جلالة الملك وصناعة الأمل

| مؤنس المردي

من‭ ‬أجمل‭ ‬نعم‭ ‬الله‭ ‬علينا‭ ‬نحن‭ ‬شعب‭ ‬البحرين‭ ‬أن‭ ‬وهبنا‭ ‬قائدا‭ ‬محنكا‭ ‬يلتزم‭ ‬نهجًا‭ ‬إنسانيًا‭ ‬في‭ ‬حكمه‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬المتين‭ ‬مع‭ ‬مواطنيه،‭ ‬ويتمسك‭ ‬بأي‭ ‬فرصة‭ ‬أو‭ ‬مناسبة‭ ‬أو‭ ‬محفل‭ ‬ليبث‭ ‬جديد‭ ‬الأمل‭ ‬وروح‭ ‬التفاؤل‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬زاهر‭ ‬وغد‭ ‬أفضل،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬جسامة‭ ‬التحديات‭ ‬ومهما‭ ‬عظمت‭ ‬الأعباء‭ ‬والمسؤوليات‭.‬

ولقد‭ ‬جاء‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬السامي،‭ ‬الذي‭ ‬تفضل‭ ‬به‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬لدى‭ ‬رعاية‭ ‬جلالته‭ ‬الكريمة‭ ‬لافتتاح‭ ‬دور‭ ‬الانعقاد‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬الفصل‭ ‬التشريعي‭ ‬الخامس‭ ‬لمجلسي‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب‭ ‬ببشائر‭ ‬عديدة‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬ركائز‭ ‬صلبة،‭ ‬حددها‭ ‬جلالته‭ ‬بكل‭ ‬حكمة‭ ‬ورسمها‭ ‬بكل‭ ‬دقة‭ ‬ووضع‭ ‬لها‭ ‬الصورة‭ ‬المثلى‭ ‬لتأتي‭ ‬بالثمار‭ ‬المرجوة‭ ‬منها‭ ‬والآمال‭ ‬المعقودة‭ ‬عليها‭.‬

فكما‭ ‬عودنا‭ ‬جلالته‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬خطاب‭ ‬أن‭ ‬يبث‭ ‬في‭ ‬النفوس‭ ‬الطمأنينة‭ ‬ويزيل‭ ‬الهواجس‭ ‬المخيفة‭ ‬ويدفع‭ ‬كل‭ ‬منابع‭ ‬اليأس‭ ‬والإحباط،‭ ‬جاء‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬السامي‭ ‬مستوعبًا‭ ‬لمعطيات‭ ‬الحاضر‭ ‬بكل‭ ‬جوانبه‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬ليصيغ‭ ‬باقتدار‭ ‬شديد‭ ‬رؤية‭ ‬مستقبلية‭ ‬لعصر‭ ‬نتمناه‭ ‬وغد‭ ‬نأمله‭ ‬ونعمل‭ ‬من‭ ‬أجله‭.‬

الركيزة‭ ‬الأهم‭ ‬والتي‭ ‬تبنى‭ ‬عليها‭ ‬الركائز‭ ‬الأخرى‭ ‬وهي‭ ‬الصحة،‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬نصيب‭ ‬من‭ ‬اهتمام‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى،‭ ‬إدراكًا‭ ‬من‭ ‬جلالته‭ ‬أن‭ ‬العناية‭ ‬بالصحة‭ ‬هي‭ ‬ركن‭ ‬رئيس‭ ‬لأي‭ ‬مجتمع‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مستقبله؛‭ ‬لأنها‭ ‬تصنع‭ ‬الإنسان‭ ‬السليم‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬العطاء‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ميادين‭ ‬البناء،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬اتضح‭ ‬للجميع‭ ‬في‭ ‬الجائحة‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬البشرية‭ ‬حاليًا،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تأتي‭ ‬القيمة‭ ‬العليا‭ ‬لتوجيه‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬لتطوير‭ ‬الخطط‭ ‬الخاصة‭ ‬بتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الصحي‭ ‬وتوفير‭ ‬أفضل‭ ‬الخدمات‭ ‬الطبية،‭ ‬وإنشاء‭ ‬مشفى‭ ‬ومركز‭ ‬متخصص‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأمراض‭ ‬المعدية،‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬التحديات‭ ‬الصحية‭ ‬وطنيًا‭ ‬وإقليميًا‭.‬

