مجموعة أممية

| د. عبدالله الحواج

يبادر‭ ‬من‭ ‬بعيد،‭ ‬ويضع‭ ‬هموم‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬القلب‭ ‬من‭ ‬اهتماماته،‭ ‬ها‭ ‬هو‭ ‬الأب‭ ‬الرئيس‭ ‬يطلق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬“رؤى‭ ‬البحرين”،‭ ‬مبادرة‭ ‬أممية‭ ‬لمواجهة‭ ‬تأثيرات‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬على‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وها‭ ‬هي‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مديرها‭ ‬العام‭ ‬تيدروس‭ ‬أدهانوم‭ ‬تستجيب‭ ‬على‭ ‬الفور،‭ ‬مثمنة‭ ‬المبادرة‭ ‬الكريمة‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬شفاه‭ ‬الله‭ ‬وعافاه‭ ‬بضرورة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تحركًا‭ ‬دوليًا‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬وضع‭ ‬القطاع‭ ‬الصحي‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬أولويات‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬لضمان‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬قدرات‭ ‬التأهب‭ ‬والاحتراز‭ ‬خلال‭ ‬مرحلة‭ ‬التعافي‭ ‬من‭ ‬جائحة‭ ‬“كوفيد‭ ‬19”‭.‬

المطلوب‭ ‬إذًا‭ ‬صوتًا‭ ‬دوليًا‭ ‬قويًا‭ ‬لدعم‭ ‬مرونة‭ ‬السكان‭ ‬صمودًا‭ ‬وتصدي‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬بقاع‭ ‬الأرض؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬امتصاص‭ ‬الصدمات‭ ‬العنيفة‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭ ‬اقتصاديات‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬وذلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬حشد‭ ‬الجهود‭ ‬الأممية‭ ‬وامتلاك‭ ‬الخطط‭ ‬والمشروعات‭ ‬الكفيلة‭ ‬بدرء‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنجم‭ ‬خلال‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬الآثار‭ ‬التي‭ ‬خلفها‭ ‬الفيروس‭ ‬اللعين‭ ‬على‭ ‬البشرية‭ ‬جمعاء‭.‬

إن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬لا‭ ‬يغفل‭ ‬ولا‭ ‬يتأخر‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬سموه‭ ‬يتلقى‭ ‬العلاج‭ ‬الشافي‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬عن‭ ‬التعاطي‭ ‬من‭ ‬إنسانية‭ ‬الإنسان،‭ ‬مع‭ ‬شؤونه‭ ‬وشجونه‭ ‬وهمومه،‭ ‬فكان‭ ‬منتدى‭ ‬“رؤى‭ ‬البحرين”‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬انعقاده‭ ‬“أون‭ ‬لاين”‭ ‬مؤخرًا؛‭ ‬ليبعث‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬برسالة‭ ‬إلى‭ ‬أمة‭ ‬الدنيا‭ ‬مناشدًا‭ ‬إياها‭ ‬بضرورة‭ ‬ألا‭ ‬يغفل‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬نماءه‭ ‬المستدام،‭ ‬وألا‭ ‬يتغاضى‭ ‬أبدًا‭ ‬عن‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬بمفهومها‭ ‬الشامل‭ ‬الجامع‭ ‬حتى‭ ‬يضمن‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب‭ ‬“المريض”‭ ‬حياة‭ ‬أكثر‭ ‬استقرارًا،‭ ‬وأقل‭ ‬تعرضًا‭ ‬للمخاطر‭ ‬والجوائح‭ ‬والكوارث‭ ‬الطبيعية،‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬يلعب‭ ‬فيها‭ ‬الإنسان‭ ‬دورًا‭ ‬مركزيًا؛‭ ‬كونه‭ ‬يفتقد‭ ‬إلى‭ ‬الوعي‭ ‬المطلوب،‭ ‬وإلى‭ ‬العلوم‭ ‬الكفيلة‭ ‬بتعويض‭ ‬التجاوزات،‭ ‬وتفويت‭ ‬الفرص‭ ‬كل‭ ‬الفرص‭ ‬على‭ ‬المتربصين‭ ‬بنظافة‭ ‬البيئة،‭ ‬وصحة‭ ‬البشر،‭ ‬ونماء‭ ‬الأمم‭ ‬والمجتمعات‭.‬

