العهد المالية “ترست” - 1

| د. عبدالقادر ورسمه

تنظيم‭ ‬العهد‭ ‬المالية‭ ‬“ترست”‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬الهامة‭ ‬لسد‭ ‬الحاجة‭ ‬التي‭ ‬تنشأ‭ ‬عندما‭ ‬يملك‭ ‬شخص‭ ‬أموالا‭ ‬وأملاكا‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬كيف‭ ‬يديرها‭ ‬الإدارة‭ ‬السليمة‭ ‬مما‭ ‬يعرضها‭ ‬للضياع‭. ‬ولهذا‭ ‬تم‭ ‬إصدار‭ ‬قانون‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬لتنظيم‭ ‬العهد‭ ‬المالية‭ ‬ووجود‭ ‬جهات‭ ‬متخصصة‭ ‬للقيام‭ ‬بالعمل‭ ‬وفق‭ ‬المعايير‭ ‬المهنية،‭ ‬وكيفية‭ ‬إنشاء‭ ‬العهد‭ ‬والشروط‭ ‬والالتزامات‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭. ‬

العهدة‭ ‬المالية‭ ‬“ترست”‭ ‬تشمل‭ ‬الأموال‭ ‬المنقولة‭ ‬وغير‭ ‬المنقولة‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬حق‭ ‬مالي‭ ‬يرد‭ ‬على‭ ‬شيء‭ ‬غير‭ ‬مادي‭. ‬وبموجب‭ ‬القانون‭ ‬يجوز‭ ‬لمنشئ‭ ‬العهدة‭ (‬صاحب‭ ‬المال‭) ‬نقل‭ ‬ملكيته‭ ‬في‭ ‬الأموال‭ ‬إلى‭ ‬طرف‭ ‬مهني‭ ‬متخصص‭ ‬مرخص‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جهة‭ ‬الاختصاص‭ ‬ويسمي‭ (‬أمين‭ ‬العهدة‭). ‬وعليه،‭ ‬القيام‭ ‬بمباشرة‭ ‬المهام‭ ‬المذكورة‭ ‬في‭ ‬سند‭ ‬العهدة‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬منشئ‭ ‬العهدة،‭ ‬وتحقيق‭ ‬أغراض‭ ‬العهدة‭ ‬المالية‭ ‬ومصلحة‭ ‬الأطراف‭ ‬المستفيدة‭. ‬والتزام‭ ‬العهدة‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يكون‭ ‬مخالفا‭ ‬للقانون،‭ ‬النظام‭ ‬العام،‭ ‬الآداب‭ ‬وإلا‭ ‬كانت‭ ‬باطلة‭. ‬وسند‭ ‬العهدة‭ ‬يعتبر‭ ‬وثيقة‭ ‬قانونية‭ ‬هامة‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬السند‭ ‬مكتوبا‭ ‬بحرفية‭ ‬قانونية‭ ‬وأن‭ ‬يتم‭ ‬توثيقه‭ ‬حسب‭ ‬الأصول‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتضمن‭ ‬البيانات‭ ‬عن‭ ‬منشئ‭ ‬العهدة‭ ‬وأمينها،‭ ‬أغراض‭ ‬العهدة،‭ ‬الطرف‭ ‬المستفيد،‭ ‬تحديد‭ ‬الأموال‭ ‬التي‭ ‬تتكون‭ ‬منها‭ ‬العهدة‭ ‬المالية‭ ‬ومدتها‭ (‬مائة‭ ‬عام‭ ‬كحد‭ ‬أقصى‭) ‬مع‭ ‬ذكر‭ ‬التفاصيل‭ ‬مهام‭  ‬أمين‭ ‬العهدة‭ ‬وصلاحياته‭. ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أن‭ ‬“العهدة‭ ‬المالية”‭ ‬تصبح‭ ‬باطلة‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يتضمن‭ ‬السند‭ ‬المعلومات‭ ‬المذكورة‭ ‬أعلاه‭ ‬لأهميتها‭ ‬ومنعا‭ ‬للبس‭ ‬أو‭ ‬الجهالة‭. ‬

