ومضة قلم

معضلة مواعيد السلمانية

| محمد المحفوظ

غير‭ ‬معقول‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬المواطن‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬الانتظار‭ ‬لإجراء‭ ‬عملية‭ ‬لفترة‭ ‬تناهز‭ ‬العام‭ ‬وربما‭ ‬أكثر،‭ ‬أمامنا‭ ‬حالة‭ ‬الطفل‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬15‭ ‬عاما‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬مثالا‭ ‬صارخا‭ ‬وتدق‭ ‬جرس‭ ‬الإنذار‭ ‬لما‭ ‬آلت‭ ‬إليه‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬السلمانية‭ ‬الطبيّ،‭ ‬فهذا‭ ‬الطفل‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬مشكلة‭ ‬بالقلب‭ ‬وبحاجة‭ ‬ملحة‭ ‬لأشعة‭ ‬الرنين‭ ‬المغناطيسي،‭ ‬والقصة‭ ‬باختصار‭ ‬أنه‭ ‬بقي‭ ‬ينتظر‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬أوامر‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬مستشفى‭ ‬السلمانية‭ ‬عاما‭ ‬بأكمله،‭ ‬غير‭ ‬أنّ‭ ‬المفاجأة‭ ‬غير‭ ‬المتوقعة‭ ‬والصادمة‭ ‬تأجيل‭ ‬أخذ‭ ‬الأشعة‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬أخرى‭ ‬رغم‭ ‬أنّ‭ ‬حالته‭ ‬لا‭ ‬تتحمل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬لما‭ ‬قد‭ ‬يطرأ‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬مضاعفات‭.‬

كنا‭ ‬نتمنى‭ ‬لو‭ ‬أنّ‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬عملت‭ ‬بجدية‭ ‬على‭ ‬تقليل‭ ‬فترات‭ ‬الانتظار‭ ‬للحالات‭ ‬الضرورية‭ ‬بوجه‭ ‬خاص،‭ ‬لكنّ‭ ‬الذي‭ ‬يلاحظه‭ ‬ويلمسه‭ ‬المواطن‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يطرأ‭ ‬أي‭ ‬جديد،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تتفاقم‭ ‬إلى‭ ‬الأسوأ‭ ‬عاما‭ ‬بعد‭ ‬آخر،‭ ‬ويبدو‭ ‬جليا‭ ‬أنّ‭ ‬الأسباب‭ ‬الكامنة‭ ‬وراء‭ ‬المعضلة‭ ‬أنّ‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬خلال‭ ‬الأعوام‭ ‬القليلة‭ ‬الفائتة‭ ‬استغنت‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬أكفأ‭ ‬وأمهر‭ ‬الأطباء‭ ‬الاستشاريين،‭ ‬وتم‭ ‬هذا‭ ‬بقبول‭ ‬استقالات‭ ‬البعض‭ ‬وتقاعد‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭. ‬الذي‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬الأسف‭ ‬أنّ‭ ‬هؤلاء‭ ‬يمتلكون‭ ‬سنوات‭ ‬خبرة‭ ‬في‭ ‬الحقل‭ ‬الطبيّ‭ ‬تتجاوز‭ ‬العشرين‭ ‬عاما،‭ ‬وآخرون‭ ‬ناهزت‭ ‬سنوات‭ ‬عطائهم‭ ‬25‭ ‬عاما‭ ‬فهل‭ ‬من‭ ‬المنطقي‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬بهذه‭ ‬البساطة؟‭ ‬لعل‭ ‬الأشد‭ ‬أسفا‭ ‬ما‭ ‬نما‭ ‬إلى‭ ‬علمنا‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬الاستشاريون‭ ‬طلبا‭ ‬للتقاعد‭ ‬فإنّ‭ ‬رد‭ ‬الوزارة‭ ‬يأتي‭ ‬سريعا‭ ‬بالموافقة‭! ‬أليس‭ ‬جديرا‭ ‬بوزارة‭ ‬الصحة‭ ‬استشارة‭ ‬من‭ ‬ينوي‭ ‬التقاعد‭ ‬ومحاولة‭ ‬تمديد‭ ‬فترة‭ ‬عمله‭ ‬ولو‭ ‬بضع‭ ‬سنوات‭.‬

غني‭ ‬عن‭ ‬الذكر‭ ‬أنّ‭ ‬الكوادر‭ ‬الطبية‭ ‬البحرينية‭ ‬مشهود‭ ‬لها‭ ‬بالكفاءة‭ ‬والإخلاص‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬الواجب،‭ ‬ولعل‭ ‬الظاهرة‭ ‬الملفتة‭ ‬أنّ‭ ‬أغلبية‭ ‬الأطباء‭ ‬بمجرد‭ ‬إنهاء‭ ‬عقودهم‭ ‬في‭ ‬الوزارة‭ ‬فإنّ‭ ‬المستشفيات‭ ‬الخاصة‭ ‬تتلقفهم‭ ‬نظرا‭ ‬لما‭ ‬يمتلكون‭ ‬من‭ ‬خبرات‭ ‬وسمعة‭ ‬بين‭ ‬الجمهور،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬خافيا‭ ‬أنّ‭ ‬المراكز‭ ‬الطبية‭ ‬الخاصة‭ ‬تقدم‭ ‬إليهم‭ ‬عروضا‭ ‬مغرية‭ ‬وبالتالي‭ ‬يتم‭ ‬استقطابهم‭. ‬إنّ‭ ‬أمنية‭ ‬الكثيرين‭ ‬أخذ‭ ‬العلاج‭ ‬بالمراكز‭ ‬الخاصة‭ ‬لولا‭ ‬أن‭ ‬رسوم‭ ‬العلاج‭ ‬الباهظة‭ ‬تمنعهم‭.‬