من‭ ‬الواضح‭ ‬تمامًا‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬وهذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بغريب‭ ‬أو‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬سموه‭ ‬أنه‭ ‬يتابع‭ ‬أوضاع‭ ‬عالمنا‭ ‬عن‭ ‬كثب،‭ ‬وأن‭ ‬سموه‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬التيقن‭ ‬بأن‭ ‬تصويب‭ ‬مسارات‭ ‬خططنا‭ ‬التي‭ ‬كنا‭ ‬قد‭ ‬رسمناها‭ ‬قبل‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تعديل،‭ ‬إلى‭ ‬تبديل‭ ‬في‭ ‬زوايا‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬الواقع‭ ‬الجديد،‭ ‬فنجد‭ ‬سموه‭ ‬وهو‭ ‬يناشد‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬العقول‭ ‬المتفكرة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬محفزًا‭ ‬إياهم‭ ‬بضرورة‭ ‬الانتباه‭ ‬للمخاطر‭ ‬المحدقة‭ ‬بالإنسانية‭ ‬جمعاء،‭ ‬منوهًا‭ ‬سموه‭ ‬بضرورة‭ ‬التتبع‭ ‬الحثيث‭ ‬لمسارات‭ ‬الآثار،‭ ‬ونتائج‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬خلفته‭ ‬جائحة‭ ‬“كوفيد‭ ‬19”،‭ ‬بالإضافة‭ ‬طبعًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬“رؤى‭ ‬البحرين”‭ ‬ذلك‭ ‬المنتدى‭ ‬الإلكتروني‭ ‬السباق‭ ‬قد‭ ‬أطلق‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المناشدات‭ ‬للمجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬لكي‭ ‬يتحمل‭ ‬مسؤولياته‭ ‬لمواجهة‭ ‬تداعيات‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬الحسبان‭ ‬سواء‭ ‬بالنسبة‭ ‬لما‭ ‬يحيط‭ ‬بالموارد‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬تحديات،‭ ‬وما‭ ‬يواجه‭ ‬خطط‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬التنمية‭ ‬من‭ ‬عثرات،‭ ‬وما‭ ‬تتعرض‭ ‬له‭ ‬صحة‭ ‬بني‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬جوائح‭ ‬غير‭ ‬تقليدية،‭ ‬ومفاجآت‭ ‬اصطناعية،‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬ضرورة‭ ‬التكاتف‭ ‬والتعاون‭ ‬الدولي،‭ ‬وما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬أثبتت‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬أصبح‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬صغيرة،‭ ‬وأنه‭ ‬ليس‭ ‬بالمستحيل‭ ‬أن‭ ‬ينتقل‭ ‬الوباء‭ ‬ويسري‭ ‬البلاء‭ ‬في‭ ‬شرايين‭ ‬مجتمع‭ ‬بني‭ ‬الإنسان‭ ‬كما‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬الهشيم‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬أبعد‭ ‬البعيد‭ ‬عن‭ ‬ديارنا‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يصيبنا‭ ‬في‭ ‬الصميم‭ ‬بأسرع‭ ‬من‭ ‬طرفة‭ ‬عين‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬القائد‭ ‬حريصًا‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬مبادرته‭ ‬الكريمة‭ ‬بالصمود‭ ‬والتصدي‭ ‬الجماعي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تشكيل‭ ‬مجموعات‭ ‬أممية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬المواجهة،‭ ‬يدًا‭ ‬بيد،‭ ‬وقلبًا‭ ‬على‭ ‬قلب،‭ ‬والله‭ ‬الموفق‭ ‬والمستعان‭.‬