؟‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬القوات‭ ‬الأميركية‭ ‬ستنسحب‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬فعلًا‭ ‬فمن‭ ‬هو‭ ‬المستفيد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الانسحاب؟‭ ‬العراق‭ ‬أم‭ ‬إيران؟‭ ‬فالنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬يحتفظ‭ ‬بقوات‭ ‬عسكرية‭ ‬ومدنية‭ ‬أمنية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬ويقوم‭ ‬بإدارة‭ ‬جميع‭ ‬الملفات‭ ‬العراقية‭ ‬من‭ ‬إدارية‭ ‬وسياسية‭ ‬واقتصادية،‭ ‬المحلية‭ ‬والخارجية،‭ ‬وأسواق‭ ‬العراق‭ ‬مليئة‭ ‬بكل‭ ‬أنواع‭ ‬البضائع‭ ‬الإيرانية،‭ ‬فالعراق‭ ‬في‭ ‬قبضة‭ ‬اليد‭ ‬الإيرانية‭ ‬سواء‭ ‬بقت‭ ‬القوات‭ ‬الأميركية‭ ‬أم‭ ‬رحلت‭.‬

إن‭ ‬مطالبة‭ ‬الأحزاب‭ ‬والميليشيات‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬بخروج‭ ‬القوات‭ ‬الأميركية‭ ‬مجرد‭ ‬طلب‭ ‬للاستهلاك‭ ‬المحلي‭ ‬ولامتصاص‭ ‬الغضب‭ ‬الشعبي‭ ‬النافر‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأحزاب‭ ‬والميليشيات‭ ‬وجرائمها‭ ‬التي‭ ‬تدعي‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬القوات‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬إساءة‭ ‬للكرامة‭ ‬والسيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬العراقية؛‭ ‬وهُم‭ ‬يدركون‭ ‬أنهم‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الإساءة‭ ‬لأنهم‭ ‬الأداة‭ ‬المُنفذة‭ ‬لسياسات‭ ‬وقرارات‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬وعندما‭ ‬تحركت‭ ‬بعض‭ ‬القوات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأميركية‭ ‬من‭ ‬مواقعها‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬2011م‭ ‬سمحت‭ ‬وبالتعاون‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬بدخول‭ ‬قوات‭ ‬داعش‭ ‬إلى‭ ‬العراق‭ ‬واحتلال‭ ‬ما‭ ‬يُقارب‭ ‬ثلث‭ ‬أراضيه‭.‬

إن‭ ‬القوات‭ ‬الأميركية‭ ‬والإيرانية‭ ‬التي‭ ‬احتلت‭ ‬العراق‭ ‬لن‭ ‬ترحل‭ ‬منه،‭ ‬فالعراق‭ ‬يتمتع‭ ‬بموقع‭ ‬جغرافي‭ ‬ويمتلك‭ ‬ثروة‭ ‬نفطية‭ ‬هائلة‭ ‬وبه‭ ‬مواقع‭ ‬دينية‭ ‬مُقدسة،‭ ‬فطهران‭ ‬لديها‭ ‬استراتيجية‭ ‬واحدة‭ ‬تجاه‭ ‬العراق‭ ‬تخدم‭ ‬وجودها،‭ ‬وهذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬تنفذها‭ ‬الأحزاب‭ ‬والميليشيات‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬هي‭ ‬المسيئة‭ ‬للكرامة‭ ‬والسيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬والقومية،‭ ‬وهي‭ ‬إساءة‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬توسيع‭ ‬أهدافه‭ ‬التوسعية‭ ‬والطائفية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وسيستمر‭ ‬زعماء‭ ‬الأحزاب‭ ‬والميليشيات‭ ‬بتنفيذ‭ ‬أوامر‭ ‬طهران‭ ‬التي‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬مصالحها‭ ‬لا‭ ‬مصلحة‭ ‬العراق‭.‬