جائزة البحث الطبي

| د. عبدالله الحواج

قلناها‭ ‬مرارًا‭ ‬وتكرارًا‭ ‬لكي‭ ‬نتقدم‭ ‬الصفوف‭ ‬لابد‭ ‬وأن‭ ‬نمتلك‭ ‬حقوق‭ ‬الملكية‭ ‬والابتكار،‭ ‬ولكي‭ ‬نشارك‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬الحضارة‭ ‬لابد‭ ‬وأن‭ ‬نكون‭ ‬منتبهين‭ ‬بأن‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬هو‭ ‬الأداة‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬الحلول‭ ‬الناجعة‭ ‬لمشكلات‭ ‬مستعصية،‭ ‬ولمعضلات‭ ‬“دوخت”‭ ‬البشرية،‭ ‬وقصمت‭ ‬ظهور‭ ‬الخليقة‭ ‬منذ‭ ‬البدايات‭ ‬الأولى،‭ ‬وحتى‭ ‬النهايات‭ ‬العصيبة‭.‬

لقد‭ ‬كنت‭ ‬من‭ ‬أشد‭ ‬المتابعين‭ ‬بل‭ ‬ومن‭ ‬أكثر‭ ‬المعجبين‭ ‬بتوجيهات‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬شفاه‭ ‬الله‭ ‬وعافاه‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬استنباط‭ ‬العلوم‭ ‬والمعارف‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تنمية‭ ‬وإنماء‭ ‬مجتمعاتنا،‭ ‬وسمعته‭ ‬مرة‭ ‬وهو‭ ‬يوجه‭ ‬النداء‭ ‬لي‭ ‬شخصيًا‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬اجتماعات‭ ‬مجلسه‭ ‬المهيب،‭ ‬أحضروا‭ ‬لنا‭ ‬ما‭ ‬ترونه‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬تعالوا‭ ‬معًا‭ ‬لنقتبس‭ ‬ما‭ ‬نراه‭ ‬متقدمًا‭ ‬ونأتي‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬بلادنا‭ ‬حتى‭ ‬تتقدم‭ ‬أكثر،‭ ‬انقلوا‭ ‬مشاهداتكم‭ ‬إلينا،‭ ‬ولا‭ ‬تحرموا‭ ‬أوطانكم‭ ‬من‭ ‬فضيلة‭ ‬يتحلى‭ ‬بها‭ ‬آخرون،‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬فسيلة‭ ‬يغرسها‭ ‬متحضرون،‭ ‬قولوا‭ ‬لنا‭ ‬وبكل‭ ‬صراحة‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬عما‭ ‬تناقشونه‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬والمنتديات،‭ ‬لا‭ ‬تبخلوا‭ ‬على‭ ‬بلادكم‭ ‬بأي‭ ‬شيء،‭ ‬فالعالم‭ ‬الجديد‭ ‬يتكامل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬وأي‭ ‬شيء‭. ‬و‭.. ‬عندما‭ ‬خصص‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬جائزة‭ ‬باسم‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬لدعم‭ ‬البحث‭ ‬الطبي،‭ ‬تجلت‭ ‬أمام‭ ‬أعيني‭ ‬صور‭ ‬التوجيه‭ ‬الكريم‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬سموه،‭ ‬والحرص‭ ‬الكبير‭ ‬عندما‭ ‬يشدد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للبحوث‭ ‬المتعمقة‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬إنماء‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬وإزكاء‭ ‬روح‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬جامعاتنا،‭ ‬بل‭ ‬وتطوير‭ ‬معامل‭ ‬البحث‭ ‬العلمي،‭ ‬ومراكز‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬الحلول‭ ‬للمعضلات‭.‬

