ياسمينيات

كفاكم تلاعبا

| ياسمين خلف

كلما‭ ‬قررت‭ ‬إغلاق‭ ‬ملف‭ ‬مشاكل‭ ‬العمالة‭ ‬المنزلية،‭ ‬كلما‭ ‬وجدت‭ ‬نفسي‭ ‬تائهة‭ ‬في‭ ‬دهاليز‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬ما‭ ‬يدفعني‭ ‬للغور‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬تفاصيلها،‭ ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬مقال،‭ ‬تنهال‭ ‬ردود‭ ‬القراء‭ ‬الذين‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬جلياً‭ ‬أنهم‭ ‬لسعوا‭ ‬من‭ ‬نار‭ ‬هذه‭ ‬العمالة‭ ‬ومكاتب‭ ‬استقدامها‭ ‬وتجرعوا‭ ‬كؤوس‭ ‬المر‭ ‬والمرار،‭ ‬فأجد‭ ‬نفسي‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬فتح‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬لطرح‭ ‬مشكلة‭ ‬تؤرق‭ ‬شريحة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭.‬

الغش‭ ‬في‭ ‬عقود‭ ‬العمالة‭ ‬المنزلية‭ ‬يتخذ‭ ‬أشكالا،‭ ‬وكثيرون‭ ‬وقعوا‭ ‬في‭ ‬أفخاخها‭ ‬للأسف،‭ ‬تطلب‭ ‬عاملة‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬مواصفاتها‭ ‬وصورتها‭ ‬المرفقة‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬الطلب،‭ ‬فتصل‭ ‬إلى‭ ‬منزلك‭ ‬إنسانة‭ ‬أخرى‭! ‬كيف؟‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭! ‬ويُصر‭ ‬المكتب‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬هي‭ ‬هي‭ ‬ذاتها،‭ ‬وأنك‭ ‬ربما‭ ‬قد‭ ‬“شُبه‭ ‬لك”‭!! ‬صورة‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬الخمسين‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير‭ ‬والعقد‭ ‬يؤكد‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬العشرينيات‭ ‬من‭ ‬عمرها‭! ‬كيف؟‭ ‬بعض‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬المكاتب‭ ‬يبرر‭ ‬بأن‭ ‬أغلب‭ ‬هذه‭ ‬العمالة‭ ‬وخصوصا‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬قرى‭ ‬نائية‭ ‬فقيرة،‭ ‬ليست‭ ‬لهن‭ ‬شهادات‭ ‬ميلاد‭ ‬ولا‭ ‬يعرفن‭ ‬أصلاً‭ ‬أعمارهن،‭ ‬فبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬الأعمار‭ ‬المذكورة‭ ‬تقريبية‭. ‬لكن‭ ‬السؤال،‭ ‬التقريب‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬حد،‭ ‬أيعقل‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬ثلاثين‭ ‬عاماً؟‭!‬

الطامة‭ ‬الكبرى‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بديانة‭ ‬العاملة‭ ‬المنزلية،‭ ‬فكثيرون‭ ‬يفضلونها‭ ‬مسلمة،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬قد‭ ‬يستدل‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬الاسم،‭ ‬أو‭ ‬الحجاب‭ ‬الإسلامي،‭ ‬لكن‭ ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬الديانات‭ ‬والمذاهب‭ ‬الأخرى‭! ‬فإن‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الكتاب‭ ‬فلا‭ ‬ضير،‭ ‬ولكن‭ ‬ماذا‭ ‬إن‭ ‬كن‭ ‬من‭ ‬مذاهب‭ ‬أخرى؟‭ ‬فكثيرون‭ ‬يُحرمون‭ ‬وجودهن‭ ‬في‭ ‬منزلهن،‭ ‬لارتباط‭ ‬الموضوع‭ ‬بأمور‭ ‬الطهارة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬العقائدية،‭ ‬فمن‭ ‬المسؤول؟

وحتى‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬وجدت‭ ‬لنفسها‭ ‬الحل‭ ‬عبر‭ ‬التلاعب‭ ‬والغش‭ ‬في‭ ‬ذكر‭ ‬الديانة‭ ‬الحقيقية‭ ‬للعمالة‭ ‬في‭ ‬عقود‭ ‬الطلب‭! ‬فكثيرات‭ ‬أصبحن‭ ‬بين‭ ‬ليلة‭ ‬وضحاها‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الكتاب‭ ‬على‭ ‬الورق‭ ‬لضمان‭ ‬فرصة‭ ‬العمل،‭ ‬فإحداهن‭ ‬ساورها‭ ‬الشك‭ ‬في‭ ‬العاملة‭ ‬التي‭ ‬نوت‭ ‬استقدامها،‭ ‬ولما‭ ‬عرضت‭ ‬أوراق‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬صديقتها‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬ذات‭ ‬جنسية‭ ‬العاملة،‭ ‬أكدت‭ ‬أنها‭ ‬ومن‭ ‬الاسم‭ ‬والمنطقة،‭ ‬من‭ ‬ديانة‭ ‬“أخرى”‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬وبحسب‭ ‬العقد‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الكتاب‭! ‬فمن‭ ‬المسؤول‭ ‬يا‭ ‬تُرى؟‭.‬

 

ياسمينة‭: ‬

نتمنى‭ ‬أن‭ ‬نغلق‭ ‬الملف‭ ‬بحل‭ ‬جميع‭ ‬مشاكله‭.‬