خلق قادة مستنيرين وتخريج أفواج من المبدعين

| محمد الحلِّي

لقد‭ ‬شكل‭ ‬المربون‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬السنين‭ ‬الدعامة‭ ‬الأهم‭ ‬التي‭ ‬خرجت‭ ‬أفواجا‭ ‬من‭ ‬المبدعين‭ ‬والقياديين،‭ ‬فلم‭ ‬يقتصر‭ ‬دورهم‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬المحتوى‭ ‬إلى‭ ‬المتلقين‭ ‬بصفتهم‭ ‬محاضرين،‭ ‬بل‭ ‬تجاوزوا‭ ‬ذلك‭ ‬بتمثلهم‭ ‬الخصال‭ ‬الحميدة‭ ‬والقدوة‭ ‬والنموذج‭ ‬والصفات‭ ‬الكريمة،‭ ‬حيث‭ ‬وثق‭ ‬بهم‭ ‬المجتمع‭ ‬وأسند‭ ‬لهم‭ ‬مهمة‭ ‬إعداد‭ ‬وتكوين‭ ‬الأجيال‭.‬

يقول‭ ‬نيكولاي‭ ‬ريريخ‭ ‬“دور‭ ‬المربي‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬الجيل‭ ‬الفتي‭ ‬يفوق‭ ‬دور‭ ‬رجال‭ ‬السياسة،‭ ‬لقدرته‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬قناعاتهم‭ ‬وآرائهم‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع،‭ ‬والتأثير‭ ‬في‭ ‬مشاعرهم‭ ‬وأحاسيسهم”،‭ ‬نعم‭... ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬التربية‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬المربي‭ ‬والدور‭ ‬المهم‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬به،‭ ‬فللمربي‭ ‬من‭ ‬الفضائل‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬عده،‭ ‬وله‭ ‬من‭ ‬الإشعاع‭ ‬والنفوذ‭ ‬الأدبي‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬منه‭ ‬مثالا‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭.‬

وعندما‭ ‬تتساءل‭ ‬الأجيال‭ ‬المتعاقبة‭ ‬عن‭ ‬السر‭ ‬الذي‭ ‬صنع‭ ‬هذه‭ ‬المكانة‭ ‬الكبيرة‭ ‬للمربين‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬فإن‭ ‬المتخصصين‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬التربية‭ ‬يشيرون‭ ‬دائما‭ ‬إلى‭ ‬الصفات‭ ‬العظيمة‭ ‬للمربين‭ ‬التي‭ ‬جعلتهم‭ ‬منارات‭ ‬يهتدي‭ ‬بها‭ ‬النشء،‭ ‬حيث‭ ‬كانوا‭ ‬على‭ ‬جانبٍ‭ ‬عظيم‭ ‬من‭ ‬الخُلق‭ ‬الحسن،‭ ‬والخصال‭ ‬الجميلة،‭ ‬والفعال‭ ‬الكريمة،‭ ‬وتحلوا‭ ‬بالفضيلة،‭ ‬وحسن‭ ‬السيرة،‭ ‬والمعاملة‭ ‬الطيبة،‭ ‬حتى‭ ‬أثّروا‭ ‬في‭ ‬طلابهم‭ ‬علميًّا‭ ‬وسلوكيًّا‭ ‬وأخلاقيًّا‭ ‬بإيجاد‭ ‬جو‭ ‬يمارس‭ ‬فيه‭ ‬الطلاب‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬والتفكير‭ ‬ومبادئ‭ ‬الحوار‭ ‬والنقاش‭.‬

نقطة‭ ‬أخيرة

لقد‭ ‬كانت‭ ‬الأدوار‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬اضطلع‭ ‬بها‭ ‬المربون‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬الحقب‭ ‬الفائتة‭ ‬تنطلق‭ ‬من‭ ‬كثرة‭ ‬الاطلاع‭ ‬والقراءة‭ ‬والبحث‭ ‬الذي‭ ‬اتخذوه‭ ‬منهجا‭ ‬لهم،‭ ‬وابتعادهم‭ ‬عن‭ ‬التعصب‭ ‬وقبولهم‭ ‬النقد‭ ‬البناء‭ ‬من‭ ‬أبنائهم‭ ‬الطلبة،‭ ‬بل‭ ‬وتشجيع‭ ‬قدراتهم‭ ‬الوجدانية‭ ‬والعقلية،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬الأسمى‭ ‬لهم‭ ‬خلق‭ ‬قادة‭ ‬مستنيرين‭ ‬وتخريج‭ ‬أفواج‭ ‬من‭ ‬المبدعين‭.‬