ولأنهم‭ ‬سواعد‭ ‬الحاضر‭ ‬ورجال‭ ‬المستقبل،‭ ‬فإن‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬يولي‭ ‬الشباب‭ ‬عناية‭ ‬خاصة‭ ‬ويوجه‭ ‬دومًا‭ ‬لمبادرات‭ ‬سباقة‭ ‬وبرامج‭ ‬استراتيجية‭ ‬تضمن‭ ‬لهم‭ ‬المكانة‭ ‬الرفيعة‭ ‬وتمكنهم‭ ‬من‭ ‬أداء‭ ‬الدور‭ ‬المنوط‭ ‬بهم‭ ‬على‭ ‬الوجه‭ ‬الأكمل،‭ ‬فكان‭ ‬توجيه‭ ‬جلالته‭ ‬بإنشاء‭ ‬صندوق‭ ‬يستثمر‭ ‬ويدعم‭ ‬طاقات‭ ‬وطموحات‭ ‬وابتكارات‭ ‬الشباب‭ ‬البحريني‭ ‬لإنشاء‭ ‬وتملك‭ ‬الأعمال‭ ‬والشركات،‭ ‬بإشراف‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬ناصر‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ممثل‭ ‬جلالته‭ ‬للأعمال‭ ‬الإنسانية‭ ‬والشباب‭.‬

إن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬كما‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬تعيش‭ ‬ظرفًا‭ ‬استثائيًا‭ ‬صعبًا‭ ‬وتحديًا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬جائحة‭ ‬كوفيد‭ ‬19‭ ‬وتداعياتها‭ ‬المؤلمة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة،‭ ‬لكنها‭ ‬بفضل‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬ثم‭ ‬بعزم‭ ‬وحكمة‭ ‬وإنسانية‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬نموذجًا‭ ‬للمواجهة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬جاهزية‭ ‬حكومية‭ ‬بتنظيماتها‭ ‬الإدارية‭ ‬العريقة‭ ‬وسياساتها‭ ‬المرنة‭ ‬والفعّالة،‭ ‬برئاسة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬الموقر،‭ ‬وبقيادة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد،‭ ‬ويقوم‭ ‬على‭ ‬الخطط‭ ‬الاستباقية‭ ‬المدروسة‭ ‬والإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬الضامنة‭ ‬لصحة‭ ‬وسلامة‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬مواطنين‭ ‬ومقيمين‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تفرقة‭ ‬أو‭ ‬تمييز،‭ ‬وتقديم‭ ‬كل‭ ‬سبل‭ ‬العون‭ ‬والدعم‭ ‬والمساعدة‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬العيش‭ ‬الكريم‭ ‬ومواصلة‭ ‬مشوار‭ ‬الحياة‭ ‬بثقة‭ ‬وتفاؤل،‭ ‬مهما‭ ‬كلف‭ ‬ذلك‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬أعباء‭ ‬اضافية،‭ ‬تجسيدًا‭ ‬لنهج‭ ‬جلالته‭ ‬الحكيم‭ ‬بأن‭ ‬“المواطن‭ ‬أولا”‭ ‬وقبل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭.‬

ولأجل‭ ‬مواصلة‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬اللافت‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬محل‭ ‬تقدير‭ ‬واعتزاز‭ ‬الجميع،‭ ‬ونال‭ ‬إشادة‭ ‬عالمية‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭ ‬أثنت‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬النهج‭ ‬والقرارات‭ ‬والإجراءات‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬أزمة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬وللوقاية‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأزمات‭ ‬الطارئة‭ ‬والخطيرة،‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كلمته‭ ‬السامية‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬اكتساب‭ ‬وامتلاك‭ ‬معارف‭ ‬وتقنيات‭ ‬علوم‭ ‬المستقبل،‭ ‬والتفوّق‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬المتقدمة،‭ ‬والسبق‭ ‬والاحتراف‭ ‬العلمي‭ ‬والمعرفي‭.‬

