ما وراء الحقيقة

سارقو التاريخ... سرقة بلاد فارس

| د. طارق آل شيخان الشمري

التاريخ‭ ‬والحقائق‭ ‬كلها‭ ‬تؤكد‭ ‬لنا‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬قام‭ ‬آل‭ ‬البيت‭ ‬عليهم‭ ‬السلام،‭ ‬وصحابة‭ ‬النبي‭ ‬العظيم،‭ ‬وبقية‭ ‬القبائل‭ ‬العربية‭ ‬بنشر‭ ‬هذا‭ ‬الدين،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هدفهم‭ ‬أبدا‭ ‬أن‭ ‬يتاجروا‭ ‬به،‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬مسيح‭ ‬إيران‭ ‬الدجال‭ ‬الآن،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬هدفهم‭ ‬استخدام‭ ‬الدين‭ ‬كمطية‭ ‬لإعلاء‭ ‬العرق‭ ‬والتستر‭ ‬بالدين‭ ‬لغزو‭ ‬البلدان،‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬العثمانيون‭ ‬لقطاء‭ ‬المغول،‭ ‬ولم‭ ‬يستخدموا‭ ‬الدين‭ ‬للاستعلاء‭ ‬على‭ ‬الكرد‭ ‬والأرمن‭ ‬واليونان‭ ‬والبلغار‭ ‬وبقية‭ ‬أعراق‭ ‬قوقازيا،‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬مسيح‭ ‬الأناضول‭ ‬الدجال‭ ‬الآن،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬هدف‭ ‬العرب‭ ‬المسلمين‭ ‬نشر‭ ‬الدين‭ ‬لأنهم‭ ‬يؤمنون‭ ‬بأنهم‭ ‬شعب‭ ‬الله‭ ‬المؤتمن‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬رسالته‭.‬

وعندما‭ ‬أعمى‭ ‬الله‭ ‬كسرى‭ ‬بالتصادم‭ ‬مع‭ ‬العرب‭ ‬المسلمين‭ ‬كانت‭ ‬معركة‭ ‬القادسية‭ ‬التي‭ ‬انتهى‭ ‬فيها‭ ‬حكم‭ ‬الفرس‭ ‬للأبد،‭ ‬وانتهت‭ ‬أسطورة‭ ‬الدولة‭ ‬الكسروية‭ ‬نهائيا،‭ ‬واستوطن‭ ‬العرب‭ ‬المسلمون‭ ‬بلاد‭ ‬فارس،‭ ‬وأصبح‭ ‬أهل‭ ‬فارس‭ ‬يعتزون‭ ‬بالعروبة،‭ ‬فاستعربوا‭ ‬وتطورت‭ ‬أحوالهم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الدولة‭ ‬الأموية‭ ‬والعباسية،‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬بلاد‭ ‬فارس‭ ‬عربية‭ ‬الهوية‭ ‬واللغة‭ ‬والتاريخ‭ ‬والحضارة‭.‬

وظلت‭ ‬بلاد‭ ‬فارس‭ ‬عربية‭ ‬حتى‭ ‬بدأت‭ ‬الروح‭ ‬العنصرية‭ ‬الشعوبية‭ ‬القذرة‭ ‬التي‭ ‬أشعلها‭ ‬صعاليك‭ ‬بعض‭ ‬القبائل‭ ‬الهمجية‭ ‬الأذرية‭ ‬والتركمانية‭ ‬والكردية‭ ‬تدب‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أرجاء‭ ‬فارس،‭ ‬حتى‭ ‬جاء‭ ‬العنصري‭ ‬الكردي‭ ‬إسماعيل‭ ‬الصفوي،‭ ‬وقام‭ ‬ببث‭ ‬الروح‭ ‬الفارسية‭ ‬المقبورة‭ ‬وأعاد‭ ‬إحياءها‭ ‬وإحياء‭ ‬تاريخ‭ ‬المجوس‭ ‬وأعيادهم‭ ‬ومناسباتهم،‭ ‬وعمل‭ ‬على‭ ‬غرسها‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬ونفوس‭ ‬القبائل‭ ‬الهمجية‭ ‬وقطاع‭ ‬الطرق‭ ‬والرعاع‭ ‬الذين‭ ‬قربهم‭ ‬إليه،‭ ‬ليكونوا‭ ‬نواة‭ ‬الفارسية‭ ‬الجديدة،‭ ‬بهدف‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عربي،‭ ‬ومحاولة‭ ‬مسح‭ ‬التاريخ‭ ‬والهوية‭ ‬والحضارة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬فارس،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬ذلك‭.‬

ومع‭ ‬مرور‭ ‬الأيام‭ ‬انتشرت‭ ‬الروح‭ ‬الفارسية‭ ‬الجديدة‭ ‬تارة‭ ‬بالترغيب‭ ‬وتارة‭ ‬بالترهيب‭ ‬وأخرى‭ ‬ثالثة‭ ‬بالقتل‭ ‬والتهجير،‭ ‬وتم‭ ‬حرق‭ ‬الكتب‭ ‬والمؤلفات‭ ‬والعلوم‭ ‬التي‭ ‬سطهرها‭ ‬العرب،‭ ‬وتزامن‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬الاحتلال‭ ‬العثماني‭ ‬القذر‭ ‬للأمة‭ ‬العربية‭ ‬المسلمة‭ ‬عام‭ ‬1517‭. ‬وبهذا،‭ ‬تمت‭ ‬سرقة‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬والتاريخ‭ ‬العربي‭ ‬والحضارة‭ ‬العربية‭ ‬لبلاد‭ ‬فارس‭ ‬وضياعها‭ ‬من‭ ‬يد‭ ‬العرب‭ ‬المسلمين‭. ‬وللسرقات‭ ‬بقية‭.‬