من المعني بالتغيير السياسي في إيران؟ (1)

| نزار جاف

لم‭ ‬تكن‭ ‬سياسة‭ ‬الاحتواء‭ ‬المزدوج‭ ‬الأميركية‭ ‬حالة‭ ‬الفشل‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬احتواء‭ ‬نظام‭ ‬ولاية‭ ‬الفقيه‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬وتحديد‭ ‬تهديداته‭ ‬ومدى‭ ‬الخطورة‭ ‬التي‭ ‬يشكلها‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬السياسات‭ ‬التي‭ ‬اتبعتها‭ ‬بلدان‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬بصورة‭ ‬عامة‭ ‬أو‭ ‬منفردة،‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬قد‭ ‬حظيت‭ ‬بحصتها‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحسد‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬الفشل‭ ‬الذريع‭ ‬بهذا‭ ‬الصدد،‭ ‬خصوصا‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أعدنا‭ ‬إلى‭ ‬الذاكرة‭ ‬الجولات‭ ‬المكوكية‭ ‬لوفد‭ ‬الترويكا‭ ‬الأوروبية‭ ‬إلى‭ ‬طهران‭ ‬والمحادثات‭ ‬التي‭ ‬أثمرت‭ ‬اتفاقا‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تبين‭ ‬أنه‭ ‬مجرد‭ ‬حبر‭ ‬على‭ ‬ورق،‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬حسن‭ ‬روحاني‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يرأس‭ ‬الجانب‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المحادثات‭ ‬قد‭ ‬تفاخر‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬له‭ ‬كيف‭ ‬أنه‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬خداع‭ ‬وفد‭ ‬الترويكا‭ ‬وموه‭ ‬عليهم‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬المفاوضات‭.‬

بلدان‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬التي‭ ‬اصطدمت‭ ‬في‭ ‬العقدين‭ ‬الثامن‭ ‬والتاسع‭ ‬من‭ ‬الألفية‭ ‬الماضية‭ ‬بسلسلة‭ ‬عمليات‭ ‬إرهابية‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬واغتال‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المعارضين‭ ‬البارزين‭ ‬له،‭ ‬ووصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬أن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬اتفق‭ ‬مع‭ ‬طهران‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬توقف‭ ‬عملياتها‭ ‬ونشاطاتها‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬أن‭ ‬يكف‭ ‬عن‭ ‬ملاحقة‭ ‬المتورطين‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬العمليات‭ ‬الإرهابية‭ ‬قانونيا،‭ ‬وقد‭ ‬التزمت‭ ‬طهران‭ ‬بهذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬عندما‭ ‬ضاقت‭ ‬ذرعا‭ ‬بنشاطات‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬وخارج‭ ‬إيران‭ ‬وقامت‭ ‬من‭ ‬فرط‭ ‬شعورها‭ ‬بالجزع‭ ‬والقلق‭ ‬والتخوف‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬النشاطات‭ ‬وتداعياتها‭ ‬على‭ ‬داخل‭ ‬إيران‭ ‬بمجازفة‭ ‬استثنائية‭ ‬وذلك‭ ‬بخرق‭ ‬ذلك‭ ‬الاتفاق‭ ‬والشروع‭ ‬بعملية‭ ‬تم‭ ‬التخطيط‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬طهران‭ ‬وعهد‭ ‬بتنفيذها‭ ‬إلى‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬أسدالله‭ ‬أسدي‭ ‬السكرتير‭ ‬السابق‭ ‬وقتئذ‭ ‬في‭ ‬السفارة‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬النمسا،‭ ‬وتم‭ ‬اعتقاله‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬عودته‭ ‬من‭ ‬مقابلة‭ ‬منفذي‭ ‬العملية‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المخابرات‭ ‬الألمانية‭ ‬والبلجيكية،‭ ‬ولا‭ ‬نريد‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬طرد‭ ‬الحكومة‭ ‬الألبانية‭ ‬السفير‭ ‬الإيراني‭ ‬والسكرتير‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬السفارة‭ ‬بسبب‭ ‬نشاطات‭ ‬مشبوهة‭ ‬وغير‭ ‬مقبولة‭ ‬له‭ ‬ضد‭ ‬معسكر‭ ‬أشرف‭ ‬3‭ ‬للمعارضين‭ ‬الإيرانيين‭ ‬في‭ ‬ألبانيا،‭ ‬ولا‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬أمور‭ ‬مشابهة‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬وأمستردام،‭ ‬لكن‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬قوله‭ ‬هنا‭ ‬وبثقة‭ ‬كاملة‭ ‬إن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬كما‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬جنى‭ ‬حصاد‭ ‬الفشل‭ ‬والخيبة‭ ‬في‭ ‬سياسته‭ ‬المتبعة‭ ‬حيال‭ ‬نظام‭ ‬الملالي،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬شك‭ ‬فإن‭ ‬عدم‭ ‬نجاح‭ ‬المحاولات‭ ‬والمساعي‭ ‬الحثيثة‭ ‬التي‭ ‬بذلتها‭ ‬طهران‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استرداد‭ ‬الإرهابي‭ ‬أسدالله‭ ‬أسدي،‭ ‬كانت‭ ‬بسبب‭ ‬أن‭ ‬بلدان‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬أيضا‭ ‬ضاقت‭ ‬ذرعا‭ ‬بهذا‭ ‬النظام‭ ‬وتريد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬“جرة‭ ‬أذن”‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬أن‭ ‬تعيده‭ ‬إلى‭ ‬رشده‭ ‬وصوابه‭. ‬“إيلاف”‭.‬