ويبقى‭ ‬للاقتصاد‭ ‬دوره‭ ‬وأهميته‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬للمستقبل‭ ‬المنشود‭ ‬لاسيما‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬ناله‭ ‬من‭ ‬أضرار‭ ‬بسبب‭ ‬الجائحة‭ ‬التي‭ ‬القت‭ ‬بتداعياتها‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬بالعمل‭ ‬المشترك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التعافي‭ ‬السريع‭ ‬لاقتصادنا‭ ‬الوطني‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وفقا‭ ‬لرؤية‭ ‬البحرين‭ ‬الاقتصادية‭ ‬2030،‭ ‬وهي‭ ‬مسؤولية‭ ‬مشتركة‭ ‬للسلطتين‭ ‬التنفيذية‭ ‬والتشريعية‭ ‬بمشاركة‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬فاعلة‭ ‬ومؤثرة‭ ‬للقطاع‭ ‬التجاري‭ ‬والاقتصادي‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬ليكون‭ ‬التعافي‭ ‬سريعا‭ ‬وكبيرًا‭.‬

وبعد‭ ‬أن‭ ‬أحاط‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬بالقضايا‭ ‬الوطنية‭ ‬وصاغ‭ ‬بحكمة‭ ‬كبيرة‭ ‬سبل‭ ‬التقدم‭ ‬والإنجاز‭ ‬ووضع‭ ‬محركات‭ ‬دفع‭ ‬العملية‭ ‬التنموية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الفروع‭ ‬والميادين،‭ ‬أكد‭ ‬جلالته‭ ‬رسالة‭ ‬البحرين‭ ‬للعالم‭ ‬بأسره‭ ‬وهي‭ ‬رسالة‭ ‬سلام‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬محبة‭ ‬للسلام‭ ‬ومشاركة‭ ‬في‭ ‬صنعه‭ ‬وداعمة‭ ‬لكل‭ ‬جهود‭ ‬إرسائه‭ ‬وتثبيته‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬ليعيش‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬وازدهار،‭ ‬لهذا‭ ‬أشار‭ ‬جلالته‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬السامي‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬تثبيت‭ ‬أركان‭ ‬السلام‭ ‬الشامل‭ ‬والعادل‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬عبر‭ ‬تفعيل‭ ‬المبادرة‭ ‬العربية،‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭.‬

وفي‭ ‬الختام،‭ ‬فإنني‭ ‬يا‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬وإذ‭ ‬أؤكد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬دواعي‭ ‬فخر‭ ‬واعتزاز‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬أن‭ ‬يحظى‭ ‬بتلك‭ ‬الإشادة‭ ‬الرفيعة‭ ‬والكريمة‭ ‬التي‭ ‬حملها‭ ‬خطابكم‭ ‬السامي‭ ‬والتي‭ ‬تعكس‭ ‬وفاءً‭ ‬معهودًا‭ ‬لجلالتكم‭ ‬إزاء‭ ‬شعبكم،‭ ‬لأؤكد‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬يبادلكم‭ ‬الوفاء‭ ‬بحب‭ ‬كبير‭ ‬وتقدير‭ ‬عظيم‭ ‬وامتنان‭ ‬كبير،‭ ‬فما‭ ‬حققته‭ ‬وتحققه‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬نجاحات‭ ‬ومنجزات‭ ‬ريادية‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬نتاج‭ ‬قيادتكم‭ ‬السديدة‭ ‬وتوجيهاتكم‭ ‬الحكيمة‭ ‬التي‭ ‬سنظل‭ ‬نفخر‭ ‬بها‭ ‬وندعمها‭ ‬ونلتف‭ ‬جميعا‭ ‬حولها‭.‬