يوم الأمم المتحدة

| عبدعلي الغسرة

تأسست‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬أكتوبر‭ ‬1945م‭ ‬بهدف‭ ‬بث‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬البشر‭ ‬ولبناء‭ ‬عالم‭ ‬جديد‭ ‬خالٍ‭ ‬من‭ ‬الألم‭ ‬ومُشع‭ ‬بالأمل،‭ ‬وجاءت‭ ‬وثيقة‭ ‬تأسيسها‭ ‬لتثبت‭ ‬هيبتها‭ ‬وقوتها‭ ‬لتحقيق‭ ‬عالم‭ ‬أفضل‭ ‬يتمتع‭ ‬بالأمن‭ ‬والسلام‭ ‬وخالٍ‭ ‬من‭ ‬العُنف‭ ‬والحروب،‭ ‬وظهرت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتكتسب‭ ‬شرعية‭ ‬وجودها‭ ‬بإنسانية‭ ‬مبادئها‭ ‬وأهدافها،‭ ‬فهل‭ ‬حافظت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬مبادئها‭ ‬وإنسانيتها‭ ‬وشعاراتها؟‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬ظلت‭ ‬حبيسة‭ ‬جدران‭ ‬مؤسسيها‭ ‬الذين‭ ‬يديرون‭ ‬دفتها‭ ‬باتجاه‭ ‬مصالحهم‭ ‬وبقدر‭ ‬ما‭ ‬يستفيدون‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬الأخرى‭. ‬بعد‭ ‬خمسة‭ ‬وسبعين‭ ‬عامًا‭ ‬مازالت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تقوم‭ ‬بإصدار‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬يصيغها‭ ‬ويقرُها‭ ‬الخمسة‭ ‬الكبار،‭ ‬وتخضع‭ ‬لها‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة،‭ ‬وحين‭ ‬يصيغ‭ ‬الصغار‭ ‬قرارًا‭ ‬يرفضه‭ ‬الكبار‭ ‬بوضع‭ ‬الفيتو‭ ‬لمنع‭ ‬مروره،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬تم‭ ‬احتلالها‭ ‬وحرق‭ ‬أراضيها‭ ‬ونهبت‭ ‬ثرواتها‭ ‬وجُعلت‭ ‬رهينة‭ ‬للكبار‭ ‬بقرارات‭ ‬صدرت‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة‭ ‬التي‭ ‬وجدت‭ ‬لتكون‭ ‬درعًا‭ ‬لحماية‭ ‬الجميع‭ ‬فأصبحت‭ ‬وأمست‭ ‬ملاذًا‭ ‬للخمسة‭ ‬ليحققوا‭ ‬أهدافهم‭ ‬ومآربهم‭ ‬ولينموا‭ ‬ثروات‭ ‬بلدانهم‭ ‬ورخاء‭ ‬شعوبهم‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬ثروات‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬وفقر‭ ‬شعوبها‭. ‬خمسة‭ ‬وسبعون‭ ‬عامًا‭.. ‬فقدت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬قواعدها‭ ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬بمقتضاها‭ ‬سوى‭ ‬احتفالاتها‭ ‬بأيام‭ ‬ومناسبات‭ ‬إعلامية‭ ‬لا‭ ‬تسمن‭ ‬ولا‭ ‬تغني‭ ‬من‭ ‬جوع،‭ ‬وبإصدار‭ ‬بيانات‭ ‬استنكار‭ ‬وشجب‭ ‬على‭ ‬أفعال‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الواجب‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بمنعها‭ ‬قبل‭ ‬وقوعها،‭ ‬وبعد‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬العجاف‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬أسسها‭ ‬وغادرت‭ ‬مبادئها‭ ‬وجعلت‭ ‬من‭ ‬أروقتها‭ ‬ميناء‭ ‬لتصدير‭ ‬قرارات‭ ‬الأقوياء‭.‬

في‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬يتم‭ ‬الاحتفال‭ ‬بهذه‭ ‬الذكرى‭ ‬والعالم‭ ‬يتهدم‭ ‬أكثر‭ ‬ويشهد‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬الاضطرابات‭ ‬الصحية‭ ‬والسياسية‭ ‬والتنموية‭ ‬والميدانية،‭ ‬وكورونا‭ ‬ليس‭ ‬أشدها‭ ‬ولا‭ ‬أقواها،‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الاضطرابات‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬ذاتها‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬إيجابي‭ ‬للتحول‭ ‬من‭ ‬المدفوع‭ ‬إلى‭ ‬الدافع‭ ‬لتقول‭ ‬الحق‭ ‬وتنتصر‭ ‬لأهله،‭ ‬فوضعت‭ ‬توقيعها‭ ‬على‭ ‬قرارات‭ ‬ليست‭ ‬لها‭ ‬قوة‭ ‬التنفيذ‭. ‬وبذا،‭ ‬فإنها‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬جسرًا‭ ‬للتفاهم‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭ ‬وشعوبها،‭ ‬المنظمة‭ ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬على‭ ‬رماد‭ ‬الحرب،‭ ‬فبمثل‭ ‬تلك‭ ‬القرارات‭ ‬شن‭ ‬الكبار‭ ‬حروبا‭ ‬متنوعة‭ ‬ضد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬والأجنبية‭. ‬بعد‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬على‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬صياغة‭ ‬أهدافها‭ ‬وتعديل‭ ‬مبادئها‭ ‬لتتمكن‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬التعاون‭ ‬الإنساني‭ ‬والعدل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتضامن‭ ‬السياسي‭ ‬العالمي‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭ ‬وشعوبها‭ ‬والمصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬للجميع‭.‬