مواقف إدارية

عندما يكون القرار ردة فعل!

| أحمد البحر

بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬المتحدث‭ ‬من‭ ‬عرض‭ ‬شريط‭ ‬حياته‭ ‬العملية‭ ‬في‭ ‬جلسة‭ ‬خاصة‭ ‬توجه‭ ‬إليه‭ ‬أحدهم‭ ‬بالسؤال‭ ‬التالي‭: ‬خلال‭ ‬حياتك‭ ‬العملية‭ ‬والتي‭ ‬تجاوزت‭ ‬الأربعين‭ ‬عاما،‭ ‬تقلدت‭ ‬خلالها‭ ‬مناصب‭ ‬قيادية‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مؤسسة،‭ ‬ما‭ ‬الموقف‭ ‬أو‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬تمنيت‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬قد‭ ‬اتخذته،‭ ‬وهل‭ ‬عدلت‭ ‬عنه‭ ‬أو‭ ‬سحبته‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تأكدت‭ ‬بأن‭ ‬المعطيات‭ ‬والمعلومات‭ ‬التي‭ ‬بني‭ ‬عليه‭ ‬ذاك‭ ‬القرار‭ ‬كانت‭ ‬غير‭ ‬دقيقة؟

نعم‭ ‬ودون‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬التفاصيل،‭ ‬أخطأت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي،‭ ‬فكما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬بأنه‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬هناك‭ ‬عمل‭ ‬هناك‭ ‬أخطاء‭. ‬لكن‭ ‬أخطاء‭ ‬القائد‭ ‬الإداري‭ ‬تكون‭ ‬مكلفة،‭ ‬مكلفة‭ ‬جدا‭. ‬كنت‭ ‬أعترف‭ ‬بالخطأ‭ ‬أمام‭ ‬زملائي‭ ‬ونقوم‭ ‬بتصحيحه‭ ‬ونعمل‭ ‬على‭ ‬التعلم‭ ‬منه‭ ‬لكي‭ ‬لايتكرر‭. ‬استطيع‭ ‬القول‭ ‬بأني‭ ‬عملت‭ ‬على‭ ‬ترسيخ‭ ‬ثقافة‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالخطأ‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬توليت‭ ‬قيادتها‭.‬

سألتك‭ ‬سيدي‭ ‬عن‭ ‬قرار‭ ‬ندمت‭ ‬على‭ ‬اتخاذه‭ ‬عندما‭ ‬علمت‭ ‬ان‭ ‬أسسه‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬دقيقة‭ ‬أو‭ ‬اتخذ‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬كنت‭ ‬خلالها‭ ‬مثلا‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬الانفعال‭ ‬وهل‭ ‬قمت‭ ‬بإلغائه‭ ‬فيما‭ ‬بعد؟‭ . ‬صمت‭ ‬المتحدث‭ ‬للحظات‭ ‬وكأنه‭ ‬كان‭ ‬ينتظر‭ ‬من‭ ‬يساعده‭ ‬في‭ ‬الإجابة‭ ‬ولكن‭ ‬ذاك‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬فقال‭:‬

نعم‭ ‬حدث‭ ‬ذلك‭ ‬وما‭ ‬زلت‭ ‬اذكر‭ ‬ذاك‭ ‬القرار‭ ‬جيدا‭ ‬واذكر‭ ‬تبعاته‭ ‬وأحس‭ ‬عندما‭ ‬يمر‭ ‬ذلك‭ ‬الشريط‭ ‬أمامي‭ ‬بأني‭ ‬أخطأت‭ ‬في‭ ‬اتخاذه‭ ‬فقد‭ ‬كاد‭ ‬أن‭ ‬يتسبب‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬مناخ‭ ‬غير‭ ‬صحي‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭. ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬كونه‭ ‬صعب‭ ‬الإنفاذ‭ ‬حتى‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬أنا‭ ‬شخصيا‭. ‬صدقوني‭ ‬إن‭ ‬قلت‭ ‬لكم‭ ‬بأني‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬فهمه‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬تنفيذه‭ ‬فقط‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬القرار‭ ‬ضروريا‭ ‬ولكنه‭ ‬جاء‭ ‬كردة‭ ‬فعل‭ ‬متسرعة‭ ‬وتحت‭ ‬تأثير‭ ‬الانفعال‭ ‬الشديد‭. ‬لم‭ ‬اسحبه‭ ‬فللقرار‭ ‬هيبته‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬البعض،‭ ‬ولكني‭ ‬وضعت‭ ‬المعايير‭ ‬والإجراءات‭ ‬والشروط‭ ‬الكفيلة‭ ‬بتهميشه‭ ‬وتحجيمه‭ ‬فأصبح‭ ‬كأنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭.‬

يقول‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬العبد‭ ‬القادر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭: ‬’’‭... ‬ومن‭ ‬أخطر‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬تتخذ‭ ‬فيها‭ ‬القرار‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬غضب‭ ‬أو‭ ‬حالة‭ ‬تأثر‭ ‬إنفعالي‭. ‬سواء‭ ‬بالفرح‭ ‬أو‭ ‬الحزن‭ ‬أو‭ ‬الحب‭ ‬أو‭ ‬الكراهية‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬مما‭ ‬يخالج‭ ‬الانسان‭ ‬من‭ ‬مشاعر،‭ ‬فالانسان‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬لايقيس‭ ‬الأمور‭ ‬بمقاييسها‭ ‬الطبيعية‘‘‭. ‬

انتهى‭.‬

‭ ‬مارأيك‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ؟