ويجوز‭ ‬أن‭ ‬يتضمن‭ ‬سند‭ ‬العهدة‭ ‬قواعد‭ ‬التعامل‭ ‬في‭ ‬أموال‭ ‬العهدة،‭ ‬حقوق‭ ‬المستفيد‭ ‬ونصيب‭ ‬كل‭ ‬منهم،‭ ‬اسم‭ ‬العهدة،‭ ‬تعيين‭ ‬حام‭ ‬العهدة‭ (‬إذا‭ ‬لزم‭)‬،‭ ‬آثار‭ ‬انتهاء‭ ‬العهدة‭ ‬وأية‭ ‬أمور‭ ‬أخرى‭ ‬لتحديد‭ ‬وتنظيم‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭ ‬أي‭ ‬منشئ‭ ‬العهدة‭ ‬وأمينها‭ ‬والمستفيد‭ ‬منها‭ ‬وحاميها‭. ‬وفي‭ ‬جميع‭ ‬الأحوال‭ ‬يكون‭ ‬أمين‭ ‬العهدة‭ ‬مستقلا‭ ‬استقلالا‭ ‬تاما‭ ‬عن‭ ‬منشئ‭ ‬العهدة‭ ‬وأن‭ ‬يمارس‭ ‬مهامه‭ ‬وفق‭ ‬صلاحياته‭ ‬في‭ ‬سند‭ ‬العهدة‭ ‬أو‭ ‬أحكام‭ ‬القانون،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تدخل‭ ‬من‭ ‬منشئ‭ ‬العهدة‭ ‬وتبطل‭ ‬العهدة‭ ‬إذا‭ ‬نص‭ ‬سند‭ ‬العهدة‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬ذلك‭. ‬وفي‭ ‬نظرنا،‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬هام‭ ‬لأنه‭ ‬يعطي‭ ‬أمين‭ ‬العهدة‭ ‬القوة‭ ‬القانونية‭ ‬التي‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬العهدة‭ ‬ومنحه‭ ‬الاستقلالية‭ ‬المطلوبة‭ ‬لممارسة‭ ‬الأعمال‭ ‬مع‭ ‬تحميله‭ ‬كل‭ ‬التبعات‭ ‬القانونية،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬أمين‭ ‬العهدة‭ (‬طبيعي‭ ‬أو‭ ‬اعتباري‭) ‬مرخص‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬الاختصاص‭ ‬“المصرف‭ ‬المركزي”‭ ‬وفق‭ ‬معايير‭ ‬مهنية‭ ‬معينة‭ ‬ويتمتع‭ ‬بالكفاءة‭ ‬المطلوبة‭.  ‬

في‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬يكون‭ ‬أمناء‭ ‬العهد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬الكبيرة‭ ‬المقتدرة‭ ‬لإدارة‭ ‬العهد‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬مبالغ‭ ‬ضخمة‭ ‬جدا‭ ‬وعقارات‭ ‬ومنشآت‭ ‬كبيرة‭ ‬ويتم‭ ‬إدارة‭ ‬هذه‭ ‬الأموال‭ ‬لتحقيق‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليها‭ ‬وتطويرها‭ ‬وتنميتها‭ ‬لصالح‭ ‬أصحابها‭ ‬والمستفيدين‭ ‬وكل‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لتنمية‭ ‬المجتمع‭. ‬وأعتقد‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬ماسة‭ ‬عندنا،‭ ‬للعب‭ ‬أدوار‭ ‬مماثلة‭ ‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬أموال‭ ‬معطلة‭ ‬وأملاك‭ ‬تفقد‭ ‬قيمتها‭ ‬وأصول‭ ‬تتلاشى‭ ‬ووجود‭ ‬أمناء‭ ‬العهدة‭ ‬لإدارتها‭ ‬فنيا‭ ‬سيعود‭ ‬بالفائدة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬والاقتصاد‭ ‬الوطني‭.. ‬يتبع‭. ‬