بناء الوعي المجتمعي (1)

| عبدعلي الغسرة

إن‭ ‬تَقدُم‭ ‬الأمم‭ ‬لا‭ ‬يعتمد‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تملكه‭ ‬من‭ ‬ثروات‭ ‬مادية‭ ‬وبشرية،‭ ‬فهي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أفراد‭ ‬مسلحين‭ ‬بالوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬والمعرفة‭ ‬بمقتضيات‭ ‬الواقع‭ ‬ومتطلبات‭ ‬المستقبل،‭ ‬والوعي‭ ‬مشروع‭ ‬للوطن‭ ‬وشعبه‭ ‬ويحمل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمنيات‭ ‬والتطلعات،‭ ‬والعلاقة‭ ‬بين‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتنمية‭ ‬المجتمعية‭ ‬تستلزم‭ ‬بناء‭ ‬مجتمع‭ ‬واع‭ ‬حاضرا‭ ‬ومستقبلا،‭ ‬ويتطلب‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬إدراك‭ ‬دورهم‭ ‬بتحمل‭ ‬مسؤولياتهم‭ ‬المجتمعية،‭ ‬وللمؤسسات‭ ‬الرسمية‭ ‬والإعلامية‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬صقل‭ ‬الوعي‭ ‬بمختلف‭ ‬مجالات‭ ‬الابتكار‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬والتعليم‭ ‬والثقافة‭ ‬والفن‭ ‬والرياضة‭ ‬وغيرها‭ ‬لتحقيق‭ ‬مجتمع‭ ‬يكون‭ ‬إنسانه‭ ‬مٌبدعا‭ ‬وليكون‭ ‬بذلك‭ ‬هدف‭ ‬التنمية‭ ‬وأداتها‭ ‬الأساسية‭.‬

والنهوض‭ ‬بالوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬يتطلب‭ ‬النهوض‭ ‬بمعارف‭ ‬الإنسان‭ ‬وتعليمه‭ ‬وتبصيره‭ ‬بمختلف‭ ‬مسؤولياته،‭ ‬وهذا‭ ‬يتطلب‭ ‬جهدًا‭ ‬وكثيرا‭ ‬من‭ ‬البذل‭ ‬والعطاء،‭ ‬لا‭ ‬عطاء‭ ‬بدون‭ ‬معرفة‭ ‬ولا‭ ‬معرفة‭ ‬دون‭ ‬وعي‭ ‬ولا‭ ‬وعي‭ ‬دون‭ ‬مؤسسات‭ ‬ناهضة‭ ‬وفاعلة،‭ ‬تتوافر‭ ‬فيها‭ ‬عناصر‭ ‬القوة‭ ‬والتأثير‭ ‬والاتصال‭ ‬الفاعل‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬وأفراده‭.‬

يحتاج‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬الذات‭ ‬الإنسانية‭ ‬ومراقبة‭ ‬الإنسان‭ ‬نفسه‭ ‬بما‭ ‬يملك‭ ‬من‭ ‬أفكار‭ ‬ومشاعر‭ ‬وسلوك‭ ‬وثقافة،‭ ‬ما‭ ‬يُفعم‭ ‬طاقته‭ ‬بالحيوية‭ ‬والانفتاح‭ ‬والتطور‭ ‬والارتقاء،‭ ‬وهذا‭ ‬يُؤسس‭ ‬فهم‭ ‬الإنسان‭ ‬لواقعه‭ ‬من‭ ‬صعوبات‭ ‬وتحديات‭ ‬وفرص‭ ‬ومجالات‭ ‬قوة‭ ‬ومواطن‭ ‬ضعف‭.‬

وبغياب‭ ‬الوعي‭ ‬الإنساني‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬المجتمع‭ ‬واعيًا‭ ‬ويكون‭ ‬غير‭ ‬مُلم‭ ‬بواقعه‭ ‬وظروفه،‭ ‬فيعيش‭ ‬المجتمع‭ ‬متخبطًا‭ ‬عاثرًا‭ ‬وسائرًا‭ ‬بدون‭ ‬خطوات‭ ‬حقيقية‭ ‬تأخذه‭ ‬للأمام،‭ ‬وتجارب‭ ‬الأمم‭ ‬الواعية‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬هو‭ ‬الترنيمة‭ ‬التي‭ ‬يزدهر‭ ‬بها‭ ‬المجتمع،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬يأتي‭ ‬دور‭ ‬المثقفين‭ ‬والمفكرين‭ ‬والمبدعين‭ ‬والأندية‭ ‬الثقافية‭ ‬والجمعيات‭ ‬المعنية‭ ‬بنشر‭ ‬الثقافة‭ ‬والتي‭ ‬تحتاج‭ ‬بدورها‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬لكي‭ ‬تؤدي‭ ‬دورها‭ ‬المنشود‭ ‬في‭ ‬حقل‭ ‬الثقافة‭ ‬والفكر،‭ ‬لأنها‭ ‬قلب‭ ‬الأمة‭ ‬النابض‭ ‬ولسان‭ ‬حال‭ ‬شعوبها‭.‬

إن‭ ‬كل‭ ‬فردٍ‭ ‬منا‭ ‬عنصر‭ ‬فاعل‭ ‬ومؤثر‭ ‬بحومة‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬بسلاح‭ ‬روح‭ ‬التضامن‭ ‬وترس‭ ‬حِس‭ ‬المسؤولية‭ ‬الوطنية،‭ ‬وهو‭ ‬سلاحٌ‭ ‬يعتز‭ ‬به‭ ‬جميع‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬بمختلف‭ ‬انتماءاتهم‭ ‬وفئاتهم‭. ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يتسلح‭ ‬به‭ ‬البحرينيون‭ ‬من‭ ‬ثقافة‭ ‬صحية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬ثقافتهم‭ ‬وانعكاس‭ ‬لوعيهم‭ ‬المجتمعي‭.‬