سوالف

كل شيء تغير على سطح هذا الكوكب إلا أصحاب “الشعارات”

| أسامة الماجد

في‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬كان‭ ‬البعض‭ ‬يروج‭ ‬للمفهوم‭ ‬القائل‭ ‬إن‭ ‬القرن‭ ‬الحالي‭ ‬هو‭ ‬قرن‭ ‬الاشتراكية،‭ ‬وزعموا‭ ‬أنها‭ ‬تغزو‭ ‬عقول‭ ‬كل‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬البلدان‭ ‬والقارات،‭ ‬وأنها‭ ‬أصبحت‭ ‬آيديولوجية‭ ‬وسياسة‭ ‬كل‭ ‬دولة،‭ ‬وتساق‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحجج‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الهراء‭ ‬بشتى‭ ‬الطرق،‭ ‬ثم‭ ‬خرجت‭ ‬جماعة‭ ‬أخرى‭ ‬تمجد‭ ‬الشيوعية‭ ‬وقالت‭ ‬إنها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام‭ ‬والتقدم‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وبعدها‭ ‬الماركسية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الشعارات‭ ‬التي‭ ‬ربطوها‭ ‬بكل‭ ‬غباء‭ ‬بالتطوير‭ ‬الكامل‭ ‬للمجتمع‭ ‬ورخاء‭ ‬الإنسان‭ ‬ورفاهيته،‭ ‬ولا‭ ‬ضير‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬كون‭ ‬المناخ‭ ‬السياسي‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬يمر‭ ‬بتحولات‭ ‬عميقة‭ ‬منها‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬المزمنة‭ ‬وكلها‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تصحيحات‭ ‬وتعديلات‭.‬

لكن‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬المرء‭ ‬في‭ ‬دهشة‭ ‬من‭ ‬أمره‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يعيش‭ ‬بعقلية‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬وتحتل‭ ‬تلك‭ ‬الشعارات‭ ‬المكان‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬وسياسته‭ ‬واهتمامه‭ ‬ويكافح‭ ‬في‭ ‬سبيلها‭ ‬لأنها‭ ‬حسب‭ ‬وجهة‭ ‬نظره‭ ‬تكفل‭ ‬سلامة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والمجتمع،‭ ‬وتقام‭ ‬بينهم‭ ‬حوارات‭ ‬ومناقشات‭ ‬حول‭ ‬كارل‭ ‬ماركس‭ ‬وبلانكي‭ ‬وباكونين‭ ‬وغيرهم،‭ ‬باعتبارهم‭ ‬الوحيدين‭ ‬الذين‭ ‬يستطيعون‭ ‬أن‭ ‬يعدلوا‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭. ‬دخلنا‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬قد‭ ‬تغير‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب‭ ‬ومازال‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يمجد‭ ‬ويتحدث‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الشعارات‭ ‬ويدمنها‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬يدمن‭ ‬أشياء‭ ‬مضحكة‭. ‬

نحن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬ذروة‭ ‬الأهداف‭ ‬العظيمة‭ ‬للمستقبل،‭ ‬حيث‭ ‬التطور‭ ‬المتكامل‭ ‬والمتناسق‭ ‬وهم‭ ‬مازالوا‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬الماركسية‭ ‬ووجه‭ ‬الشمس‭ ‬المعتم‭ ‬المتبقي‭ ‬من‭ ‬عصر‭ ‬الخمسينات‭ ‬والستينات،‭ ‬ويحفرون‭ ‬في‭ ‬أبواب‭ ‬موصدة‭ ‬بطاعة‭ ‬عمياء،‭ ‬كما‭ ‬يحمل‭ ‬سيزيف‭ ‬الصخرة‭ ‬ويرتد‭ ‬إلى‭ ‬جسده‭ ‬الواهي‭ ‬الذي‭ ‬راح‭ ‬يموت‭ ‬شيئا‭ ‬فشيئا،‭ ‬عقول‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬ظلال‭ ‬العالم‭ ‬السفلي‭ ‬وتائهة‭ ‬في‭ ‬متاهات‭ ‬التخلف‭ ‬والأمراض‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬لديها‭ ‬شوق‭ ‬محموم‭ ‬لتلك‭ ‬الشعارات‭ ‬الفارغة‭ ‬والهراء‭ ‬الذي‭ ‬أكل‭ ‬عليه‭ ‬الدهر‭ ‬وشرب،‭ ‬إنهم‭ ‬يعيشون‭ ‬الظلام‭ ‬الرهيب‭ ‬ويسيرون‭ ‬بشعاراتهم‭ ‬باتجاه‭ ‬الشمس‭.. ‬يرسلون‭ ‬السلامات‭ ‬والتحيات‭ ‬إلى‭ ‬الرجعية‭.‬