مُلتقطات

“الحضانة”... حينَ تُنتزع!

| د. جاسم المحاري

تفيض‭ ‬الشريعة‭ ‬السمحاء‭ ‬بالحلول‭ ‬الناجعة‭ ‬والبدائل‭ ‬الاستباقية‭ ‬لأيّ‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تواجه‭ ‬هذا‭ ‬التجمع‭ ‬البشري‭ ‬الصغير‭ ‬المسمى‭ ‬“الأسرة”،‭ ‬حتى‭ ‬بَقَتْ‭ ‬محور‭ ‬اهتمامها‭ ‬البالغ‭ ‬بشامل‭ ‬العلاقات،‭ ‬وترسخّ‭ ‬مرتكز‭ ‬رعايتها‭ ‬الدقيقة‭ ‬بعميق‭ ‬تأثير‭ ‬التفاعلات‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬الظروف‭ ‬المحيطة‭ ‬التي‭ ‬تحرص‭ ‬على‭ ‬استمرارية‭ ‬هذا‭ ‬التّجمع‭ ‬وديمومة‭ ‬بنائه‭ ‬الرصين،‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬شرّع‭ ‬الدين‭ ‬الحنيف‭ ‬سبيل‭ ‬الطلاق‭ ‬“ملجأ”‭ ‬مبنيّاً‭ ‬على‭ ‬محتمل‭ ‬المُتغيّرات‭ ‬ومخصوص‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬تتمحور‭ ‬حولها‭ ‬حضانة‭ ‬الطفل‭ ‬كمعيار‭ ‬وثيق‭ ‬يشمله‭ ‬بإطاره‭ ‬الحياتي‭ ‬وبسياج‭ ‬أمانه‭ ‬الاجتماعي‭ ‬حينما‭ ‬تنسد‭ ‬مناسم‭ ‬الآفاقِ‭ ‬الإيجابيّة‭ ‬الداعمة‭ ‬لاستمرار‭ ‬العلاقة‭ ‬الزوجية‭ ‬المقدسة‭ ‬بين‭ ‬أمّه‭ ‬وأبيه‭ ‬وفق‭ ‬انسجام‭ ‬متجانس‭ ‬مع‭ ‬احتياجاته‭ ‬البيولوجيّة‭ ‬والنفسيّة‭ ‬والعاطفية‭ ‬والتربويّة‭ ‬المتشعبة‭.‬

جاء‭ ‬تشريع‭ ‬الحضانة،‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الاستشرافات‭ ‬المحضة‭ ‬التي‭ ‬ساعدت‭ ‬على‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬وطأة‭ ‬الآثار‭ ‬المُترتّبة‭ ‬عن‭ ‬أيّ‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬ديمومة‭ ‬مسار‭ ‬الحياةِ‭ ‬الأسرية‭ ‬التي‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬كنفها‭ ‬الطفل‭ ‬الصغير،‭ ‬وما‭ ‬ينعم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬حماية‭ ‬لمصالحه،‭ ‬ورعاية‭ ‬بصحته،‭ ‬وتدبير‭ ‬لأموره،‭ ‬ودفاعاً‭ ‬عن‭ ‬كينونته‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬ذلك‭ ‬المحيط‭ ‬الأسري‭ ‬المنتفي‭ ‬للإضرار‭ ‬بالحقوق‭ ‬أو‭ ‬التعريض‭ ‬بالأخطار،‭ ‬بما‭ ‬يَليقُ‭ ‬بظروف‭ ‬الزَّمانِ‭ ‬والمكانِ‭ ‬على‭ ‬تَعدّد‭ ‬وجوه‭ ‬تلك‭ ‬الحماية‭ ‬والحفظ‭ ‬والرعاية‭ ‬والتدبير‭ ‬التي‭ ‬ألمحت‭ ‬إليهِا‭ ‬الفِطرة‭ ‬السليمة،‭ ‬فينعدم‭ ‬فيها‭ ‬ضياع‭ ‬الحقوق‭ ‬ويُتجنّب‭ ‬منها‭ ‬إلحاق‭ ‬الأذى‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬وجوبها‭ ‬–‭ ‬أي‭ ‬الحضانة‭ - ‬على‭ ‬الحاضنِ‭ ‬وجوبَ‭ ‬كفايةٍ‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬نازعهُ‭ ‬على‭ ‬المحضون‭ ‬مُنازع،‭ ‬وما‭ ‬قد‭ ‬تنتهي‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬التمييز‭ ‬أو‭ ‬الاختيار،‭ ‬وما‭ ‬يحفظ‭ ‬له‭ ‬صلاح‭ ‬الأمر‭ ‬بين‭ ‬والديه‭ ‬دون‭ ‬أنْ‭ ‬يُهلَكَ‭ ‬حقّه‭ ‬عند‭ ‬افتراقهما‭ ‬أو‭ ‬أحدهما‭ ‬موتاً‭ ‬أو‭ ‬طلاقاً‭ ‬بعد‭ ‬“وجوب”‭ ‬تقديم‭ ‬الأمّ‭ ‬على‭ ‬الأب‭ ‬في‭ ‬تولّي‭ ‬الحضانة‭ ‬لعلّة‭ ‬الرفق‭ ‬والأمان‭ ‬والأمانة‭ ‬والعقل‭ ‬والأهلية‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬شؤونه‭. ‬فيما‭ ‬عدا‭ ‬ذلك،‭ ‬يظهر‭ ‬تصاعد‭ ‬منسوب‭ ‬حالات‭ ‬إسقاط‭ ‬حضانة‭ ‬الأمّ‭ ‬عن‭ ‬محضونها‭ ‬ومنحها‭ ‬للأب‭ ‬إزاء‭ ‬حوادث‭ ‬مؤسفة‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬شَهِدَ‭ ‬به‭ ‬بعض‭ ‬القراء،‭ ‬وتسبّبت‭ ‬في‭ ‬منازعاتٍ‭ ‬يدفع‭ ‬ثمن‭ ‬تداعياتها‭ ‬السلبية‭ ‬فلذات‭ ‬الأكباد‭ ‬حينما‭ ‬انتفى‭ ‬قصر‭ ‬حقّ‭ ‬الحضانة‭ ‬على‭ ‬الأمّ‭ ‬لا‭ ‬سوى‭.‬

نافلة‭:‬

إعلاء‭ ‬لغة‭ ‬التفاهم‭ ‬بين‭ ‬الطليقين،‭ ‬ساعد‭ ‬على‭ ‬إزالة‭ ‬اللبس‭ ‬المُستهجن‭ ‬حين‭ ‬ُطعّمت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬قوانين‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي،‭ ‬بنصوص‭ ‬متوافقة‭ ‬“تشريعاً”‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬الرعاية‭ ‬المشتركة‭ ‬للمحضون‭ ‬في‭ ‬حقّي‭ ‬الحضانة‭ ‬والوصاية‭ ‬بعد‭ ‬أنْ‭ ‬ظلّ‭ ‬الطليق‭ ‬لِمُدَدٍ‭ ‬أشبه‭ ‬بموظف‭ ‬عند‭ ‬طليقته؛‭ ‬يتولى‭ ‬شؤون‭ ‬الدفع‭ ‬وتوفير‭ ‬المؤونة‭ ‬فقط،‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬تربية‭ ‬فلذات‭ ‬كبده‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬رؤيتهم‭ ‬في‭ ‬أحايين‭ ‬كثيرة‭ ‬نتيجة‭ ‬حالات‭ ‬شابها‭ ‬العناد‭ ‬والانتقام‭ ‬والإجرام‭ ‬في‭ ‬حقّ‭ ‬الطفولة‭!.‬