لقد‭ ‬كانت‭ ‬المعاني‭ ‬كبيرة‭ ‬والدلالات‭ ‬عميقة‭ ‬لجائزة‭ ‬البحث‭ ‬الطبي‭ ‬التي‭ ‬حملت‭ ‬اسم‭ ‬الرئيس‭ ‬القائد‭ ‬خاصةً‭ ‬أن‭ ‬اللاتي‭ ‬حصلن‭ ‬عليها‭ ‬طبيبات‭ ‬بحرينيات‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬التفوق‭ ‬والتميز‭ ‬والتعاطي‭ ‬مع‭ ‬الشأن‭ ‬الطبي‭ ‬الفارق،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الجائزة‭ ‬تعكس‭ ‬مدى‭ ‬اهتمام‭ ‬سموه‭ ‬بالكوادر‭ ‬الطبية‭ ‬وتشجيعه‭ ‬الدائم‭ ‬للبحث‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الطبي‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬تهجم‭ ‬فيه‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬على‭ ‬الكون‭ ‬بأسره‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تفرقة‭ ‬أو‭ ‬استثناء‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬الجائزة‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬اسم‭ ‬الرئيس‭ ‬القائد‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬غيض‭ ‬من‭ ‬فيض‭ ‬وقطرة‭ ‬في‭ ‬شلال‭ ‬عطاء‭ ‬ممتدة‭ ‬مسيرته‭ ‬عبر‭ ‬العقود‭ ‬والأزمنة‭ ‬والمراحل‭ ‬التنموية‭ ‬الرائعة،‭ ‬فهي‭ ‬تعكس‭ ‬أولًا‭ ‬حرص‭ ‬القيادة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تتقدم‭ ‬جيوشنا‭ ‬البيضاء‭ ‬مسيرة‭ ‬الكفاح‭ ‬وأي‭ ‬كفاح‭ ‬ضد‭ ‬جائحة‭ ‬كونية‭ ‬مباغتة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجائزة‭ ‬ذاتها‭ ‬تم‭ ‬تخصيصها‭ ‬لطواقم‭ ‬طبية‭ ‬حققت‭ ‬من‭ ‬النتائج‭ ‬البحثية‭ ‬السريرية،‭ ‬والتعاطي‭ ‬النظري‭ ‬المؤطر‭ ‬بالتطبيقات‭ ‬العملية‭ ‬ما‭ ‬يضع‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مصاف‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬التي‭ ‬ضبطت‭ ‬إيقاعاتها‭ ‬على‭ ‬ساعة‭ ‬المواجهة،‭ ‬والتزمت‭ ‬أحدث‭ ‬الآليات‭ ‬للتعاطي‭ ‬مع‭ ‬آثار‭ ‬وباء‭ ‬انتشر‭ ‬كالنار‭ ‬في‭ ‬الهشيم‭ ‬وسط‭ ‬ذهول‭ ‬أممي‭ ‬كارثي‭ ‬تجاه‭ ‬هذا‭ ‬التفشي‭ ‬لمرض‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬تحجيم‭ ‬تداعياته‭ ‬في‭ ‬المهد،‭ ‬لكن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يكن‭.‬

إن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬متمثلة‭ ‬في‭ ‬قادتها‭ ‬الأوفياء‭ ‬وشعبها‭ ‬الواعي‭ ‬الأبي‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬معضلات‭ ‬القرن‭ ‬الجديد‭ ‬بحزم‭ ‬المؤمن،‭ ‬ودراية‭ ‬الواثق،‭ ‬وبصيرة‭ ‬المطلع،‭ ‬فلم‭ ‬تخلف‭ ‬وعودها‭ ‬مع‭ ‬شعبها،‭ ‬وشعبها‭ ‬لم‭ ‬يخذل‭ ‬وطنه‭ ‬أو‭ ‬قادته،‭ ‬وقف‭ ‬الجميع‭ ‬صفًا‭ ‬واحدًا،‭ ‬يدًا‭ ‬بيد،‭ ‬وقلبًا‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مواجهة‭ ‬جائحة‭ ‬والسلام،‭ ‬وليس‭ ‬لطارئٍ‭ ‬سوف‭ ‬تذهب‭ ‬آثاره‭ ‬عاجلًا‭ ‬أم‭ ‬آجلًا‭ ‬أدراج‭ ‬الرياح،‭ ‬إنما‭ ‬لأن‭ ‬الرؤية‭ ‬المتسعة‭ ‬لقيادة‭ ‬مع‭ ‬شعب،‭ ‬ولشعب‭ ‬وقيادة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وطن‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬الحصان‭ ‬أمام‭ ‬العربة،‭ ‬لنجري‭ ‬سويًا‭ ‬بسرعة‭ ‬الأحداث‭ ‬ذاتها،‭ ‬وبحجم‭ ‬التحدي‭ ‬ذاته،‭ ‬والله‭ ‬الموفق‭ ‬والمستعان‭.‬