الخليجيون والنتائج المتوقعة للانتخابات الأميركية

| عبدالنبي الشعلة

عندما‭ ‬قررت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬ومملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تطبيع‭ ‬علاقاتهما‭ ‬بدولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬وتبادل‭ ‬التمثيل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬معها،‭ ‬اجتهد‭ ‬الكثيرون‭ ‬وأفاضوا‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬كانت‭ ‬تهدف‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬الموقف‭ ‬الانتخابي‭ ‬للرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬منافسه‭ ‬الديمقراطي‭ ‬جو‭ ‬بايدن؛‭ ‬الذي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬فوزه،‭ ‬حسب‭ ‬رأيهم،‭ ‬قد‭ ‬تنهار‭ ‬المنجزات‭ ‬التي‭ ‬حققها‭ ‬الخليجون‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬تطوير‭ ‬علاقاتهم‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بحيث‭ ‬عادت‭ ‬لها‭ ‬الحيوية،‭ ‬ووصفت‭ ‬بأنها‭ ‬أصبحت‭ ‬تعيش‭ ‬عصرها‭ ‬الذهبي‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬ترمب،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬تدنت‭ ‬وأصابها‭ ‬الفتور‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬الديمقراطي‭ ‬السابق‭ ‬باراك‭ ‬أوباما،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحقيقة‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬تمامًا‭.‬

فالواقع‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬الإمارات‭ ‬والبحرين‭ ‬جاء‭ ‬ضمن‭ ‬توافقات‭ ‬خليجية،‭ ‬وكان‭ ‬بمثابة‭ ‬خطوة‭ ‬استباقية‭ ‬محكمة‭ ‬التوقيت‭ ‬اتخذت‭ ‬تحسبًا‭ ‬لاحتمالات‭ ‬فوز‭ ‬بايدن‭.‬

وللتوضيح‭ ‬فإن‭ ‬التزام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بأمن‭ ‬وسلامة‭ ‬إسرائيل‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬ظرف‭ ‬من‭ ‬الظروف،‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬الثوابت‭ ‬الراسخة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الأميركية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يجرؤ‭ ‬أو‭ ‬يستطيع‭  ‬أي‭ ‬رئيس‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬حزب‭ ‬أن‭ ‬يحيد‭ ‬عنها‭ ‬أو‭ ‬يتخطاها،‭ ‬وهذه‭ ‬السياسة‭ ‬لا‭ ‬تتغير‭ ‬أو‭ ‬تتزحزح‭ ‬رغم‭ ‬تعاقب‭ ‬الحزبين‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬البلاد،‭ ‬بل‭ ‬انهما‭ ‬يتسابقان‭ ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬التزامهما‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬المزايدات،‭ ‬وهي‭ ‬سياسة‭ ‬محفوفة‭ ‬بسياج‭ ‬من‭ ‬اللوبيات‭ ‬وأروقة‭ ‬المصالح‭ ‬وجماعات‭ ‬الضغط‭ ‬وسواعد‭ ‬الدولة‭ ‬العميقة،‭ ‬وإن‭ ‬ربط‭ ‬أمن‭ ‬وحماية‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬بأمن‭ ‬إسرائيل‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أمنية‭ ‬ودفاعية‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬سيمد‭ ‬مظلة‭ ‬الحماية‭ ‬الأميركية‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬وسيحميها‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مبادرة‭ ‬قد‭ ‬يفكر‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬اتخاذها،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬فوزه،‭ ‬لتقليص‭ ‬التزامات‭ ‬أميركا‭ ‬الدفاعية‭ ‬تجاه‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الخليجية‭ ‬تدرك‭ ‬أيضًا‭  ‬وجود‭ ‬تشابه‭ ‬كبير‭  ‬بين‭ ‬سياسات‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬ومنافسه‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬باستراتيجية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬تخفيض‭ ‬الارتباط‭ ‬الأميركي‭ ‬بهذه‭ ‬المنطقة‭ ‬وتقليص‭ ‬الدور‭ ‬القيادي‭ ‬فيها،‭ ‬هذه‭ ‬مسألة‭ ‬أصبحت‭ ‬محسومة‭ ‬وتوجه‭ ‬استراتيجي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يخضع‭ ‬لاجتهادات‭ ‬أي‭ ‬رئيس‭ ‬بعينه،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬راجع‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬الأهمية‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬للمنطقة‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬المصالح‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬الأميركية،‭ ‬وعلى‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬بقاء‭ ‬ترامب‭ ‬أو‭ ‬فوز‭ ‬بايدن‭ ‬لا‭ ‬يغير‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬شيئًا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يبرر‭ ‬قلق‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬من‭ ‬إمكانية‭ ‬انكشافها‭ ‬الأمني‭ ‬قبالة‭ ‬تنامي‭ ‬وتطور‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬الإيرانية‭ ‬والتواجد‭ ‬العسكري‭ ‬التركي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والتعاون‭ ‬والتنسيق‭ ‬المتزايد‭ ‬بين‭ ‬الدولتين‭ ‬الطامعتين‭ ‬والمتربصتين‭ ‬بهذه‭ ‬الدول‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬قادة‭ ‬وحكومات‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الخليجية‭ ‬قد‭ ‬اكتسبوا‭ ‬خبرة‭ ‬واسعة‭ ‬في‭ ‬تعاملهم‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وسياساتها،‭ ‬وفي‭ ‬تفاعلهم‭ ‬مع‭ ‬تقلبات‭ ‬المناخ‭ ‬الانتخابي‭ ‬وما‭ ‬تسفر‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬استحقاقات‭ ‬ومفاجآت،‭ ‬كما‭ ‬انهم‭ ‬يدركون،‭ ‬كباقي‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬أن‭ ‬الانتخابات‭ ‬القادمة‭ ‬تعتبر‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭ ‬للولايات‭  ‬المتحدة،‭ ‬ويولون‭ ‬نتائجها‭ ‬المرتقبة‭ ‬أهمية‭ ‬خاصة‭ ‬تفوق‭ ‬سابقاتها،‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬فإن‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬أو‭ ‬خمسًا‭ ‬منها،‭ ‬تتمنى‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬سدة‭ ‬السلطة‭ ‬للدورة‭ ‬القادمة،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬ليست‭ ‬متخوفة‭ ‬أو‭ ‬متوترة‭ ‬من‭ ‬احتمال‭ ‬خسارته‭ ‬للانتخابات‭ ‬وفوز‭ ‬منافسه‭.‬

ففيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ليس‭ ‬ثمة‭ ‬أي‭ ‬اختلاف‭ ‬أو‭ ‬تضارب‭ ‬بين‭ ‬مواقف‭ ‬وسياسات‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬وخطط‭ ‬واطروحات‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي؛‭ ‬فالحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬أكد‭ ‬في‭ ‬برنامجه‭ ‬الانتخابي‭ ‬بأنه‭ ‬سيعمل‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬الصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بدعم‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬وبدعم‭ ‬حق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬حرية‭ ‬وأمن‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬قابلة‭ ‬للحياة‭ ‬خاصة‭ ‬بهم،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬يعارضون‭ ‬أي‭ ‬خطوات‭ ‬أحادية‭ ‬الجانب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الطرفين؛‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ضم‭ ‬الأراضي‭ ‬والتوسع‭ ‬الاستيطاني‭. ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالقدس‭ ‬فإن‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬وضعها‭ ‬خاضع‭ ‬لمفاوضات‭ ‬الوضع‭ ‬النهائي،‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬يؤكدون‭ ‬على‭ ‬بقائها‭ ‬عاصمة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬غير‭ ‬مقسمة،‭ ‬ومفتوحة‭ ‬لجميع‭ ‬الأديان‭. ‬ومن‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬لن‭ ‬يستطيع‭ ‬إلغاء‭ ‬قرار‭ ‬نقل‭ ‬السفارة‭ ‬الأميركية‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭.‬

وبمقارنة‭ ‬المتنافسَين‭ ‬على‭ ‬كرسي‭ ‬الرئاسة‭ ‬فإن‭ ‬بايدن‭ ‬سينفذ،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬انتخابه،‭ ‬تعهده‭ ‬بمواجهة‭ ‬أردوغان،‭ ‬الخصم‭ ‬اللدود‭ ‬للثلاثي‭ ‬الخليجي‭ ‬السعودية‭ ‬والبحرين‭ ‬والإمارات،‭ ‬وأنه‭ ‬سيدعم‭ ‬قراراً‭ ‬يعترف‭ ‬بالإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬للأرمن‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الأتراك،‭ ‬وسيعارض‭ ‬التوغل‭ ‬العسكري‭ ‬التركي‭ ‬في‭ ‬سوريا‭. ‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يقلق‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الخليجية،‭ ‬خصوصًا‭ ‬ثلاثي‭ ‬السعودية‭ ‬والبحرين‭ ‬والإمارات‭ ‬والحليف‭ ‬الجديد‭ ‬إسرائيل‭ ‬هو‭ ‬موقف‭ ‬بايدن‭ ‬من‭ ‬ملف‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬الذي‭ ‬ألغاه‭ ‬ترامب‭ ‬وضاعف‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬والذي‭ ‬أصبح‭ ‬ملفًا‭ ‬شائكًا‭ ‬ومعقدًا‭ ‬وأكثر‭ ‬خطورة‭ ‬من‭ ‬ذي‭ ‬قبل،‭ ‬وبهذا‭ ‬الصدد‭ ‬فإن‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬فوزه‭ ‬سيتجه‭ ‬إلى‭ ‬تخفيض‭ ‬حالة‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإيران،‭ ‬وتخفيف‭ ‬حدة‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬عليها،‭ ‬لكنه‭ ‬لن‭ ‬يستطيع‭ ‬إعادة‭ ‬تفعيل‭ ‬الاتفاق‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الأصل،‭ ‬وقد‭ ‬يشرع‭ ‬فور‭ ‬دخوله‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬إلى‭ ‬إجراء‭ ‬مفاوضات‭ ‬بشأن‭ ‬إحياء‭ ‬الاتفاق‭ ‬بضوابط‭ ‬وقواعد‭ ‬مختلفة،‭ ‬وسيمارس‭ ‬الضغوط‭ ‬اللازمة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التنازلات‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الإيراني‭ ‬تأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬مخاوف‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وتنامي‭ ‬قوتها‭ ‬الصاروخية‭ ‬البالستية،‭ ‬وبرامج‭ ‬تطوير‭ ‬طاقتها‭ ‬النووية‭.‬

