حتى متى لا نتبين الأمور؟!
| أحمد جمعة
لا أدعي الإفتاء بالنظريات والآليات الاقتصادية، لكنني على الأقل بحكم وعيي وفهمي ودراسة تجارب الأمم وخياراتها بوقتِ التحديات، أستطيع أن أجزم وبالمطلق بأن ما ذهب إليه عضو مجلس شورى عندما تحدث مؤخرًا وليته لم يفعل ولم يدلِ بهذا الجزم، حينما ذكّر بأن الضرائب تعتبر الملاذ الأخير في معظم دول العالم لتحسين الإيرادات وذلك من خلال فرض ضريبة إضافية!!
الاستثمار الحقيقي الذي يحفظ للأمم تفوقها والذي نرى نتائجه في أمم الغرب الصناعية، يبدأ من فهم التحديات وليس الاستسلام لها والانزلاق لمزيد من التأزيم، ألم يدرك أو يقرأ أو يسمع عضو الشورى الذي وجد الملاذ الأخير بفرض مزيد من الضرائب عن نظرية أو آلية اسمها التحفيز؟ تتبعها الدول بوقتِ الأزمات والضائقة المالية؟ ألم يتناهى له طوال سنوات ما سعت له أغلب الدول في الشرق والغرب بتخفيض الضرائب كملاذٍ أخير لتحفيز الاقتصاديات لتشجيع الاستثمار وتحريك الركود لدفع عجلة التنمية بوتيرةٍ محفزة بدل تقييدها بالضرائب التي وإن كانت بوقتٍ ما دافعا للمساعدة لتجاوز الأزمات، لكنها بأوقات أخرى تصبح محطمة للتنمية، وسببا في الركود من خلال تراجع القوة الشرائية وترهيب الاستثمار، وقد بدأ الرئيس الأميركي ترامب ولايته بخفض الضرائب بدرجة كبيرة وكانت له نتيجته التي لا أعلم إن كان عضو الشورى على علمِ بها، وكذا الأمر بكثير من الدول مؤخرًا التي عملت على اتباع سياسة التحفيز وليس فرض القيود والضرائب!
عندما نتطلع للحاق بالنظام العالمي المتحرك، علينا أن نبني خطة أو استراتيجية قائمة على الاستثمار في الإنسان قبل التفكير بتجارب عشوائية ودعم الشركات والأفراد وتأسيس المشاريع وتحفيز القوة الشرائية للمواطن ليسهم ذلك بدوره في تحريك السوق الميت. أرجو ألا يؤخذ كلامي هنا بأنه استخفاف أو تهكم، لأن الكلام عن الضرائب سهل جدًا على اللسان ولكن نتائجه وخيمة إن لم نقدر التداعيات ممن يطلق التصريحات دون الحرص على عدم الخوض بعناوين مخيفة من شأنها إرعاب السوق وترسيخ الركود، فالتصريحات سهلة، لكن نتائجها وخيمة إذا لم نحسب تداعياتها.
الاستثمار الحقيقي هو ذلك الذي يصنع قاعدة تبدأ بالإنسان وتنتهي بالإنسان، هو الذي يفتح المصانع ويؤسس القواعد ويقيم المشاريع الناجحة والمدرة للأموال والأرباح، الإنسان عندما تتاح له فرصة العمل القائم على قواعد خارج التجارب هو الضمانة الحقيقية لمسيرة طويلة من النجاح تبدأ بخطوات ثابتة أساسها الإنسان.
تنويرة:
من علامات الجهل الادعاء بعدمه.