سوالف

الأديب البحريني.. لوحة شاخت واهترأت فيها الألوان

| أسامة الماجد

ليس‭ ‬تعميما‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬شعور‭ ‬بأن‭ ‬الأديب‭ ‬البحريني‭ ‬مشتت‭ ‬“من‭ ‬فوق‭ ‬ومن‭ ‬تحت”،‭ ‬مشتت‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬وفي‭ ‬الخارج‭ ‬والداخل‭ ‬وإلى‭ ‬الأمام،‭ ‬ويسير‭ ‬فوق‭ ‬حقول‭ ‬ومناجم،‭ ‬ويعيش‭ ‬الركود‭ ‬والتجمد‭ ‬منذ‭ ‬فترات‭ ‬طويلة‭ ‬وكأنه‭ ‬ابتعد‭ ‬عن‭ ‬التقدم‭ ‬ومواكبة‭ ‬الحضارة‭ ‬المعاصرة‭ ‬وإغنائها‭ ‬بدفقات‭ ‬من‭ ‬الإبداع‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أوجه‭ ‬النشاط‭ ‬الإنساني،‭ ‬والسبب‭ ‬يعود‭ ‬وكما‭ ‬كتب‭ ‬أستاذنا‭ ‬أحمد‭ ‬جمعة‭ ‬في‭ ‬زاويته‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬وحسب‭ ‬وجهة‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬“استيراد‭ ‬الثقافات‭ ‬الخارجية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المنتج‭ ‬الوطني”‭.‬

لن‭ ‬نزيد‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬أحمد‭ ‬جمعة‭ ‬إلا‭ ‬بالقول‭ ‬إن‭ ‬رجال‭ ‬الفكر‭ ‬والأدب‭ ‬هم‭ ‬بحكم‭ ‬التعريف‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬القيادة‭ ‬للمجتمع،‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬كان،‭ ‬فهم‭ ‬قبل‭ ‬سواهم،‭ ‬أجدر‭ ‬بفهم‭ ‬الواقع‭ ‬وتحليله‭ ‬وأقدر‭ ‬على‭ ‬استجلاء‭ ‬آفاق‭ ‬مستقبل‭ ‬الأمة‭ ‬ومستقبل‭ ‬الإنسان،‭ ‬وأقدر‭ ‬بالتالي‭ ‬على‭ ‬اكتشاف‭ ‬بل‭ ‬ابتداع‭ ‬الحلول‭ ‬المناسبة‭ ‬للمعضلات،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬لهم‭ ‬تأثير‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬الضمير‭ ‬والتفكير‭ ‬الجماعي‭ ‬والفردي‭ ‬تأثيرا‭ ‬إيجابيا‭ ‬وكبيرا‭.‬

إن‭ ‬الأدب‭ ‬والفن‭ ‬وسائر‭ ‬إبداعات‭ ‬الفكر‭ ‬تستتبع‭ ‬مسؤولية‭ ‬أصحابها‭ ‬ومبدعيها،‭ ‬فالكلمة‭ ‬ليست‭ ‬أثرا‭ ‬بديعيا‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬مسؤولية‭ ‬الكاتب‭ ‬الذي‭ ‬كتبها،‭ ‬ومن‭ ‬نتائج‭ ‬فعلها‭ ‬في‭ ‬الجماعة‭ ‬وفي‭ ‬الحضارة‭ ‬تتحدد‭ ‬مسؤولية‭ ‬صاحبها‭. ‬إن‭ ‬الكاتب‭ ‬الجدير‭ ‬باسمه‭ ‬هو‭ ‬أولا‭ ‬إنسان‭ ‬يحس‭ ‬بمسؤولية‭ ‬الكلمة‭ ‬وأمانتها‭ ‬مثلما‭ ‬يحس‭ ‬بآثارها‭ ‬وفعلها‭ ‬ونتيجة‭ ‬لهذا‭ ‬الإحساس‭ ‬المرهف‭ ‬الحاد‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يجيز‭ ‬لنفسه‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬من‭ ‬النتاج‭ ‬الأدبي‭ ‬والفني‭ ‬والفكري‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إغناء‭ ‬الفكر‭ ‬وترسيخ‭ ‬قيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬الحرية‭ ‬والتقدم‭ ‬والمعرفة‭ ‬ورفع‭ ‬شأن‭ ‬الإنسان،‭ ‬ولأن‭ ‬الكاتب‭ ‬يحتل‭ ‬مكان‭ ‬الطليعة‭ ‬في‭ ‬مجتمعه‭ ‬فإن‭ ‬مسؤولية‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬مسؤولية‭ ‬الآخرين‭.‬

 

لقد‭ ‬اختلف‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬اليوم‭ ‬وأصبح‭ ‬الأديب‭ ‬البحريني‭ ‬الفرع‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬الأصل،‭ ‬وبات‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬شمعة‭ ‬وسط‭ ‬الظلمات‭ ‬المتراكمة‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬إنه‭ ‬أشبه‭ ‬باللوحة‭ ‬التي‭ ‬شاخت،‭ ‬واهترأت‭ ‬فيها‭ ‬الألوان‭.‬