زبدة القول

نرفض الإساءة للرسول... ونرفض الإرهاب

| د. بثينة خليفة قاسم

من‭ ‬الطبيعي‭ ‬جدا‭ ‬أن‭ ‬يغضب‭ ‬ملايين‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬الكون‭ ‬عندما‭ ‬يساء‭ ‬للرسول‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الإساءة،‭ ‬وهذه‭ ‬الحملة‭ ‬الكونية‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬بجميع‭ ‬اللغات‭ ‬لتعبر‭ ‬عن‭ ‬تمجيدها‭ ‬وحبها‭ ‬لرسول‭ ‬الإنسانية‭ ‬محمد‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬هي‭ ‬أمر‭ ‬إيجابي‭ ‬بلا‭ ‬أدنى‭ ‬شك،‭ ‬فكل‭ ‬صاحب‭ ‬عقيدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكون‭ ‬يثور‭ ‬أو‭ ‬يحزن‭ ‬عندما‭ ‬يسيء‭ ‬أحد‭ ‬إلى‭ ‬عقيدته،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬مبررات‭ ‬تلك‭ ‬الإساءة‭ ‬لدى‭ ‬من‭ ‬يمارس‭ ‬هذه‭ ‬الإساءة‭.‬

ومن‭ ‬باب‭ ‬استخدام‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬التي‭ ‬يستميت‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عنها،‭ ‬نقول‭ ‬له‭ ‬إنك‭ ‬أخطأت‭ ‬وأسأت‭ ‬إلى‭ ‬مشاعر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليار‭ ‬ونصف‭ ‬المليار‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬أنحاء‭ ‬الكون،‭ ‬وأحدثت‭ ‬هزة‭ ‬لأمن‭ ‬وأمان‭ ‬بلادك‭ ‬وأسأت‭ ‬لصورة‭ ‬فرنسا‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬وأعطيت‭ ‬فرصة‭ ‬ومبررا‭ ‬للمتطرفين‭ ‬والإرهابيين‭ ‬أن‭ ‬يلحقوا‭ ‬الضرر‭ ‬بأمن‭ ‬الفرنسيين‭ ‬ويسيئوا‭ ‬للإسلام‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬بريء‭ ‬من‭ ‬الإرهاب‭ ‬والقتل‭. ‬نقول‭ ‬له‭ ‬يا‭ ‬سيادة‭ ‬الرئيس‭ ‬إن‭ ‬اليهود‭ ‬يغضبون‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬شكك‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬الهولوكوست،‭ ‬تصريحا‭ ‬أو‭ ‬تلميحا،‭ ‬والمسلمون‭ ‬يغضبون‭ ‬إذا‭ ‬أساء‭ ‬أحد‭ ‬لنبيهم‭ ‬محمد‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬والغرب‭ ‬الذي‭ ‬تنتمون‭ ‬إليه‭ ‬يحاكم‭ ‬من‭ ‬يتحدث‭ ‬بسوء‭ ‬عن‭ ‬الهولوكوست،‭ ‬لكنه‭ ‬يكفل‭ ‬لمن‭ ‬يسيئون‭ ‬لرسول‭ ‬الإسلام‭ ‬الحماية‭ ‬بموجب‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭! ‬من‭ ‬باب‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬نقول‭ ‬لسيادتكم‭ ‬إنكم‭ ‬لستم‭ ‬وحدكم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬ومفهوم‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬الذي‭ ‬تتحدثون‭ ‬عنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يراعي‭ ‬مشاعر‭ ‬المسلمين‭ ‬كما‭ ‬يراعي‭ ‬مشاعر‭ ‬اليهود‭ ‬والمسيحيين‭ ‬والبوذيين‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬العقائد‭.‬

نحن‭ ‬المسلمون‭ ‬يا‭ ‬سيادة‭ ‬الرئيس‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نسيء‭ ‬لأي‭ ‬نبي‭ ‬أو‭ ‬رمز‭ ‬مسيحي‭ ‬أو‭ ‬يهودي‭ ‬أو‭ ‬غيرهما،‭ ‬فلا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نسيء‭ ‬لقداسة‭ ‬البابا‭ ‬أو‭ ‬نسيء‭ ‬لأي‭ ‬حاخام،‭ ‬لأن‭ ‬ديننا‭ ‬يمنعنا،‭ ‬ونحسب‭ ‬أنكم‭ ‬أيضا‭ ‬لا‭ ‬تسمحون‭ ‬بالإساءة‭ ‬لأي‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬حرية‭ ‬التعبير،‭ ‬فلماذا‭ ‬تسمحون‭ ‬بالإساءة‭ ‬لنبي‭ ‬الإسلام‭ ‬محمد‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم؟

نحن‭ ‬نرفض‭ ‬يا‭ ‬سيادة‭ ‬الرئيس‭ ‬أن‭ ‬يقتل‭ ‬ذلك‭ ‬المدرس‭ ‬الفرنسي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يعلم‭ ‬تلاميذه‭ ‬كيف‭ ‬يسيئون‭ ‬للنبي‭ ‬محمد‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬ونتبرأ‭ ‬من‭ ‬الإرهابي‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬نفسه‭ ‬قاضيا‭ ‬وجلادا‭ ‬وقتل‭ ‬المدرس،‭ ‬لكننا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬نرفض‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يفعله‭ ‬ذلك‭ ‬المدرس‭ ‬ونرفض‭ ‬مفهوم‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬الذي‭ ‬يسمح‭ ‬بالإساءة‭ ‬للمقدسات،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬مقدسات‭ ‬إسلامية‭ ‬أو‭ ‬مسيحية‭ ‬أو‭ ‬يهودية‭. ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬نقطة‭ ‬الاختلاف‭ ‬يا‭ ‬سيادة‭ ‬الرئيس‭ ‬والاختلاف‭ ‬أمر‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحترم‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تزداد‭ ‬الكراهية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬نشترك‭ ‬فيه‭ ‬جميعا‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬عقائدنا،‭ ‬وحتى‭ ‬لا‭ ‬نوفر‭ ‬بيئة‭ ‬مناسبة‭ ‬لأصحاب‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف‭ ‬والإرهابيين‭ ‬لكي‭ ‬يمارسوا‭ ‬القتل‭ ‬والدمار‭.‬