من جديد

“الشكوى لله”

| د. سمر الأبيوكي

انفرد‭ ‬أحد‭ ‬المواقع‭ ‬بخبر‭ ‬مضحك‭ ‬مبك‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد،‭ ‬مفاده‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬الأساتذة‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الجامعات‭ ‬تواصل‭ ‬مع‭ ‬طلبته‭ ‬ليخبرهم‭ ‬بتعذر‭ ‬اتصاله‭ ‬بالإنترنت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬وأنه‭ ‬سيقوم‭ ‬بتعويضهم‭ ‬بمدة‭ ‬أكبر‭ ‬ومحاضرة‭ ‬أخرى‭ ‬مكثفة‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬يليه،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬وارد‭ ‬الحدوث‭ ‬مع‭ ‬الضغط‭ ‬اللامتناهي‭ ‬على‭ ‬الشبكة‭ ‬العنكبوتية‭ ‬ومع‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يواجه‭ ‬الأشخاص‭ ‬من‭ ‬انقطاع‭ ‬مفاجئ‭ ‬في‭ ‬الإنترنت‭ ‬أو‭ ‬غيره،‭ ‬لكن‭ ‬غير‭ ‬المقبول‭ ‬الصيغة‭ ‬التي‭ ‬كُتب‭ ‬بها‭ ‬الخبر،‭ ‬حيث‭ ‬انفرد‭ ‬الموقع‭ ‬بعنوان‭ ‬عريض‭ ‬يبين‭ ‬مدى‭ ‬الهلع‭ ‬الذي‭ ‬انتاب‭ ‬الطلبة‭ ‬بسبب‭ ‬خوفهم‭ ‬على‭ ‬ضياع‭ ‬مستقبلهم‭ ‬الدراسي‭ ‬إثر‭ ‬تأجيل‭ ‬هذه‭ ‬المحاضرة‭.‬

لا‭ ‬والله‭! ‬“أنا‭ ‬صدقت‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬نقول‭ ‬بالعامي”‭.. ‬حقيقة‭ ‬لا‭ ‬أعلم‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مستوى‭ ‬وصلنا‭ ‬في‭ ‬تداول‭ ‬الأخبار‭ ‬فقط‭ ‬لجذب‭ ‬انتباه‭ ‬المتابعين‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬“اللايكات”‭ ‬والإضافات،‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬المقصد‭ ‬الحقيقي‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الخبر،‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬الطعن‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬الجامعة‭ ‬التي‭ ‬ينتسب‭ ‬إليها‭ ‬الأستاذ‭ ‬أم‭ ‬الطعن‭ ‬في‭ ‬الأستاذ‭ ‬نفسه؟‭ ‬“والله‭ ‬عيب”‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬يود‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬المساس‭ ‬بالآخرين‭ ‬بأية‭ ‬طريقة‭ ‬كانت،‭ ‬ونشر‭ ‬أخبار‭ ‬فجة‭ ‬تحض‭ ‬من‭ ‬الآخر‭ ‬أو‭ ‬تقلل‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬“الشو‭ ‬الإعلامي”‭ ‬كما‭ ‬نسميه‭.‬

 

نحن‭ ‬نعيش‭ ‬كارثة‭.. ‬نعم‭ ‬كارثة‭ ‬اسمها‭ ‬“إن‭ ‬ما‭ ‬عجبك‭ ‬شي‭ ‬روح‭ ‬واشتكي‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي”،‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬بمعنى‭ ‬الكلمة،‭ ‬وصنف‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأخبار‭ ‬التي‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬معنى‭ ‬ولا‭ ‬تحمل‭ ‬صفات‭ ‬الخبر‭ ‬التي‭ ‬ندرسها‭ ‬لطلبتنا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإعلام،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬توجد‭ ‬بها‭ ‬أية‭ ‬قيمة‭ ‬خبرية‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬الاستناد‭ ‬عليها،‭ ‬نحن‭ ‬ببساطة‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬الشكوى،‭ ‬والشكوى‭ ‬لغير‭ ‬الله‭ ‬مذلة‭.‬