حصاد نظام الملالي لأربعة عقود (1)

| عاتقة خورسند

لو‭ ‬كانت‭ ‬الثروات‭ ‬والإمكانيات‭ ‬المادية‭ ‬والطبيعية‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬إيران‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬دولة‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬نظام‭ ‬سياسي‭ ‬تقليدي،‭ ‬فإن‭ ‬أوضاع‭ ‬تلك‭ ‬الدولة‭ ‬كانت‭ ‬ستكون‭ ‬على‭ ‬أحسن‭ ‬ما‭ ‬يرام‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬شعبها‭ ‬يرفل‭ ‬بالمعيشة‭ ‬الهانئة‭ ‬وحياة‭ ‬حرة‭ ‬كريمة‭.‬

لكننا‭ ‬عندما‭ ‬نتفحص‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حكم‭ ‬نظام‭ ‬ولاية‭ ‬الفقيه‭ ‬الديكتاتوري‭ ‬وبعد‭ ‬أربعة‭ ‬عقود‭ ‬عجفاء‭ ‬من‭ ‬حكمه‭ ‬الظالم،‭ ‬فإننا‭ ‬نجد‭ ‬خرابا‭ ‬وجوعا‭ ‬وفقرا‭ ‬وحرمانا‭ ‬وتخلفا‭ ‬وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬موتا‭ ‬ودمارا‭ ‬وظلما‭ ‬وقمعا‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬حدود،‭ ‬وعندئذ‭ ‬تتوضح‭ ‬لنا‭ ‬صورة‭ ‬إيران‭ ‬بكل‭ ‬دقة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الحكم‭ ‬الديكتاتوري‭.‬

نظام‭ ‬الملالي‭ ‬ومنذ‭ ‬البداية‭ ‬أطلق‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬بالونات‭ ‬وفقاعات‭ ‬الشعارات‭ ‬الرنانة‭ ‬الطنانة‭ ‬بدعم‭ ‬المحرومين‭ ‬والمستضعفين‭ ‬والوقوف‭ ‬بوجه‭ ‬الطغاة،‭ ‬لكن‭ ‬وبعد‭ ‬أربعة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬حكمهم‭ ‬تبين‭ ‬أنهم‭ ‬أكبر‭ ‬وأقسى‭ ‬عدو‭ ‬للفقراء‭ ‬والمحرومين‭ ‬وألد‭ ‬أعداء‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭.‬

وإن‭ ‬كانوا‭ ‬مناصرين‭ ‬للنظم‭ ‬الديكتاتورية‭... ‬فإنهم‭ ‬وبأنفسهم‭ ‬يمثلون‭ ‬أكبر‭ ‬قلعة‭ ‬للظلم‭ ‬والنموذج‭ ‬الأسوأ‭ ‬لأفظع‭ ‬نظام‭ ‬ديكتاتوري‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬وإن‭ ‬تلك‭ ‬الشعارات‭ ‬تبددت‭ ‬وانفجرت‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬كما‭ ‬تنفجر‭ ‬الفقاعات‭ ‬والبالونات‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬وقيم‭ ‬ومبادئ‭ ‬الحرية‭ ‬والكرامة‭ ‬الإنسانية‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬نقيضان‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يلتقيا‭ ‬أبدا،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬مربط‭ ‬الفرس‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬المصيري‭ ‬القائم‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬منظمة‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬منذ‭ ‬بدايات‭ ‬حكمه‭ ‬الأسود‭ ‬الذي‭ ‬رفضته‭ ‬منظمة‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬وأعلنت‭ ‬أنه‭ ‬امتداد‭ ‬أسوأ‭ ‬لنظام‭ ‬سيئ‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أبدا‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬آمال‭ ‬وطموحات‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭.‬

الصراع‭ ‬والمواجهة‭ ‬التي‭ ‬خاضتها‭ ‬وتخوضها‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬ضد‭ ‬نظام‭ ‬ولاية‭ ‬الفقيه‭ ‬أشبه‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬بالأسطورية،‭ ‬لاسيما‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تتبعنا‭ ‬مساراتها‭ ‬ومراحلها‭ ‬المختلفة‭ ‬وروح‭ ‬المواجهة‭ ‬والتحدي‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬مقارعة‭ ‬النظام‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬طموحا‭ ‬وتطلعا‭ ‬للسلطة‭ ‬كما‭ ‬قد‭ ‬يتصور‭ ‬البعض،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الذين‭ ‬يسعون‭ ‬للسلطة‭ ‬والجاه‭ ‬يحرصون‭ ‬على‭ ‬أنفسهم‭ ‬وسلامتهم‭ ‬ومصالحهم‭ ‬المختلفة،‭ ‬لكن‭ ‬المجاهدين‭ ‬الذين‭ ‬يحملون‭ ‬أرواحهم‭ ‬على‭ ‬أكفهم‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1965،‭ ‬والذين‭ ‬قدموا‭ ‬120‭ ‬ألف‭ ‬شهيد‭ ‬على‭ ‬ضريح‭ ‬النضال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحرية،‭ ‬وتحملوا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬وصفه‭ ‬من‭ ‬الأوضاع‭ ‬والمعاناة‭ ‬الاستثنائية،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬نمط‭ ‬ونوعية‭ ‬مميزة‭ ‬أخرى‭. ‬“مجاهدين”‭.‬