وفي‭ ‬حالة‭ ‬فوز‭ ‬بايدن‭ ‬سيجد‭ ‬أمامه‭ ‬ملفات‭ ‬وقضايا‭ ‬داخلية‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬وسخونة‭ ‬وإلحاحًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للناخب‭ ‬الأميركي‭ ‬الذي‭ ‬أعطاه‭ ‬صوته،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬تنظيف‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬وتضميد‭ ‬الجراح‭ ‬التي‭ ‬سببتها‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة،

وإصلاح‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وإعادة‭ ‬توظيف‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬العاطلين‭ ‬الذين‭ ‬فقدوا‭ ‬وظائفهم‭ ‬بسبب‭ ‬الإغلاق‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬الجائحة،‭ ‬وخلق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬للأيدي‭ ‬العاملة‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬ستتدفق‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬وتحقيق‭ ‬وتدعيم‭ ‬قيم‭ ‬وممارسات‭ ‬التعايش‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع‭ ‬الأميركي‭.‬

وعلى‭ ‬بايدن،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬فوزه،‭ ‬ترتيب‭ ‬جدول‭ ‬أولوياته‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬خارطة‭ ‬جديدة‭ ‬لشبكة‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية،‭ ‬فأين‭ ‬ستقع‭ ‬قضايا‭ ‬الخليج‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬سلم‭ ‬هذه‭ ‬الأولويات؟‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬أصبحت‭ ‬معقدة‭ ‬وشائكة‭ ‬كما‭ ‬ذكرنا،‭ ‬مثل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والصراع‭ ‬العربي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وجملة‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬الثقيلة‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬مستقبل‭ ‬الوجود‭ ‬الأميركي‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا،‭ ‬وحرب‭ ‬اليمن،‭ ‬والأزمة‭ ‬الخليجية،‭ ‬والتوتر‭ ‬مع‭ ‬إيران‭.‬

ويرى‭ ‬المراقبون‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬وحزبه‭ ‬الديمقراطي‭ ‬سيعطون‭ ‬الأولوية‭ ‬القصوى‭ ‬في‭ ‬سياستهم‭ ‬الخارجية‭ ‬إلى‭ ‬ترميم‭  ‬العلاقات‭ ‬وبناء‭ ‬جسور‭ ‬الثقة‭ ‬مع‭ ‬الحلفاء‭ ‬والشركاء‭ ‬الأوروبيين‭ ‬التي‭ ‬تصدعت‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬ترامب،‭ ‬بحيث‭ ‬تحولت‭ ‬أميركا‭ ‬من‭ ‬حليف‭ ‬للأوروبيين‭ ‬إلى‭ ‬خصم‭ ‬لهم،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬لتفاقم‭ ‬الحرب‭ ‬التجارية‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬اقتصاد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بعد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

‭ ‬وسيعمل‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬فوزه‭ ‬على‭ ‬استعادة‭ ‬الدور‭ ‬القيادي‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬ضمن‭ ‬توافقات‭ ‬جديدة‭ ‬وواقع‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬ومعطيات‭ ‬جديدة‭ ‬ترسخت‭ ‬خلال‭ ‬أربع‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬والتي‭ ‬ستعيقه‭ ‬عن‭ ‬الدوران‭ ‬بالعربة‭ ‬إلى‭ ‬الوراء،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬البرنامج‭ ‬الانتخابي‭ ‬للديمقراطيين‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬“يجب‭ ‬أن‭ ‬نواجه‭ ‬العالم‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬اليوم،‭ ‬وليس‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يدمره‭ ‬ترامب‭... ‬ولا‭ ‬يمكننا‭ ‬ببساطة‭ ‬أن‭ ‬نطمح‭ ‬إلى‭ ‬استعادة‭ ‬القيادة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬إعادة‭ ‬اكتشافها‭ ‬لتصبح‭ ‬مناسبة‭ ‬للعصر‭ ‬الجديد”‭.‬

وضمن‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬تأتي‭ ‬مهمة‭ ‬العودة‭ ‬أو‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬خرجت‭ ‬أميركا‭ ‬منها‭ ‬خلال‭ ‬ولاية‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬مثل‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية،‭ ‬ومجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وصندوق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للسكان‭ ‬وغيرها‭.‬

كل‭ ‬ذلك‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الخليجيين‭ ‬ليسو‭ ‬متخوفين‭ ‬من‭ ‬احتمال‭ ‬هزيمة‭ ‬ترامب‭ ‬وفوز‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأميركية‭ ‬التي‭ ‬ستجرى‭ ‬بعد‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭.‬