عصر الثورة الصناعية الرابعة

| د. جاسم حاجي

نحن‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬الرقمنة‭ ‬والأتمتة‭ ‬بما‭ ‬يسمى‭ ‬بعصر‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الرابعة‭ (‬الصناعة‭ ‬4‭.‬0‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والبيانات‭ ‬الضخمة‭ ‬والاتصالات‭ ‬السريعة‭ ‬التي‭ ‬أنتجت‭ ‬الروبوتات،‭ ‬وتحويل‭ ‬الصوت‭ ‬والفيديو‭ ‬إلى‭ ‬نصوص،‭ ‬والنقل‭ ‬المستقل‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬الكثير‭. ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬فجأة‭ ‬حيث‭ ‬مر‭ ‬بسلسلة‭ ‬من‭ ‬التعديلات‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬الشكل‭ ‬الحالي،‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الأولى‭ ‬بميكنة‭ ‬الأعمال‭ ‬والمهن،‭ ‬وتبعتها‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الثانية‭ ‬باختراع‭ ‬خط‭ ‬إنتاج‭ ‬المصانع،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬جاءت‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الثالثة‭ ‬حيث‭ ‬دخلنا‭ ‬عصر‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬والإنترنت،‭ ‬والآن،‭ ‬استحوذت‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الرابعة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬الثالثة‭ ‬باعتماد‭ ‬الاتصالات‭ ‬السريعة‭ ‬والبيانات‭ ‬الضخمة‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬أتمتة‭ ‬الأعمال‭ ‬والخدمات‭ ‬وتعزيزها‭ ‬بأنظمة‭ ‬ذكية‭ ‬ومستقلة‭ ‬تغذيها‭ ‬البيانات‭ ‬والتعلم‭ ‬الآلي‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬يعتبر‭ ‬الصناعة‭ ‬4‭.‬0‭ ‬مجرد‭ ‬كلمة‭ ‬طنين‭ ‬تسويقية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التحولات‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬التصنيع‭ ‬حاليا‭ ‬تستحق‭ ‬اهتمامنا‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬نكران‭ ‬حول‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬الصناعة‭ ‬4‭.‬0‭ ‬على‭ ‬أعمالها‭ ‬أو‭ ‬تكافح‭ ‬للعثور‭ ‬على‭ ‬الموهبة‭ ‬أو‭ ‬المعرفة‭ ‬لمعرفة‭ ‬كيفية‭ ‬تبنيها‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭ ‬لحالات‭ ‬الاستخدام‭ ‬الفريدة،‭ ‬يقوم‭ ‬العديد‭ ‬غيرهم‭ ‬بتنفيذ‭ ‬التغييرات‭ ‬اليوم‭ ‬والتحضير‭ ‬لمستقبل‭ ‬تقوم‭ ‬فيه‭ ‬الآلات‭ ‬الذكية‭ ‬بتحسين‭ ‬أعمالهم،‭ ‬ومن‭ ‬ضمن‭ ‬التقنيات‭ ‬المستخدمة،‭ ‬الاتصالات‭ ‬السريعة،‭ ‬البيانات‭ ‬الضخمة،‭ ‬الحوسبة‭ ‬السحابية،‭ ‬إنترنت‭ ‬الأشياء،‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭.‬

وهناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التطبيقات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إنتاجها‭ ‬بتقنيات‭ ‬الصناعة‭ ‬الرابعة،‭ ‬فيمكن‭ ‬للأطباء‭ ‬إجراء‭ ‬الجراحة‭ ‬من‭ ‬مسافة‭ ‬بعيدة‭ ‬وبدقة‭ ‬عالية،‭ ‬وباستخدام‭ ‬تقنية‭ ‬التصوير‭ ‬المجسم‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬جغرافية‭ ‬مختلفة،‭ ‬يمكننا‭ ‬رؤية‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كنا‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬حقيقي،‭ ‬وسيكون‭ ‬التعليم‭ ‬عن‭ ‬بعد‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كنا‭ ‬في‭ ‬الحرم‭ ‬الجامعي،‭ ‬أيضا‭ ‬يمكن‭ ‬لوسائل‭ ‬النقل‭ ‬أن‭ ‬تتواصل‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬تقنيًا‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تدخل‭ ‬بشري‭.. ‬والقائمة‭ ‬لن‭ ‬تنتهي‭ ‬أبدًا‭.‬

في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الصناعة‭ ‬4‭.‬0‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تتطور‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬لدينا‭ ‬الصورة‭ ‬الكاملة‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬ولكنها‭ ‬تمتلك‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬أتمتة‭ ‬أكثر‭ ‬الأعمال‭ ‬اليدوية‭ ‬تعقيداً‭. ‬والشركات‭ ‬التي‭ ‬تتبنى‭ ‬التقنيات‭ ‬تعي‭ ‬إمكانيات‭ ‬الصناعة‭ ‬4‭.‬0،‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭ ‬الحالية‭ ‬لتتولى‭ ‬مسؤوليات‭ ‬العمل‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬ممكنة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإنترنت،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬توظيف‭ ‬موظفين‭ ‬جدد‭ ‬لديهم‭ ‬المهارات‭ ‬المناسبة‭.‬