سوالف

ألسن متخلفة تحارب الثقافة والأدب

| أسامة الماجد

لقد‭ ‬فتح‭ ‬لقاء‭ ‬“البلاد”‭ ‬مع‭ ‬الشاعر‭ ‬القدير‭ ‬علي‭ ‬عبدالله‭ ‬خليفة‭ ‬أرضا‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬التساؤلات‭ ‬عن‭ ‬حماية‭ ‬الأديب‭ ‬باعتباره‭ ‬مرشدا‭ ‬وموجها‭ ‬ومن‭ ‬الواجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نهيئ‭ ‬له‭ ‬السبيل‭ ‬الذي‭ ‬يفسح‭ ‬له‭ ‬تأدية‭ ‬رسالته،‭ ‬وأول‭ ‬هذه‭ ‬السبل‭ ‬لحماية‭ ‬الأديب‭ ‬الحرية‭ ‬التي‭ ‬تنبع‭ ‬من‭ ‬ذاته‭ ‬وتغذي‭ ‬إبداعه‭ ‬الذي‭ ‬يتجاوب‭ ‬مع‭ ‬محيطه‭ ‬ومجتمعه‭.‬‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الحرية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نوفر‭ ‬له‭ ‬أسبابها،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬العدل‭ ‬أن‭ ‬نسلبه‭ ‬ما‭ ‬سعى‭ ‬من‭ ‬أجله،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬العدل‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬الإخلاص‭ ‬للأدب‭ ‬أن‭ ‬نحد‭ ‬من‭ ‬حرية‭ ‬الأديب‭ ‬المبدعة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬طلبها‭ ‬لنا‭ ‬كاملة‭ ‬واسعة‭ ‬خالصة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شائبة‭.‬

الأدب‭ ‬كما‭ ‬عرفناه‭ ‬وتعلمناه‭ ‬تأكيد‭ ‬دائم‭ ‬للحرية‭ ‬الإنسانية،‭ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬بحثه‭ ‬عن‭ ‬الحق‭ ‬والخير‭ ‬والجمال،‭ ‬إنما‭ ‬يبحث‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬عن‭ ‬الحرية،‭ ‬وإذا‭ ‬كتب‭ ‬الأديب‭ ‬فهو‭ ‬يقوم‭ ‬بهذه‭ ‬المهمة‭ ‬لأنه‭ ‬يتحمل‭ ‬دوام‭ ‬الحرية‭ ‬والدعوة‭ ‬إليها‭. ‬ومادام‭ ‬الأديب‭ ‬قد‭ ‬وجد‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬ليعبر‭ ‬عن‭ ‬ذاته‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬صورة‭ ‬عن‭ ‬ذات‭ ‬مجتمعه‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬فيه‭ ‬ويرتبط‭ ‬به،‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬مخلصا‭ ‬لهذه‭ ‬الذات،‭ ‬أي‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬مخلصا‭ ‬لهذا‭ ‬المجتمع،‭ ‬وعلينا‭ ‬مادام‭ ‬يتصف‭ ‬بهذه‭ ‬الصفات‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬عليه‭ ‬ذاته‭ ‬الأدبية‭ ‬أن‭ ‬نترك‭ ‬له‭ ‬الحرية‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬بدونها‭ ‬أن‭ ‬يبدع‭ ‬ويخدم‭ ‬رسالة‭ ‬مجتمعه،‭ ‬لكن‭ ‬إذا‭ ‬حدث‭ ‬أن‭ ‬تخلى‭ ‬الأديب‭ ‬عن‭ ‬آمال‭ ‬مجتمعه‭ ‬أو‭ ‬انحرف،‭ ‬يكون‭ ‬عندئذ‭ ‬قد‭ ‬تخلى‭ ‬عن‭ ‬حريته‭ ‬لأنه‭ ‬تخلى‭ ‬عن‭ ‬ذاته‭.‬

من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نحمي‭ ‬الأديب‭ ‬من‭ ‬قوى‭ ‬التخلف‭ ‬والشر‭ ‬والرجعية‭ ‬كي‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬رسالته‭ ‬في‭ ‬تصوير‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬الرجعية‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬نخر‭ ‬جسم‭ ‬المجتمع‭ ‬للحيلولة‭ ‬دون‭ ‬تقدمه،‭ ‬فمازالت‭ ‬هناك‭ ‬ألسن‭ ‬متخلفة‭ ‬تحارب‭ ‬الثقافة‭ ‬والأدب‭ ‬وتحرم‭ ‬كتب‭ ‬المبدعين‭ ‬وحفلات‭ ‬الفنانين،‭ ‬وهناك‭ ‬جمعيات‭ ‬دينية‭ ‬تضع‭ ‬الخطط‭ ‬وتنسق‭ ‬السياسات‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إلصاق‭ ‬الأديب‭ ‬والمبدع‭ ‬بالحضيض‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬القضاء‭ ‬عليه‭.‬