مقطع فيديو مؤلم

| رضي السماك

انتشر‭ ‬منذ‭ ‬أسبوع‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬مقطع‭ ‬فيديو‭ ‬لا‭ ‬أحسب‭ ‬أحداً‭ ‬تابعه‭ ‬إلا‭ ‬واعتصره‭ ‬الألم‭. ‬المقطع‭ ‬لموظف‭ ‬من‭ ‬هيئة‭ ‬الكهرباء‭ ‬يؤدي‭ ‬واجبه‭ ‬الروتيني‭ ‬اليومي‭ ‬بقطع‭ ‬الكهرباء‭ ‬عن‭ ‬المتخلفين‭ ‬عن‭ ‬الدفع‭ ‬من‭ ‬محلات‭ ‬تجارية‭ ‬وعمارات‭ ‬وبيوت‭ ‬مواطنين،‭ ‬والبيت‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬قطع‭ ‬الكهرباء‭ ‬عنه‭ ‬يبدو‭ ‬متواضعاً‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬ذوي‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود‭ ‬لمواطن‭ ‬يعيش‭ ‬فيه‭ ‬مع‭ ‬أمه،‭ ‬وربما‭ ‬تلقى‭ ‬إنذارات‭ ‬بالقطع‭ ‬ولم‭ ‬يستجب‭ ‬لضيق‭ ‬الحال،‭ ‬فما‭ ‬أن‭ ‬أوشك‭ ‬الموظف‭ ‬على‭ ‬مباشرة‭ ‬مهمته‭ ‬حتى‭ ‬بدا‭ ‬كمن‭ ‬“ضبطه”‭ ‬في‭ ‬مهمته‭ ‬فحاججه‭: ‬“مو‭ ‬حرام‭ ‬تقطعون‭ ‬الكهرباء‭ ‬علينا‭ ‬أنا‭ ‬وأمي‭ ‬وما‭ ‬عندنا‭ ‬ندفع”،‭ ‬والموظف‭ ‬يضبط‭ ‬أعصابه‭ ‬ويرد‭ ‬عليه‭: ‬“خلك‭ ‬مكاني‭ ‬إشبسوي؟”،‭ ‬الأم‭ ‬شعرت‭ ‬بالقطع‭ ‬المفاجئ‭ ‬فخرجت‭ ‬مذعورة‭ ‬تستفسر‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬كل‭ ‬الجيران‭ ‬قد‭ ‬قُطعت‭ ‬الكهرباء‭ ‬عنهم‭ ‬لخلل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬فيجيبها‭ ‬الابن‭: ‬نحن‭ ‬فقط‭. ‬وفي‭ ‬حدود‭ ‬علمي‭ ‬لم‭ ‬ترد‭ ‬أية‭ ‬جهة‭ ‬معنية‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬الفيديو،‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬النواب‭ ‬ولا‭ ‬البلديات،‭ ‬ولا‭ ‬وزارة‭ ‬الكهرباء،‭ ‬وأعتذر‭ ‬مقدماً‭ ‬إن‭ ‬حدث‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬إيجابي‭ ‬ما‭ ‬متعاطف‭ ‬مع‭ ‬المواطن‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أعلمه‭.‬

لنكن‭ ‬صريحين‭ ‬مع‭ ‬النفس،‭ ‬ثمة‭ ‬فئات‭ ‬في‭ ‬تقديرنا‭ ‬لا‭ ‬تدفع‭: ‬الأولى‭ ‬لا‭ ‬مبالية‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬الدفع‭ ‬رغم‭ ‬وضعها‭ ‬المعيشي‭ ‬المتردي،‭ ‬والثانية‭ ‬للسهو‭ ‬والإهمال،‭ ‬والثالثة‭ ‬نموذجها‭ ‬المواطن‭ ‬موضع‭ ‬حديثنا‭ ‬شبه‭ ‬المعدم،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬تقديرنا‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬مراعاة‭ ‬وضعها‭ ‬المعيشي،‭ ‬وهي‭ ‬الأولى‭ ‬بالدعم‭ ‬من‭ ‬وفورات‭ ‬صندوق‭ ‬التأمين‭ ‬ضد‭ ‬التعطل،‭ ‬ولو‭ ‬بوضع‭ ‬معدل‭ ‬مفترض‭ ‬لاستهلاكها‭ ‬من‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭ ‬لتعفى‭ ‬من‭ ‬الدفع،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬دراسة‭ ‬حالة‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬المعيشية‭ ‬ليست‭ ‬أمرا‭ ‬صعبا‭.‬