زبدة القول

رواتب موظفي العراق

| د. بثينة خليفة قاسم

ما‭ ‬هو‭ ‬شعور‭ ‬أي‭ ‬مواطن‭ ‬عربي‭ ‬وهو‭ ‬يستمع‭ ‬ويشاهد‭ ‬على‭ ‬الشاشات‭ ‬أن‭ ‬موظفي‭ ‬دولة‭ ‬العراق‭ ‬لم‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬رواتبهم‭ ‬لمدة‭ ‬أربعين‭ ‬يوما؟‭ ‬خبر‭ ‬مدهش‭ ‬وصادم‭ ‬حقا‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬تداولته‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬يوم‭ ‬‮٤‬‭ ‬أكتوبر‭ ‬الجاري،‭ ‬وسبب‭ ‬الدهشة‭ ‬والصدمة‭ ‬هنا‭ ‬ليس‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للحدوث،‭ ‬فكثيرا‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬كثيرة،‭ ‬لكن‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬بالذات‭!‬

العراق‭ ‬الذي‭ ‬أغناه‭ ‬الله‭ ‬وأعطاه‭ ‬جميع‭ ‬الخيرات،‭ ‬فقد‭ ‬أعطاه‭ ‬الأرض‭ ‬الخصبة‭ ‬وأعطاه‭ ‬الماء‭ ‬والنفط،‭ ‬فكيف‭ ‬يأتي‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬فيه‭ ‬الموظفون‭ ‬العراقيون‭ ‬رواتبهم؟

العراق‭ ‬الذي‭ ‬طالما‭ ‬منح‭ ‬العطايا‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬واستقبل‭ ‬الملايين‭ ‬لكي‭ ‬يعيشوا‭ ‬على‭ ‬أرضه‭ ‬ويستفيدوا‭ ‬من‭ ‬خيراته،‭ ‬جاء‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬خوت‭ ‬خزائنه‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬رواتب‭ ‬الموظفين‭! ‬أليس‭ ‬هذا‭ ‬أمرا‭ ‬عجيبا؟‭ ‬مرت‭ ‬سبعة‭ ‬عشر‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬اعتقد‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬العراقيين‭ ‬وغير‭ ‬العراقيين‭ ‬أنه‭ ‬نهاية‭ ‬كل‭ ‬الشرور‭ ‬والمظالم‭ ‬والقهر‭ ‬والاستبداد،‭ ‬وأنه‭ ‬بداية‭ ‬الخير‭ ‬والحرية‭ ‬والكرامة‭ ‬والعيش‭ ‬الرغيد‭ ‬والديمقراطية‭ ‬وحرية‭ ‬الرأي؟‭ ‬فهل‭ ‬رأى‭ ‬العراقيون‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأشياء؟

هذا‭ ‬ليس‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬العهد‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬لهذا‭ ‬العهد‭ ‬أخطاؤه‭ ‬وخطاياه‭ ‬ومغامراته‭ ‬التي‭ ‬ضربت‭ ‬الأمة‭ ‬في‭ ‬مقتل،‭ ‬لكنه‭ ‬تأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬للعراق‭ ‬هو‭ ‬كالذي‭ ‬جرى‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الأخرى،‭ ‬الذي‭ ‬جرى‭ ‬للعراق‭ - ‬وغيره‭ - ‬هو‭ ‬هدم‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬أهلها،‭ ‬الذي‭ ‬جرى‭ ‬ليس‭ ‬تغيير‭ ‬أنظمة،‭ ‬لكنه‭ ‬تخريب‭ ‬وسرقة‭ ‬لمقدرات‭ ‬الدول‭ ‬وتفكيك‭ ‬لجيوشها‭ ‬وإعادتها‭ ‬للعصر‭ ‬الحجري‭.‬

 

العراق‭ ‬ذلك‭ ‬البلد‭ ‬الجميل‭ ‬تم‭ ‬نهبه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬لصوص‭ ‬كثر‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬سنوات‭ ‬مضت،‭ ‬والشعب‭ ‬العراقي‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان،‭ ‬وهاهو‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬حتى‭ ‬الرواتب،‭ ‬وإنا‭ ‬لله‭ ‬وإنا‭ ‬إليه‭ ‬راجعون‭.‬